السودان.. دفن ضحايا "العيلفون" بعد 22 عاما من "المجزرة"
02:17 - 17 يوليو 2021توصلت لجنة شكلتها النيابة العامة السودانية للتحقيق في المجزرة التي قتل فيها أكثر من 100 شاب في العام 1998 في معسكر لتدريب المجندين بمنطقة "العيلفون" شرق العاصمة الخرطوم، إلى أدلة دامغة تدين عددا من عناصر إخوانية متشددة تتبع لنظام المخلوع عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.
ومن المتوقع أن يتم اليوم السبت دفن رفاة 9 من الضحايا بعد استكمال الإجراءات الطبية والقانونية اللازمة، حسبما أعلنت اللجنة.
وأكد وائل علي سعيد، عضو اللجنة، لموقع سكاي نيوز عربية، استكمال ملف القضية تمهيدا لبدء محاكمة المتهمين الذين علمت سكاي نيوز غربية أن بعضهم تعذر القبض عليهم بسبب حصول أحدهم على حصانة دبلوماسية في منظمة إقليمية بارزة، وهروب آخرين إلى دول من بينها تركيا.
وتعود قصة جريمة معسكر العيلفون إلى الحادي والثلاثين من مارس 1998، عندما طلب المجندون من قادة المعسكر منحهم إجازة للاحتفال مع أهاليهم بعيد الأضحى الذي كان يصادف اليوم التالي من الحادثة، لكن إدارة المعسكر رفضت طلبهم واتهمتهم بالتمرد على القوانين العسكرية، وحاول البعض النجاة قافزين إلى النهر القريب من سور المعسكر، لكنهم تعرضوا لهجوم بالرصاص الحي بأوامر عليا.
جدل كبير
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة الدعوات إلى تسريع ملفات العدالة، ومن بينها ملف جريمة مجزرة العيلفون، التي يقول البعض إن هناك تباطؤا في حسمه لأسباب تتعلق بوجود المتهم الرئيسي في واحدة من أبرز المنظمات الإقليمية، وإن هنالك دولا ترفض تسليمه.
لكن سعيد أوضح أن اللجنة فرغت من مهمتها المتمثلة في التحقيق والتحري في المجزرة، فيما تقع مهمة إحضار الهاربين أو الموجودين في الخارج على جهات أخرى.
وأشار سعيد إلى أن الأدلة والوقائع التي تم الحصول عليها تدين المتهمين تحت المواد 130 بالقتل العمد، ومواد أخرى تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية والاشتراك في الفعل الجنائي.
وقائع مؤلمة
روى شهود عيان من أهالي المنطقة الذين عاصروا تلك الجريمة وقائع مؤلمة، حيث أكدوا أن جثث الضحايا كانت تتساقط بالعشرات بالقرب من المعسكر ويطفح بعضها على مياه النهر المتاخم لسور المعسكر.
وكانت أعمار الضحايا تتراوح بين 14 إلى 18 عاما، وقد أدخل أغلبهم إلى المعسكر من دون علم أهاليهم.
ومعسكر العيلفون هو واحد من أكثر من 10 معسكرات تجنيد رئيسية تنتشر في مختلف أنحاء السودان لتدريب آلاف الصبية، من بينهم من أكملوا لتوهم امتحانات الدخول إلى الجامعة، وبعضهم يعمل في مهن هامشية، ليتم إلحاقهم بوحدات القتال في مناطق الحروب بالجنوب والنيل الأزرق.
ولم يكن معظم أولئك المجندين يلتحقون بمعسكرات التدريب برغبتهم أو إرادتهم، إنما كان يتم اصطيادهم من الطرقات في حملات منظمة تجوب شوارع الخرطوم والمدن الأخرى في وضح النهار، ويتم أخذهم عنوة للمعسكرات.
فتح الملف
وكان الحديث عن تلك الجريمة يعتبر من المحرمات طوال فترة حكم نظام المخلوع البشير، الذي حاول التستر عليها بسبل عدة، من بينها إبعاد المتهم الرئيسي من المشهد الداخلي وإلحاقه بوظيفة دبلوماسية في دولة مجاورة.
لكن نجاح الثورة عجل بفتح ملف الجريمة بعد مرور 22 عاما على ارتكابها، حيث أعلنت الحكومة الانتقالية العام الماضي نبش المقبرة الجماعية التي دفن فيها بعض الضحايا في إطار عملية تحقيق واسعة النطاق.
ويقول عضو لجنة التحقيق في الجريمة وائل سعيد، إنها جريمة ذات طابع خاص، لأنها طالت صبية وشبابا لم تتح حتى لأهاليهم معرفة مكانهم بعد اقتيادهم من الشوارع إلى معسكر التدريب.
ويرى سعيد أن فتح ملف الجريمة بعد كل هذه السنوات يؤكد على أهميتها وعلى حجم الجرم الكبير الذي ارتكب في حق الضحايا.