ختان الإناث معضلة تؤرق المجتمع السوداني رغم "تجريمه"
23:26 - 16 أغسطس 2021ببراءة شديدة تحتفل الطفلة عائشة ذات الأعوام الخمسة بفستانها الأحمر المطرز بخيوط ذهبية وبحنائها ذات الرسومات السوداء؛ لكنها لم تكن تدري أنها ستصبح بعد ساعات ضمن أكثر من 85 % من السودانيات اللائي تعرضت أعضائهن التناسلية لتشويه كلي أو جزئي، بسبب عادة ختان الإناث التي لا زالت تلقى رواجا كبيرا في الريف السوداني رغم صرامة القوانين التي تمنع ممارستها.
ووفقا لإحصائيات أجرتها اليونسيف في العام 2014 فإن 86.6 %من النساء والفتيات في السودان تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية الأنثوية، وأن 83% من هذه النسبة مختونات ختانا فرعونيا –وهو الختان الذي تزال فيه أعضاء حيوية في الجهاز التناسلي للأنثى. إلا أن مراقبين يؤكدون بأن النسبة انخفضت في الفئات العمرية أقل من 14 عاما حيث انخفضت النسبة من 37 % التي كانت في عام 2010، إلى 31.5 % في عام 2014.
إصرار مستمر
رغم حملات التوعية الكثيفة والقوانين الصارمة التي تجرم ختان الإناث؛ إلا أن الكثير من الأمهات والجدات السودانيات يتمسكن بـ" ختان" طفلاتهن.
وتنص التعديلات التي أجازتها الحكومة الانتقالية على المادة 141 من القانون الجنائي المعدَّل في العاشر من يوليو من العام 2020، على عقوبات تتضمن السجن والغرامة وسحب ترخيص العمل للمتورطين في جريمة ختان الإناث.
وتقول والدة عائشة لموقع "سكاي نيوز عربية " إنها سبق أن ختنت صبيتين تكبران عائشة، وأنها وجميع أفراد عائلتها لا يزالون يتمسكون بعادة ختان الإناث. وتؤكد والدة الطفلة عائشة سماعها بالقوانين التي تجرّم الممارسة إلا أن مجتمع قبيلتها يرفض الفتاة غير المختونة ويعيرّها بعبارات نابية؛ لذا فإنها تتمسك بالممارسة.
مجتمع لا يرحم
تسخر أم عائشة من القوانين والآراء التي تجرّم ممارسة عادة الختان؛ وتقول إن الكثير من الناس يداومون عليها علنا أو سرا. وتوضح "عادة الختان لا تزال موجودة خصوصا في الريف والمناطق الطرفية في المدن لأن المجتمع لا يرحم اللائي لا يختتن بناتهن".
حالة أم عائشة تمثل حال أمهات كثيرات – من الطبقة ذات التعليم المحدود التي توجد في أطراف الخرطوم وبعض مدن السودان المختلفة وقراه - اللائي لا زلن يمارسن ختان الإناث رغم مرور عام وشهر على استحداث التعديلات التي تجرّم ختان الإناث.
وتتخوف حقوقيات وناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة من ألا يردع القانون المجتمع وخاصة النساء من ممارسة "ختان الإناث" خاصة وأن القوانين سبق أن سنت منذ العام 1946 عندما أصدر المستعمر أول قانون يجرم هذه الممارسة السالبة؛ إلا أن أهالي بعض المناطق تظاهروا ضده واعتبروه منتهكا لعاداتهم وتقاليدهم.
وفي العام 1973 أصدر الرئيس الأسبق جعفر نميري مادة أدرجها في القانون الجنائي وقضت المادة بمنع بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. أما القانون الذي أجازته الحكومة الانتقالية تحت المادة" 141" –والذي قدمه وزير العدل نصر الدين عبد البارئ، في أبريل من العام الماضي - فقد قضت مادته بالعقاب بالسجن والغرامة وسحب ترخيص العمل للمتورطين في ممارسة هذه الجريمة.
تحديات كبيرة
أكدت سلمى اسحق مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل - في المؤتمر السنوي الثالث للفتيات - أن عادة ختان الإناث من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع السوداني.
وفي ذات السياق، يقول الباحث أبو عاقلة إدريس لموقع "سكاي نيوز عربية " إن الدعوات لوجوب تجريم ختان الإناث ليست بالجديدة، لكن المجتمع ظل يقاومها.
ويوضح "في العام 1646 إبان عهد السلطنة الزرقاء طالب المصلح الاجتماعي الشيخ حمد ود أم مريوم بتحريم ختان الإناث وبعد ذلك تبعه الكثير من المصلحين الذين أفتوا بتجريم تلك العادة السيئة".
ودعت الناشطة والمهتمة بحقوق المرأة وعضوة الاتحاد النسائي رندة عبيد إلى ضرورة تكثيف التوعية المجتمعية.
وقالت عبيد لموقع سكاي نيوز عربية إن القوانين هي منظومة مواد يتوافق عليها المجتمع ولكنها تحتاج إلى المزيد من الجهد والتوعية لإنزالها إلى أرض الواقع.