المترجمون الأفغان يضعون أيديهم على قلوبهم في ظل تقدم طالبان
00:19 - 11 أغسطس 2021تشتد المعارك الضارية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في مختلف أنحاء أفغانستان، فيما تمكن المتشددون من احتلال المزيد من مراكز الولايات في المناطق الشمالية الحساسة من البلاد.
وحيال هذا الوضع الميداني الذي تميل كفته لصالح طالبان، تثار الأسئلة حول مستقبل قرابة 70 ألف من المواطنين الأفغان، من بينهم 1200 مترجم، كانوا من المتعاونين مع الجيش الأميركي وقوات التحالف الدولي.
وتثار هذا المخاوف بشأن المتعاونين، فيما يتوقعون أن تنتقم منهم حركة طالبان، رغم أن الولايات المُتحدة وعدت باستقبالهم أو إعادة توطينهم.
غفران نشأتي واحدة من هؤلاء الأفغان، فقد عملت لمدة عشرة سنوات كاملة كمترجمة في قاعدة باغرام العسكرية شمال شرقي أفغانستان، بينما كانت تقيم عائلتها على بُعد 100 كيلومتر في العاصمة كابول.
تمكنت نشأتي من الفرار مع زوجها وابنتيها إلى تركيا عن طريق إيران، لكنها ما تزال تعيش حالة قلق شديد بشأن مصيرها.
محنة عابرة للحدود
تشرح نشأتي في حديث مع "سكاي نيوز عربية" ما تعيشه من وقائع راهنة، مع الآلاف من زملائها الآخرين "وصلت مع عائلتي إلى تركيا منذ أسبوعين، لكن مع الأسف فقدنا العديد من أوراقنا الرسمية، بما في ذلك نُسخ العقود التي كنا نعمل حسبها مع الجيش الأميركي، إذ كنا نخاف حملها معنا أثناء رحلة النزوح هذه".
وتضاف "مع وصولنا هنا فقدنا أغلب مدخراتنا، فالمهربون أخذوا منا قرابة أربعين ألف دولار. وهنا ترفض الحكومة التركية طلب التوطين الذي تقدمت به الولايات المُتحدة، وأميركا بدورها ليس لديها حاليا أي برنامج لتمكيننا من الحصول على الفيزا والسفر إلى الولايات المُتحدة".
تُكمل نشأتي حديثها لسكاي نيوز عربية "ليست المسألة شخصية تتعلق بأفراد المترجمين فحسب، فعائلتي الأكبر مثلاً، والداي وأربعة من إخوتي وأخواتي مع أطفالهم ما يزالون موجودين في مدينتين داخل أفغانستان، وليس هناك أية ضمانات من عدم انتقام حركة طالبان منهم، في حال سيطرتها على مختلف مناطق البلاد".
الأخبار المتتالية تقول إن حركة طالبان تتوفر على ملفات بأسماء الأغلبية المطلقة من المتعاونين، لا سيما المترجمين الذين تتهمهم بمساعدة القوات الأميركية في عمليات التحقيق مع مقاتليها خلال عشرين سنة ماضية.
طالبان تجهز الانتقام
وأكد شهود العيان في حديثهم مع "سكاي نيوز عربية"، أن المئات من الحواجز الأمنية التي وضعتها الحركة في العديد من مناطق أفغانستان، تتقصد البحث عن هؤلاء، بينما أعلنت عن جوائز مالية ومواقع إدارية لفائدة من يشي بأحد المترجمين الأفغان.
لا توجد أعداد رسمية لأعداد المترجمين الأفغان المتعاونين مع قوات التحالف الدولي في أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لكن العديدين منهم عملوا خلال فترات مؤقتة، والقليلون عملوا طوال عشرين عاماً، وبشكل رسمي.
لكن التقديرات غير الرسمية تقول إن أعدادهم تقارب 1200 مترجم، يشكلون مع عائلاتهم الصغيرة قرابة 8000 شخص. بينما يوجد 14 ألف متعاون أفغاني في القطاعات الأخرى، اللوجستية والاقتصادية، يشكلون مع ذويهم أكثر من 70 ألف شخص.
المعلومات التي اعترف بها الجيش الأميركي قالت أيضاً إنه ثمة 2.5 ألف عامل أجنبي في أفغانستان، من المتعاونين مع القوات الأميركية، لم تجلهم القوات الأميركية أثناء انسحابها، يشكلون مع عائلاتهم 7 آلاف شخص.
حماية محدودة
خطط التوطين والحماية السريعة التي أعلنتها الولايات المُتحدة بشأن المتعاونين الأفغان، تؤمن وصولاً سريعاً لـ3 آلاف أفغاني إلى الولايات المتحدة، من بينهم فقط 126 مترجما وعائلاتهم، إلى جانب 1200 ألف أفغاني إلى المملكة المُتحدة، وهؤلاء أقل من 7 في المائة ممن يفترض أن تجليهم عن أفغانستان.
الناشط والحقوقي الأفغاني نهراد سلامادي، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، المعضلة السياسية والقانونية في مسألة حماية وإجلاء المترجمين الأفغان من بلادهم من قِبل الولايات المُتحدة "في المضمون، يتعلق الأمر بالمسؤولية القانونية للولايات المتحدة تجاه هؤلاء، ففي العقود المُبرمة لا يوجد أي شيء ينص على الحماية الأمنية في حالة الانسحاب، فالمسؤولية سياسية وأخلاقية فحسب".
وأردف أنه "في هذا الجانب ثمة معارضة داخلية أميركية لتوطين كل هذا العدد، الذي قد يرتفع إلى نحو مئة ألف مواطن أفغاني لو فُتح الباب واسعاً. وهؤلاء يحتاجون لميزانية تقدر بما لا يقل عن عشرين مليار دولار، وهو مبلغ يحتاج لدورة كبيرة من بيروقراطية الكونغرس الأميركي".
يضيف سلامادي، والذي عمل لسنوات داخل أفغانستان لصالح مؤسسة تتلقى دعماً من الحكومة الأميركية "الموظفون والمشروعون الأميركيون يعرفون جيدا ما قد يعنيه استقبال هذا العدد الضخم من المترجمين والمتعاونين الأفغان، لأنه قد يفتح الباب أمام آلاف الطلبات بالحماية من قِبل متعاونين من الجيش الأميركي في مختلف أنحاء العالم.
وأضاف أن فتح الباب قد يدفع أيضا لأن تُقدم آلاف الطلبات بالحماية من قِبل مختلف السكان الذين تعاملوا مع الجيش الأميركي داخل أفغانستان، وكل ذلك يُعد مهمة شبه مستحيلة".