المغرب يحقق ثاني أعلى محصول حبوب في تاريخه
14:19 - 29 يوليو 2021نجح المغرب في تحقيق موسم زراعي استثنائي هذه السنة، بتسجيله ثاني أكبر إنتاج من محاصيل الحبوب في تاريخه، بأكثر من 103 مليون قنطار خلال الموسم الحالي، بفضل الهطولات المطرية الغزيرة التي شهدتها المملكة.
ويمثل هذا المحصول الذي تم تحقيقه على مساحة مزروعة تبلغ 4.35 مليون هكتار، ارتفاعا بنسبة 221 في المئة مقارنة بالموسم السابق الذي لم يتجاوز فيه إنتاج الحبوب 32.1 مليون قنطار، وفق أرقام رسمية لوزارة الزراعة المغربية.
ويتوزع محصول الحبوب خلال الموسم الزراعي الحالي، بين 50.6 مليون قنطار من القمح الطري، و24.8 مليون قنطار من القمح الصلب، و27.8 مليون قنطار من الشعير.
وينتظر المغرب بناء على هذا المحصول القياسي من الحبوب، الوصول إلى قيمة مضافة فلاحية تصل إلى 130 مليار درهم خلال هذه السنة، وهو ما يمثل نسبة نمو تفوق 18 في المئة.
ظروف مثالية
وعزت وزارة الزراعة هذا الإنتاج القياسي من الحبوب بأصنافها الثلاثة والذي ساهم في تحقيق ثاني أفضل موسم بعد موسم 2014-2015، إلى التوزيع الزمني المثالي للهطولات المطرية وتزامنها مع المراحل الأساسية لنمو الحبوب، إضافة إلى تميز الموسم بمستويات حرارة أدنى نسبيا من المستويات التي تم تسجيلها العام الماضي.
وشهد المغرب خلال الموسم الزراعي الحالي هطولات مطرية قدرت بـ 291 ميلي متر حتى آخر شهر أبريل الماضي، بارتفاع نسبته 32 في المئة مقارنة بنفس الفترة من الموسم السابق.
الحريرة، الشباكية والسلّو.. نجوم طبلة الفطور المغربية
ويعول المزارعون ومهنيو قطاع الحبوب في المغرب، على الموسم الزراعي الحالي، لتعويض الخسائر والتخلص من آثار الجفاف الذي عرفته المملكة لموسمين متتاليين، والمساهمة في تخفيض حجم فاتورة الاستيراد.
وقد تجاوزت الأرقام المسجلة في محصول الحبوب (103.2 مليون قنطار) توقعات وزارة الزراعة التي كانت تنتظر بلوغ 98 مليون قنطار خلال الموسم الحالي 2020-2021.
وكان البنك المركزي قد رفع من معدل توقعاته للنمو الاقتصادي إلى 5.3 في المئة، بناء على توقعات بتحقيق 95 مليون قنطار من الحبوب، مراهنا على ارتفاع القيمة المضافة الزراعية بواقع 17.6 في المئة.
ويؤكد محمد الشرقي الخبير الاقتصادي، أن معدلات النمو الاقتصادي في المغرب تتأثر بشكل مباشر بالنشاط الزراعي في البلاد، والذي يرتبط بدوره بالتساقطات المطرية والثلجية التي تشهدها المملكة في كل موسم زراعي.
وبناء على ذلك يتوقع الشرقي في تصريح لـموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تساهم الزراعة لوحدها بما يفوق 2 في المئة من معدل النمو الذي من المرتقب أن يبلغ 5.3 في المئة هذا العام.
وشدد الخبير الاقتصادي، على أن النتائج الإيجابية التي سجلها القطاع الزراعي بالمملكة هذه السنة، من شأنها أن تساهم في خفض واردات المواد الغذائية، والرفع من حجم الصادرات التي تحتل فيها المواد الغذائية المركز الثالث بعد قطاعي صناعة السيارات ومبيعات الفوسفات ومشتقاته.
ويرى الشرقي، أن النتائج المحققة على المستوى الزراعي، ستساهم في تحسين دخل المزارعين وتساعد على خلق ديناميكية اقتصادية على المستوى الوطني، إلى جانب الحد من ظاهرة الهجرة القروية وتجلياتها السلبية داخل المجتمع المغربي.
ويعتبر الشرقي أن المغرب يجني ثمار استراتيجية وضعها منذ عقود طويلة، راهن من خلالها على تطوير القطاع الزراعي، عبر تعزيز البحث الزراعي والاتجاه نحو سياسة بناء السدود لمواجهة السنوات الجافة، مع الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة والطرق العصرية في المجال الزراعي، في إطار برنامج المغرب الأخضر(2020-2008).
تخفيض فاتورة الاستيراد
وسجلت واردات المغرب من القمح ارتفاعا بأكثر من 46 في المئة العام الماضي، بكلفة إجمالية ناهزت 13.5 مليار درهم، فيما ارتفعت مشتريات القمح في الربع الأول من العام الجاري بنسبة بلغت 22.1 في المئة.
ويرتقب أن تشهد واردات المملكة من القمح اللين انخفاضا ملموسا استنادا لما تم تحقيقه من محصول فاق التوقعات في الموسم الحالي.
وحول ذلك، يقول الخبير الزراعي عباس الطنجي، إن المحصول المهم من الحبوب لهذا العام، يمكن أن يساهم في خفض نسبة الاستيراد من الخارج، شريطة تخزينه بطرق صحيحة وفي ظروف ملائمة تقيه من التلف.
وأشار الطنجي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الإنتاج هذا العام وبالرغم من الرقم الجيد الذي حققه لا يمكنه سد كل حاجيات السوق المحلي، سواء تلك الخاصة بالمستهلكين أو الموجهة للعلف الحيواني أو التي تستعمل كبذور من قبل المزارعين، لافتا إلى حتمية اللجوء إلى الاستيراد من أجل تغطية النقص.
ودعا الطنجي والذي عمل أيضا كأستاذ باحث في المعهد الوطني للبحث الزراعي سابقا، إلى ضرورة تأطير عملية استيراد الحبوب من الخارج وإعطاء الأولوية للمنتوج المحلي، من أجل تشجيع المزارعين الذين عانوا خلال السنتين الأخيرتين من الجفاف ومن تداعيات فيروس كورونا.
كما لفت الطنجي، إلى دور الجهات المسؤولة عن القطاع الزراعي في عملية التكوين التقني للمزارعين، وفي مواكبتهم المستمرة من أجل الرفع من مردودية وجودة المحاصيل الزراعية، مع تأكيده على ضرورة دعمهم وتوفير المواد التي تستخدم في الزراعة بأسعار مناسبة.
ولم يفت الخبير الزراعي الإشارة إلى أهمية توعية المواطنين في ما يتعلق بترشيد استهلاك القمح، في ظل ارتفاع حصة الفرد من القمح والتي تقارب في المتوسط قنطارين سنويا.