في ذكرى عيد الجمهورية.. النهضة في مواجهة الانفجار الاجتماعي
01:45 - 26 يوليو 2021شهدت الساحات العامة في جل محافظات تونس احتجاجات شعبية واسعة حيث خرج الناس للشوارع منذ صباح الأحد الباكر بشكل عفوي وسلمي للتعبير عن الغضب والاحتجاج على أداء من يحكمون البلاد.
ولم يحظ الحراك الشعبي بأي تأييد حزبي سابق أو تنظيم من جهة ما، كما أعلن عدد من الأحزاب قبل أيام تبرؤهم من تأييد هذا الحراك الاجتماعي أو دعمه أو تبنيه في ظل الوضع الصحي الذي تعيشه تونس بسبب انتشار العدوى بفيروس كورونا بشكل غير مسبوق.
وكان عدد من النشطاء والشباب والفنانين قد دعوا للتظاهر في 25 من يوليو تزامنا مع ذكرى عيد الجمهورية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ورفع المحتجون وكان أغلبهم من الشباب شعاراتهم الغاضبة في وجه منظومة الحكم من الحكومة إلى البرلمان مرورا بالأحزاب الحاكمة ونددوا خاصة بما تأتيه حركة النهضة في البلاد من فساد مطالبين برحيلها ورحيل حكومة هشام المشيشي.
وتحولت المظاهرات إلى مواجهات أكثر حدة في عدد من المناطق خاصة بعد حرق الشباب لواجهات مقرات حركة النهضة في عدد من المناطق تعبيرا عن رفضهم لما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ظل حكم الإخوان للبلاد.
وفي محيط ساحة باردو على مقربة من البرلمان التقينا شابتين مريم ونادية قالتا إنهما خرجتا للتظاهر بصفة تلقائية بعد أن نفذ الصبر من أداء الحكومة، وأضافت مريم "نريد تغيير الأوضاع في البلاد بعد أن أصبحت كارثية، عمري 33 سنة أعمل في مؤسسة خاصة ولا انتماء حزبي لي ولكن جئت اليوم دفاعا عن تونس ومن أجل المطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان فقد تسببوا في الغلاء و انتشار الوباء حتى أصبحت حياة التونسيين صعبة".
وتؤكد رفيقتها خديجة 29 عاما "لسنا من أتباع أي حزب أو منظمة ولا تقف وراء تحركنا أي جهة كانت، نحن فقط نطالب بإيقاف "سيرك" مجلس النواب فليرحلوا جميعا، ونطالب بأبسط حقوقنا وتحسين حياتنا اليومية في مجالات الصحة والتعليم والنقل"،
بينما جاء صالح 63 عاما مهندس متقاعد من مدينة نابل شمالا وقال "تابعت الدعوة للحراك عبر شبكات التواصل الاجتماعي وحرصت على الخروج إلى الشارع والمشاركة في المظاهرة لأنني أؤمن بضرورة تغيير الأوضاع في البلاد".
ويضيف مختنقا بدموعه "خرجنا لنعبر بحرية ضد ما يحدث ضد الشعب التونسي من جرائم إذ نسجل يوميا أرقاما قياسية لضحايا فيروس كورونا بسبب فشلهم في إدارة الأزمة الصحية، لم يقدموا حلولا لمشاكل البلد واستشرى الفساد وانخفضت المقدرة الشرائية، إنهم غير أكفاء فليرحلوا جميعهم رئيس الحكومة وكل أعضائها".
وبدوره علم هيثم 24 عاما طالب بالتحرك الاجتماعي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحدثنا "التحقت بالمحتجين لنذكر بمطالبنا التي لم تتحقق منذ عشر سنوات لا كرامة ولا شغل و لا حرية، بينما يأتي المنتمون لحركة النهضة اليوم لمطالبة الدولة بتعويضات مالية ضخمة ما الذي قدموه للشعب حتى يستحقوا هذه التعويضات، نحن نواجه الصعوبات يوميا وقلقون من أجل المستقبل بينما لا يفكر الإخوان إلا في نهب أموال الدولة".
وحدثتنا حنان محامية 40 عاما "وضعيتي المادية جيدة ولكن جئت دعما للشباب من أجل تجديد المطالب بالحرية والكرامة والشغل، علينا اليوم أن نحمي مستقبل تونس بعد أن أصبحت كرامة المواطن منتهكة وفقد حقه في العيش الكريم وفي المقابل يطالب أنصار النهضة بالتعويضات المالية و لن نقبل بهذا مطلقا".
أما قيس 35 عاما مخرج سينمائي فيؤكد لنا إنهم يعلمون أن هذا التحرك لن يطيح بالحكومة ولا بالفاسدين بشكل فوري مشددا " سنستمر في الخروج و الاحتجاج و لن نصمت ولن نرضخ لهم ومهما حاولوا تشويهنا فنحن مستعدون للنزول للشارع أكثر من مرة للدفاع عن الوطن الذي أصبح عرضة للنهب والفساد سنكون نحن من يحاسبهم من أجل إنقاذ تونس".
الاحتجاجات السلمية تحولت إلى مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين في كثير من المناطق وعمدت الشرطة إلى تفريق المحتجين عبر الغاز المسيل للدموع كما ألقت القبض على مجموعة من الشباب المحتجين."
وأكد المحامي ياسين عزازة أن قوات الأمن اعتدت على المتظاهرين السلميين وقامت بإيقاف بعضهم مشيرا إلى أن عددا من المحامين تجندوا للدفاع عن الموقوفين في مواجهة قمع المنظومة الحاكمة وفق تعبيره
وسياسيا سارعت الأحزاب والمنظمات إلى إعلان موقفها من الاحتجاجات التي فاجأت الجميع بنجاحها في حشد آلاف المتظاهرين رغم التضييقات الأمنية وغلق مداخل المدن وشوارعها الرئيسية ورغم الوضع الوبائي المتأزم في تونس، وقال أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي إن مظاهرات الشباب أنهت اليوم وضعية الائتلاف الحاكم في إشارة لحركة النهضة وحلفائها الداعمين لحكومة هشام المشيشي.
ومن جهتها حملت رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي الإخوان مسؤولية استهداف مقرات حزبها و قالت إنهم أعطوا التعليمات لأنصارهم بالإضرار بمقرات الحزب الدستوري وإلصاق التهم بالمحتجين.
فيما عبرت حركة مشروع تونس عن تضامنها مع التحرك السلمي والغاضب من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي والسياسي داعية لضرورة تغيير المنظومة الحاكمة التي وصفتها في بيان لها بالفاشلة و الفاسدة.
أما حركة النهضة فاختارت أن تصف المحتجين بالعصابات الإجرامية و قالت في بيان لها إنهم مجموعات فوضوية عجزت عن إقناع الرأي العام بخياراتها الشعبوية و غير الديموقراطية.
واعتبر مراقبون بيان حركة النهضة هروبا إلى الأمام لا يتناسب مع حجم الغضب الشعبي الذي يواجه الإخوان في تونس اليوم بعد أن أصبحوا رمزا للفساد و الانتهازية لدى عدد كبير من التونسيين.