ملف مزدوجي الجنسية بإيران.. هامش مناورة أم ورقة ابتزاز؟
02:47 - 14 يوليو 2021منذ بدء المحادثات النووية في فيينا، والتي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، برز ملف مزدوجي الجنسية في إيران، واحتدم الجدل حول المواطنين الإيرانيين الذين يحملون جنسيات غربية ويقبعون في سجون النظام، بينما يتراوح عددهم، بحسب تقارير حقوقية أممية، بين 30 إلى 50 شخصا، وتلاحقهم اتهامات بـ"التجسس".
ويصف مراقبون أزمة المعتقلين الأجانب، في طهران، بأنها "ورقة مساومة" يوظفها النظام لتحقيق أهدافه السياسية والإقليمية من خلال الضغط أو بالأحرى "ابتزاز" الغرب، وكذا الضغط لجهة تمرير مصالحه في المسار التفاوضي الجاري بالعاصمة النمساوية فيينا، إذ عقّب وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، على اعتقال نازلين زاغري في سجون الحرس الثوري الإيراني، والتي عملت كناشطة في مؤسسة "توماس رويترز" الخيرية، بأنه احتجاز "غير قانوني" ويرقى إلى أن يكون عملية "تعذيب".
وفي مايو الماضي، قال راب: "زاغري محتجزة بشكل غير قانوني من وجهة نظري، ووفق القانون الدولي، وأعتقد أنها تعامل بالطريقة الأكثر تعسفا وإساءة"، وتابع: "أعتقد أن الطريقة التي تعامل بها ترقى إلى التعذيب، والإيرانيون ملزمون، بشكل واضح، وبلا لبس، الإفراج عنها".
كما اعتبر وزير الخارجية البريطاني أن احتجاز زاغري، في عام 2016، أثناء مغادرتها طهران، وتوقيفها في المطار على خلفية مذكرة اعتقال تتهمهما بـ"التجسس"، يدخل في إطار الصراع السياسي بين البلدين، موضحا أنه جزء "لعبة القط والفأر التي يلجأ إليها الإيرانيون، أو بالتأكيد جزء من النظام الإيراني، ويحاولون استخدامها للضغط على المملكة المتحدة".
وإلى ذلك، أوضحت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، بأن "محاكمات السلطات الإيرانية الجائرة وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز لا تقتصر على المواطنين الإيرانيين، بل تمتد للأجانب"، وشددت على ضرورة أن "تتوقف إيران عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية، ومعاملة كلّ مواطن إيراني وأجنبي على حدّ سواء، واحترام حقوق الإنسان الأساسية".
وبحسب المنظمة الحقوقية، فإن الأجهزة الأمنية الإيرانية صعّدت استهدافها لمواطنين إيرانيين ثنائيي الجنسية ومواطنين أجانب، ترى أن لهم صلات مع مؤسسات أكاديمية واقتصادية وثقافية غربية. كما وثقت حالات 14 مواطنا ثنائي الجنسية اعتقلتهم مخابرات "الحرس الثوري الإيراني" منذ عام 2014، حيث اتهمتهم المحاكم في حالات كثيرة بالتعاون مع "دولة معادية" دون الكشف عن أي دليل.
وبالتزامن مع تعثر المفاوضات النووية في فيينا، عاودت الإدارة الأميركية، قبل أيام قليلة، تأكيدها على عدم قبولها التوصل إلى "اتفاق جزئي" مع إيران بخصوص المعتقلين ثنائي الجنسية، وقال قال روبرت مالي، المبعوث الأميركي الخاص لإيران، مطلع الأسبوع الحالي، إنه يرفض تكرار ما جرى في عام 2016، وذلك عندما جرى تحرير عدد من المواطنين الأميركيين من دون الإفراج عن رجل أعمال إيراني أميركي (سياماك نمازي) محتجز في طهران.
وتابع مالي: "لقد عملت على هذه القضية خلال إدارة أوباما عندما قمنا بتأمين الإفراج عن عدد من مواطنينا المعتقلين ظلما، ولكن ليس جميعهم".
وكشفت الخارجية الإيرانية، أن هذا الملف يخضع للنقاش مع الولايات المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، سعيد خطيب زاده، أن طهران تجري مفاوضات لإطلاق سراح المواطنين الإيرانيين المحتجزين في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، لافتا إلى أن "الإفراج عن سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى الذين تم احتجازهم كرهائن موجود دائما على جدول الأعمال".
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، يقول الباحث الإيراني علي رضا إسدزاده، إن المعتقلين الأجانب أو ثنائي الجنسية في إيران هم بمثابة "رهائن" للتفاوض، موضحا أن هذه الورقة "من أهم أوراق الحرس الثوري في سياسته الخارجية منذ اندلاع الثورة الإيرانية، عام 1979، إذ إن الحرس الثوري يجيد هذه السياسة سواء في تبادل الرهائن مع عناصرهم المعتقلين المتورطين في الإرهاب في أوروبا وأميركا، أو في الحصول على تنازلات اقتصادية".
ويلفت رضا إسدزاده إلى أن المرشح السابق بالانتخابات الرئاسية الإيراني محسن رضائي سبق وتكلم عن هذه السياسة بفخر أثناء حملته الانتخابية.
كما أن الولايات المتحدة حاولت الحصول على اتفاق جزئي ومحدود مع إيران من منطلق حقوق الإنسان ودعم مواطنيها، بحسب الباحث الإيراني، غير أن إيران تصر على انضمام هذا الملف إلى الاتفاق النووي كونها أقوى ورقة بيدها للتفاوض مع الغرب وأميركا تحديدا.
ويختتم: "حذرت الدول الاوروبية وخاصة بلجيكيا مواطنيها من ذوي الأصول الإيرانية من السفر إلى إيران، حيث أصبح واضحاً أن سيناريو اعتقالهم بتهم وهمية (التجسس)، كما هو الحال دوما، سوف يتكرر لأجل الحصول على تنازلات سياسية مع القوى الخارجية، للإفراج عن شخصيات إيرانية تم القبض عليهم في الأراضي الأوروبية على خلفية تورطهم في قضايا عنف وإرهاب".