قرارات سعيّد وتدابيره.. كيف تراها القوى المدنية في تونس؟
12:49 - 30 يوليو 2021عقب قراراته بتجميد عمل مجلس النواب وإعفاد رئيس الحكومة من منصبه، جاءت التحركات المكثفة للرئيس التونسي قيس سعيّد ساعية لطمأنة التونسيين وقوى المجتمع المدني من صحة المسار الديمقراطي للبلاد.
وعقد سعيّد سلسلة اجتماعات مع قيادات منظمات المجتمع المدني والهيئات الوطنية في البلاد، للتأكيد على تمسكه الثابت بضمان الحقوق والحريات واحترام دولة الدستور والقانون.
وفي المقابل، أبدت غالبية منظمات المجتمع المدني في تونس ارتياحها وتأييدها المشروط لقرارات وتحركات سعيّد، لكنها حذرت من تأثير هذه القرارات على الحقوق والحريات وطالبت بالتعجيل بإنهاء الأوضاع المؤقتة وإعلان خريطة طريق في إطار الدستور، وتشكيل حكومة جديدة لتجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية والصحية.
وبعد 48 ساعة من القرارات الرئاسية، أصدر اتحاد نقابات تونس المهنية بيانا مشتركا ضم توقيع 7 نقابات، من بينها الصحفيين وجمعية القضاة والاتحاد العام للشغل، تضمن الاتفاق على تكوين لجنة عمل مشتركة لمتابعة تطورات الوضع السياسي في البلاد.
وقالت النقابات إن الخطوة "تعمد لوضع تصور خاص بالقضايا المستعجلة، وأبرزها مكافحة فيروس كورونا ومراجعة القانون الانتخابي والنظام السياسي ومكافحة الفساد".
أبرز الشروط
وقال عضو المجلس الوطني بحركة الشعب محمد شبشوب، إن "الحركة تساند قرارات الرئيس لكن بشروط".
وأضاف: "نحن لا نوقع صكوكا على بياض لأحد، والشروط هي ألا يتجاوز أثر القرارات الاستثنائية مسألة حقوق الإنسان والحريات السياسية وحرية التعبير عن الرأى والتعبير".
ولفت القيادي السياسي التونسي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "المجتمع التونسي عانى كثيرا في الفترات السابقة من استغلال الحصانة السياسية والبرلمانية في تجاوز القانون، ولن يسمح بمثل هذه التجاوزات مرة أخرى مع أي مسؤول بالدولة".
وطالب شبشوب أن تكون هناك محاسبة قضائية عاجلة وعادلة لمن يثبت استغلاله لمنصبه في تجاوز القانون ضد الشعب التونسي ولضرب الدولة.
"نأمل التزام الرئيس"
وعن لقاءات الرئيس مع ممثلي المجتمع المدني والنقابات الوطنية التونسية والأحزاب، قال السياسي التونسي إن "سعيّد حرص في جملة هذه اللقاءات على توصيل رسائل طمأنة بشأن الحريات واحترام الدستور والقانون".
وأضاف أن الرئيس التونسي "مطالب دوما بأن يظهر للشعب احترامه للحريات والحقوق المدنية والسياسية، وأن يعمل على حماية الشعب وحرياته، وهو دور أساسي له كرئيس للجمهورية، وطالما هو مع الشعب التونسي فنحن معه".
وشدد شبشوب على أن "الرئيس التونسي أستاذ قانون دستوري وملم بدستور وقوانين الدولة، وحركة الشعب لا ترى أن قراراته تؤدي للتضييق على الحريات العامة أو الفردية، ونأمل أنه سيحترم ما جاء بالدستور التونسي لتصحيح المسار الديمقراطي الذي يعرقله الإخوان".
خريطة طريق وتحذير
وفي تحرك جديد للاتحاد التونسي للشغل، الذي يضم نحو مليون عامل ويعد أكبر تجمع نقابي في تونس، عُقد اجتماع تشاوري حول إعداد خريطة طريق للمرحلة المقبلة تحت إشراف الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي.
وأكد الطبوبي على أن "الاجتماع يهدف للاستعانة بالكفاءات والخبراء من أجل مصلحة الوطن وبلورة تصورات للمرحلة المقبلة"، مبينا أن "الاتحاد كان دوما مستعدا لكل الأوضاع التي تواجه تونس".
ولفت النقابي البارز إلى أنه "جرى استعراض عدة قضايا مهمة تم خلالها تحديد الخطوط العريضة. رؤى وتصورات وأفكار ستكون أسسا لخريطة طريق".
وكان الاتحاد التونسي للشغل أكد في تعليقه على قرارات الرئيس على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في أى إجراء يتخذ في هذه المرحلة، لتأمين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي وإعادة الاستقرار لتونس.
كما دعا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة إلى تشكيل "حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة، مطلعة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي".
ارتياح وتوقعات
وأكد الناشط السياسي التونسي المقيم في باريس أكرم هميسي على عدم وجود شبهة مساس بالحريات في القرارات الرئاسية الأخيرة.
وقال هميسي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الإجراءات جاءت تلبية لمطالب شعبية ومظاهرات جماهيرية احتجاجا على 10 سنوات من فساد مجلس النواب وحركة النهضة الإخوانية، ووصول الأمر إلى طريق مغلق بين الرئيس والحكومة المدعومة من الإخوان".
وأضاف أن "الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية هيمنت على عمل كثير من الجمعيات الأهلية، وتخلت عن اختصاصها الأصيل في العمل السياسي، واستفادت من التمويل الخارجي ووظفته في ممارسات إرهابية وغير قانونية".
خطوات مقبلة
واعتبر هميسي أن "الرئيس يعرف القانون جيدا وعلّمه لأجيال مختلفة من الطلبة والباحثين، ولا يحبذ تكميم الأفواة".
وتابع: "نأمل أن يظل هكذا في المرحلة المقبلة، خاصة مع التأييد الكبير لقرارته من التونسيين وعلى المستوى الإقليمي والدولي".
ويتوقع الناشط التونسي أن تكون الخطوة التالية هي محاسبة بعض السياسيين وأعضاء مجلس النواب عن ممارسات غير قانونية، وعن العجز عن مواجهة أزمات اقتصادية ومعيشية، و"ربما يتم حل مجلس النواب والذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة" وفق رأيه.