من لبنان.. إيران تحاول حصر قواعد الاشتباك خارج أراضيها
01:22 - 07 أغسطس 2021دون أية مصادفة، وبينما تتصاعد الحملة الدولية لمعاقبة إيران جراء سلوكها غير المسؤول من الأمن والتجارة الدولية، تصاعد التوتر في منطقة جنوب لبنان مع الجانب الإسرائيلي بتبادل للقصف المدفعي والصاروخي.
أغلبية واضحة من التحليلات السياسية والعسكرية ذهب للاعتقاد إن التصعيد في جبهة جنوب لبنان مفتعل تماماً، حيث تسعى إيران لأن تخلق بؤرة توتر إقليمية شديدة الحساسية والتركيب، بحيث ينشغل العالم عن مسألة معاقبة إيران على سلوكها الأمني والسياسي، وأن تكون الساحة اللبنانية مكاناً لتصفية الحسابات بينها وبين القوى الإقليمية والدولية المناوئة لها، بحيث تكون الخسائر البشرية والمادية على حساب الشعب اللبناني، خارج حدود إيران وما قد يعرضها لحرج وضعف أمام قواعدها الاجتماعي الداخلية.
الكاتب الإيراني ناشمي سرايداري، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية حساسية الموقف الداخلي للنظام السياسي الإيراني الحاكم في حال تلقيه لأية خسارة عسكرية داخل أراضيه "ثمة في بنية النظام الإيراني ما يشبه التوجهات الخطابية والسياسية التي كانت إبان النظام الناصري في مصر. فكل دعاية النظام الإيراني في الداخل تقول إن هذا النظام هو شرعي لأنه يتبنى قيم التصدي والممانعة والصمود في وجه القوى العالمية، التي يسميها النظام بـ(قوى الاستكبار)، وفي حال توجيه ضربة عسكرية للنظام بشكل مباشر وواضح، فإن انهياراً شاملاً سيصيب تلك الدعاية، ستفقد مضامينها وفاعلية تأثيرها على الطبقات الإيرانية المسحوقة، التي مارست عليها دعاية النظام الإيراني تأثيراً طوال أربعين عاماً".
يضيف سرايداري في حديثه "أما الطبقات الأكثر تجشماً وقابلية للانتفاض في وجه النظام، وهُم مؤلفون من ملايين الشُبان وأبناء الطبقة الوسطى التي تم تفقيرها، فزخمها واضح في المظاهرات التي تجتاح مختلف مناطق البلاد. هؤلاء سيكسرون حاجز الخوف دفعة واحدة لو تعرض النظام الإيراني لضربة عسكرية من القوى العالمية، وهذه أكبر مخاوف النظام التي تُهدد أساسه. والقوى الدولية تدرك ذلك تماماً، فهي لن تدخل في مواجهة عسكرية مع النِظام الإيراني بغية احتلال إيران، بل فقط لكسر هيبته المزيفة، فهي تعرف إن الشعب الإيراني كفيل بإسقاطه في المحصلة".
لكن اختيار لبنان دون غيره من مناطق نفوذ إيران في المشهد الإقليمي، حيث تهمين إيران أيضاً على ميليشيا الحوثي في اليمن وفصائل الحشد الشعبي في العراق، يبدو أمراً ذا دلالة حسب المعايير وأدوات التفكير السياسي الإيرانية.
ويُرجع المعارض الإيراني الأحوازي نشأت العُبيدي ذلك إلى ثلاثة عوامل يمتاز به "الحقل اللبناني" من النفوذ الإيراني في دول الإقليم، بالذات في هذه المرحلة.
ويشرح العُبيدي ذلك الأمر في حديث مع سكاي نيوز عربية "لأن لبنان هي مساحة احتكاك مع إسرائيل، حيث يعتقد العقل الاستراتيجي الإيراني إن أية مواجهة مع إسرائيل ستدفع القوى الغربية للانخراط في الأمر رغماً عنها، وهو أمر سيتطلب التواصل مع إيران، التي تعتبر نفسها الآمر الناهي على ميليشيا حزب الله. كذلك يعود الأمر إلى حساسية الملف اللبناني ودور ميليشيا حزب الله، حيث ثمة انقسام حاد بشأنها، بالذات من زاوية دور هذه الميليشيات في إدخال لبنان في بؤرة الصراع الدولي مع إيران. فذلك الانقسام الذي قد يتحول لمواجهات أهلية داخلية، سيكون متنفساً لإيران لابتزاز جميع الدول الإقليمية وحتى القوى الدولية من خلال لبنان".
يضيف العُبيدي: "إن أهم ما يميز ميليشيا حزب الله عن باقي الميليشيات الإيرانية إقليمياً هو (احترافها). فهذه الميليشيا اشتغلت عليها إيران لأربعة عقود كاملة، ومنخرطة في كل أجهزة الدولة ومؤسسات الحُكم في لبنان، وتسيطر نفسياً وأمنياً على الكثير من الجماعات والقوى السياسية اللبنانية، وطبعاً بنيتها العسكرية والتزامها التنظيمي أكثر رصانة من باقي الميليشيات، لذلك فهي المرشح الأول لتكون محل اعتماد إيراني، بالذات في هذا الوقت الضاغط على النظام الإيراني".
ويشكك المراقبون في قدرة رئيس الجمهورية اللبنانية أو الحكومة والبرلمان على إيقاف أي قرار إيراني عن طريق حزب الله والذي من شأنه أن يدخل لبنان في بؤرة التوتر بين إيران والقوى الدولية، فالحاكم الفعلي للبنان هو سُلطة سلاح حزب الله. لكنهم يتساءلون حول مدى انجرار القوى الدولية لهذه اللعبة الإيرانية، والتخلي عن معاقبتها المباشرة لإيران جراء سلوكها، وفي ساحتها الداخلية.