بعد "الفوضى الأفغانية".. قلق وحسابات حذرة في شرق الفرات
23:24 - 16 أغسطس 2021تأخذ مجريات أفغانستان الراهنة موقعاً خاصاً، لدى مختلف المتابعين السياسيين والعسكريين في منطقة شرق الفرات، وذلك لتشابه العوامل السياسية والعسكرية في كِلا المنطقتين، لا سيما من حيث الوجود العسكري الأميركي وحمايته العسكرية والسياسية لكِلا المنطقتين، ونظرا لطبيعة التنظيمات السياسية والعسكرية المناهضة هناك.
ومنذ أن أعلنت الإدارة الأميركية عن قرارها النهائية بالانسحاب من أفغانستان، منذ أوائل شهر أبريل الماضي، أثيرت الأسئلة حول مستقبل الوجود الأميركي في باقي مناطق العالم، وبالذات في المناطق التي تشهد حروباً ومواجهات عسكرية، وبعضها يأخذ مناخ الحروب الأهلية، كما كان الوضع في أفغانستان، وهو وضع شبيه إلى حد ما بحالتي العراق وشمال شرقي سوريا.
الإشارات الأولية التي أرسلتها القياديات العسكرية والسياسية ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرق سوريا، حذرت من حدوث أمر مثل ذلك، حيث قد يؤدي الانسحاب الأميركي إلى عودة سريعة لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة بسرعة هائلة، كما أكدت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، إلهام أحمد، التي قالت إن مخاوف القوى السياسية والعسكرية في تلك المنطقة تزداد، خلال الفترة الأخيرة.
وكانت منطقة شرق الفرات والإدارة الذاتية التي تُديرها قد تأسست اعتباراً من العام 2015، حينما تلقت قوات سوريا الديمقراطية التي كانت تُقاتل تنظيم داعش في تلك المنطقة، (تلقت) دعماً عسكرياً وسياسياً أميركياً ميدانياً عالياً.
تحول ذلك الدعم عن طريق التقادم إلى قواعد عسكرية ووجود أميركي ميداني دائم على الأرض، ويُعتبر بمثابة الجهة الضامنة والحامية لحالة الاستقرار ولاستمرار الإدارة الذاتية في تلك المنطقة، في مواجهة مختلف الجهات المناوئة لها، سواء تركيا أو الحكومة السورية أو التنظيمات المتشددة التي هزمتها قوات سوريا الديمقراطية.
احتمالان في الأفق
الباحث الكُردي السوري سامان عثمان، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، تبعات مجريات أفغانستان الحالية على أوضاع شرق الفرات قائلا إن "تلك المجريات ستأخذ مسلكا واحدا من بين مسلكين في شرق الفرات. فإذا مالت حركة طالبان لنوع من التوافق السياسي الداخلي، وأثبتت أنها مختلفة عما كانت عليه قبل خمس وعشرين سنة، وتالياً جرت الأمور في أفغانستان بمستويات معقولة، فإن ذلك سيكون دافعاً لهذه الإدارة، وربما لإدارة أميركية قادمة، لأن تنسحب من شمال شرق سوريا وتترك الأمور هناك للديناميات الداخلية، بمزيد من الجرأة".
يضيف عثمان في حديثه مع سكاي نيوز عربية "على العكس تماماً، فإن حصول تدهور متسارع للأحداث على الأرض، مثل موجات كُبرى للاجئين ورعاية طالبان أو تحول أفغانستان لبؤرة للتنظيمات العالمية المتطرفة، سيدفع بالإدارة الأميركية لأن تمركز من وجودها في شرق الفرات، لأنها عموماً من أقل مناطق الوجود الأميركي تكلفة على مستوى العالم".
مصدر عسكري ضمن قوات سوريا الديمقراطية، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" تبعات مجريات أفغانستان على قواته "خلال الشهرين الماضيين، كُنا نأمل أن تتوصل الإدارة الذاتية في هذه المنطقة إلى توافقات مع النظام والمؤسسات المركزية السورية، لكن أحداث أفغانستان ربما تدفع النظام السوري للتريث أكثر، لاعتقاده أن أي انسحاب أميركي، أو حتى إشارة في ذلك الاتجاه، سيضعف من موقف وقدرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا".
يضيف المصدر في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، "تركيا والتنظيمات العسكرية الرديفة والمدعومة منها تملك رؤية قريبة مما يفكر به النظام السوري. فهم متأكدون من أنه في حال حصل الانسحاب الأميركي من هذه المنطقة، فإنها ستعود لتكون محل مساومة روسية تركية، دون أن يكون لها مستقبل مضمون حتى الوصول إلى حل سياسي سوري.