إيران.. عرب الأحواز ينتفضون ضد "التعطيش الممنهج"
16:21 - 17 يوليو 2021لليوم الثالث على التوالي، خرجت تظاهرات غاضبة في إقليم الأحواز ذي الأغلبية العربية جنوب غربي إيران، احتجاجا على تحويل السلطات لمجرى نهر كارون بعيدا عن مناطقهم، مما ينذر بالعطش وتداعيات خطيرة أخرى.
وخلال الاحتجاجات التي وقعت ليل الجمعة السبت، قالت السلطات الإيرانية إن شخصا قتل، زاعمة أنه قضى برصاص "مثيري الشغب"، فيما قال محتجون إنه قتل برصاص السلطات.
ويمر بمحافظة خوزستان نهر كارون، الذي كان يغذي المنطقة بشكل جيد في الماضي، إلا أن سلطات طهران عملت على تجفيفه ونقل جزء من مساره إلى مناطق أخرى في البلاد، مما ترك السكان العرب يواجهون أزمة مياه.
ومحافظة خوزستان تقع ضمن منطقة الأحواز ذات الغالبية العربية الغنية بالنفط والمياه في آن واحد، لكن سكانها يعانون التهميش والاضطهاد من جانب السلطات الإيرانية.
وتفاقمت مشكلة المياه في الآونة الأخيرة، مع تحويل النظام لمياه النهر بشكل أكبر نحو مناطق أصفهان وزايندهرود، شمال شرق الإقليم العربي.
ويشكل هذا الأمر تهديدا للسكان، الذين يعتمد قسم كبير منهم على مياه النهر في ري زراعاتهم، ويقولون إن الأمر كان مبيتا بغرض دفعهم للهجرة من الإقليم.
هتافات جريئة ضد النظام
ورصدت مقاطع فيديو خروج تظاهرات غاضبة في مدن المحمرة والحميدية والخفاجية والفلاحية، ردد المتظاهرون خلالها شعارات اتصفت بالجرأة ضد النظام، منددين بسياسات التمييز العنصري حيال المواطنين العرب.
ورفع المحتجون لافتات رافضة للهجرة وترك مدن وأرياف منطقتهم، مطالبين بتراجع السلطات الإيرانية عن قرارها بتحوير مياه النهر إلى المناطق ذات الأغلبية الفارسية، بهدف تنميتها الزراعية والحياتية على حساب المناطق العربية.
وقال عدد من المشاركين في التظاهرات الليلية في اتصالات مع مراسل "سكاي نيوز عربية" من داخل مدينة المحمرة، إن قوى الأمن واجهت المتظاهرين بالعصي الكهربائية والغازات المسيلة للدموع.
وأضافوا أن هناك 7 إصابات بالاختناق على الأقل في صفوف المتظاهرين، مشيرين إلى أنه تم نقل المصابين إلى منازل بعينها للعلاج لأن السلطات كانت تراقب مداخل المستشفيات.
وتحدثت تقارير عن اعتقال 10 على الأقل أثناء الاحتجاجات، فيما استقدمت السلطات تعزيزات أمنية وعسكرية من الأقاليم الأخرى إلى إقليم الأحواز.
ونقل ناشطون من "الحركة العربية في الأحواز"، وهي حركة معارضة للنظام الإيراني، مقطعا مسربا من اجتماع مسؤول حكومي مع ممثلي السلطات المحلية في الإقليم، يطلب فيها منهم أن يكون "نقل المياه من إلى محافظة أصفهان سريا لأن سكان الأحواز يملكون حساسية تجاه موضوع المياه وأهالي أصفهان".
ورأى متابعون للشأن الإيراني أن التسريب يؤكد التخطيط المبيت من طرف السلطات الإيرانية لتعطيش السكان العرب، وتاليا لتهجيرهم وإحداث تغيير ديموغرافي.
سياسة الضغط الكبرى
وقال الباحث الإيراني الأحوازي طاهر مالكاني لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن العرب الأحواز يتعرضون للظلم والاضطهاد بشكل منتظم، بما يصل لدرجة التعطيش.
وأوضح: "تجرب السلطات الإيرانية سياسة الضغط في الحد الأعلى في سبيل دفع سكان الأحواز نحو الهجرة، من الإقصاء السياسي إلى الحرمان من التنمية والتوظيف والاستثمار في الثروات الباطنية الهائلة التي في مناطقهم، وطبعا إلى جانب التمييز العنصري الواضح في وسائل الإعلام الرسمية".
وتابع: "كان ملاحظا مثلا خلال التظاهرات التي جرت طوال اليومين الماضيين استعارة المتظاهرين لعبارات المتظاهرين العراقيين (باسم الدين سرقونا الحرامية) أو حتى (الأحواز تحيا تحيا، الملالي يطلعون برا)، التي تأتي كلها ضمن توجه جماهير رافض للتجهير (كلا كلا للتهجير)".
ويبلغ عدد سكان إقليم الأحواز الواقع جنوب غرب إيران قرابة مليوني نسمة، حسب إحصاء إيراني رسمي جرى خلال عام 2016، ويتألفون بالأساس من العرب الذين يشكلون 85 بالمئة من السكان، وأبناء الأقلية البختيارية الذين يشكلون الـ15 بالمائة الباقية.
وتحوي أراضي هذا الإقليم أكثر من 80 بالمئة من الثروات النفطية والغازية الإيرانية، لكن الحكومات المتعاقبة أهملت التنمية فيه بشكل ممنهج.
توجه مبيت
وقال الناشط الإيراني الأحوازي أمير جمعان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن :هناك توجها مسبقا للسلطات الإيرانية لتعطيش هذه المنطقة".
وأوضح: "منذ أكثر من 15 عاما والسلطات الإيرانية تنشئ مزيدا من السدود على نهري الكرخه وكارون، رغم تدفقات النهرين المتواضعة التي تذهب بأغلبيتها إلى داخل الأراضي العراقية، وإنتاج الكهرباء من تلك السدود محدود، فكل المدن في إقليم الأحواز تعاني انقطاعات طويلة للكهرباء خاصة خلال فصلي الصيف والشتاء".
وتابع: "لكن بناء السدود كان بهدف التحكم بمياه النهرين، اللذين تنتشر على ضفتيهما ملايين الهكتارات من أراض زراعية يملكها المواطنون الأحوازيون ويعتبرونها مصدرا وحيدا لسد رمق حياتهم، فالأحواز منطقة سهلية قليلة الأمطار، والزراعات التاريخية فيها تعتمد على السقاية النهرية".