للمرة الثانية موسكو تحذر "طالبان".. والحركة تستجيب مقابل شرط
02:57 - 15 يوليو 2021للمرة الثانية خلال أسبوع، حذرت روسيا حركة طالبان بلهجة حادة من تجاوز الحركة في أفغانستان لـ"الحدود" خلال توسعاتها السريعة في الأراضي الأفغانية، التي جعلتها على تماس مباشر مع المصالح الروسية بعد سيطرة الحركة على مناطق قرب الحدود بين أفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة.
وبلهجة حاسمة، تحدث مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف، الأربعاء، إلى حركة طالبان، قائلا: "إن أي محاولات من جانب طالبان للإضرار بأمن حلفائنا في آسيا الوسطى سيكون ثمنها غاليا".
وأضاف كابولوف أن "حركة طالبان أعطت موسكو ضمانات بأن أفغانستان لن تتحول إلى قاعدة للهجوم على دول أخرى"، و"حصلنا على تلك الضمانات على أعلى مستوى في الدوحة، وقد وصلوا إلى موسكو ليؤكدوا على أن أفغانستان لن تُستخدم ضد مصالح الدول الأخرى في المنطقة".
وتوقع المبعوث الروسي أن حركة طالبان قادرة على السيطرة على مزيد من المناطق في أفغانستان، ورجح استمرار الأعمال القتالية الشهرين المقبلين.
وقبل هذا بأيام، أعلن وفد "طالبان" خلال زيارته إلى موسكو، الجمعة، سيطرة الحركة على 85% من أراضي أفغانستان، وحينها حذرتها روسيا من "تجاوز الحدود"، مؤكدة أنها ستمنع أي اعتداءات في المناطق الحدودية.
وقال وفد طالبان في روسيا، إنه "سيضمن عدم استخدام الأراضي الأفغانية منطلقا لاعتداءات ضد دول أخرى"، وأضاف أنها لن تسيطر على عواصم المقاطعات الأفغانية "بالقوة".
والأسبوع الماضي أعلنت "طالبان" سيطرتها على معبر حدودي مع إيران، وفي أوائل يوليو اجتاحت الحركة مناطق تقع على الحدود مع 5 دول، هي إيران وطاجيكستان وتركمانستان والصين وباكستان.
وكان وفد من حركة طالبان قد زار موسكو، خلال 8 و 9 يوليو الجاري، والتقى بالممثل الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان، زامير كابولوف، الذي يعمل أيضا مديرا للدائرة الثانية لآسيا بوزارة الخارجية، زامير كابولوف.
الثمن المقابل
وفي مقابل تعهدات الحركة بعدم التحول لشن قاعدة هجوم على دول حليفة أو حدودية مع روسيا قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان"، سهيل شاهين، إن "(طالبان) تناقش مع الجانب الروسي قضية رفع العقوبات عن الحركة".
وتابع: "طلبنا منهم (السلطات الروسية) رفع الحركة من قائمة عقوبات (مجلس الأمن)".
وتشترك أفغانستان في الحدود مع تركمانستان وأوزبكستان وطاجكستان (دول كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق) من الشمال، وباكستان من الجنوب، وإيران من الغرب والصين من الشرق.
وشجع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والذي بدأ منذ مايو الماضي على احتدام التنافس بين لاعبين إقليميين ودوليين، وخاصة روسيا والصين وإيران وتركيا في ظل الفراغ الأمني المحتمل الذي سوف يخلفه الجيش الأميركي وشركاؤه في حلف "الناتو" في أفغانستان.
مصدر القلق الروسي
الاتحاد الروسي منذ ظهور طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان وهو لديه مخاوف جمة من التهديدات الآتية من هذا البلد تتعلق بالحدود والإرهاب والتهريب، بحسب الدكتور عمرو الديب، أستاذ في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي في جامعة لوباتشيفسكي بموسكو، ومدير مركز خبراء "رياليست" الروسي.
وبرر ذلك في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" بأنه عندما بدأت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية في أفغانستان بعد أحداث سبتمبر 2001 دعمت روسيا هذه العمليات من لإعطاء واشنطن فرصة التخلص من هذه التنظيمات.
بيد أنه بعد مرور عقدين، وبعد قرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، مازال يسيطر تنظيم طالبان على معظم أراضي أفغانستان، وهو ما ضاعف من المخاوف الروسية أكثر فأكثر فيما يتصل بالأوضاع الداخلية الأفغانية، وفقا للديب.
ولفت إلى أن: "تدهور الأمن في أفغانستان يعني لروسيا تهريب الأسلحة إلى داخل دول منظمة الأمن الجماعي (حلف يجمع بين روسيا وعدد من دول آسيا الوسطى وشرق أوروبا)، وتهريب المخدرات، وإمكانية تسلل الإرهابيين إلى دول الاتحاد السوفيتي السابق، وكل هذه التهديدات تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي الروسي".
ولذلك فإن روسيا في تعاطيها مع هذا الملف تسير في اتجاهات متوازية، هي "زيادة الجاهزية العسكرية الروسية في القاعدة 201 الروسية بالقرب من الحدود الأفغانية، وزيادة التعاون العسكري مع طاجكستان في إطار منظمة الأمن الجماعي، وزيادة التعاون مع الصين التي تواجه نفس الخطر، خصوصا إذا انضم الإرهاببيون مع منطقة الإيجور ذاتية الحكم" في إقليم شينغيانغ غرب الصين، والتي تطالب منظمات فيها بالانفصال عن الصين رافعة شعارات دينية.
التدخل الإيراني
وإلى جانب روسيا، تنشط قدما إيران في أفغانستان هذه الأيام، والتنسيق بينها وبين طالبان، ويفسر الدكتور مصطفى صلاح، الباحث المصري في العلوم السياسية، ذلك بأن "إيران تنخرط مباشرة في الساحة الأفغانية لوجود حدود مشتركة بينهما تصل لنحو 920 كيلو مترا، كما أن الحركة الإسلامية المتشددة قد استولت على معبر "إسلام قلعة" الحدودي في إقليم هرات، والذي يعد من أهم المعابر الحدودية التجارية بين إيران وأفغانستان".
وبالتالي، يتابع صلاح لـ"سكاي نيوز عربية" فإن "أي اضطراب سياسي أو أمني سينعكس داخليا على الأوضاع في طهران، كما أن ثمة مخاوف من تدفق موجة لاجئين إلى إيران تؤدي إلى توسع في البيئة السنية داخل المنطقة الحدودية المتاخمة لإقليم بلوشستان وسيستان، وهي منطقة أقليات دينية وقومية بإيران، وذات غالبية سنية، وبها أكثر الحركات السنية المتمردة التي تسعى للانفصال، مثل جند الله وجيش العدل".
وحاليا يوجد بإيران نحو 780 ألف لاجئ أفغاني في إيران، وفقا للأرقام الرسمية، بينما يوجد ما بين 2.1 إلى 2.5 مليون أفغاني بدون هويات أو وثائق ثبوتية، والنوعية الأخيرة تمتص طهران خطرها بأنها تستغلها في مهام خارج إيران عبر تجنيدهم في ميليشيات الحرس الثوري الإيراني العاملة في سوريا واليمن، ومنها فيلق "فاطميون" المكون في أكثره من اللاجئين الأفغان.
والتقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التقى وفدا من حركة طالبان في طهران، قبل نحو أسبوع، بدعوة رسمية من الحكومة الإيرانية، حيث تم التأكيد على أهمية الحوار والتفاوض للوصول إلى حل سياسي عوضا عن الصراع.