للمرة التاسعة في 10 سنوات.. انخفاض التصنيف الائتماني لتونس
12:24 - 12 يوليو 2021خفضت الوكالة العالمية للتصنيف الإئتماني "فيتش رايتينغ" التصنيف الائتماني الطويل المدى لمصادر العملة الأجنبية في تونس من "ب" إلى "- ب"مع آفاق سلبية ، الأمر الذي يعكس مخاطر في توفر السيولة المالية محليا وخارجيا.
ويأتي هذا التطور في وقت يتعطل فيه اتفاق تونس مع المانحين الدوليين وتتعثر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بسبب حزمة من التعهدات يطلبها الصندوق.
ويصعب على الحكومة التونسية الإيفاء بهذه التعهدات، ومن بينها تخفيض كتلة الأجور ورفع الدعم عن المواد الأساسية والبنزين وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي تثقل كاهل المالية العامة.
وبحسب الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني، فإن التوتر السياسي في البلاد وتفاقم الأزمة الصحية وتواصل الاحتجاجات الاجتماعية وتردي وضعية المالية العمومية تعقد كلها سبل وصول تونس إلى اتفاق آمن مع صندوق النقد الدولي والمانحين.
من جهته، اعتبر البنك المركزي التونسي خفض تصنيف تونس الائتماني مؤشرا سيئا للغاية ودعا الحكومة إلى القيام بالإصلاحات اللازمة خاصة المتعلقة برفع الدعم وتخفيض كتلة الأجور.
وعلق رئيس لجنة المالية في البرلمان هيكل المكي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" بأن التصنيف تونس الأخير، كان متوقعا.
وقال: "نحن نسير بخطى حثيثة نحو الدرجة س ومن ثمة إعلان تونس دولة مفلسة".
وتابع: "وفق التقرير المصاحب لتصنيف "فيتش رايتينغ" تبدو الدولة التونسية عاجزة عن دفع ديونها ما قد يسمح بدخول تونس إلى نادي باريس بما يعنيه ذلك من إعادة جدولة ديونها وفقدانها ثقة المانحين الدوليين".
وانتقد رئيس لجنة المالية بالبرلمان فشل الحكومة وسياساتها في تقديم حلول للمالية العمومية وعجزها عن صياغة برنامج إصلاح حقيقي من أجل إنعاش الإقتصاد التونسي وتأخرها عن إنشاء منوال تنموي جديد بدل المنوال المهترئ العاجز عن مواكبة المرحلة الإقتصادية و السياسية الحالية.
وقال مكي إن سوء إدارة الحكومة للوضع الإقتصادي تعمق بفعل تراكمات سنوات من الفشل في إدارة الشأن الإقتصادي في ظل حكومات متعاقبة جعلت تونس تسير نحو الإفلاس.
وبخصوص تأثير التصنيف الائتماني السلبي على مسار مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي أوضح رئيس لجنة المالية بالبرلمان أن تونس أصبحت مطالبة بأكثر من 4 مليار دينار إضافية لتسديد ديونها كما أن قيمة دينها تمثل 45 بالمائة من ميزانيتها وهي وضعية مفزعة أمام حجم موارد البلاد البالغة 34 مليار دينار فقط.
وفسر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان بأن هذا التقييم لوضع تونس المالي هو تقييم لمدى قدرة البلد على الايفاء بالتزاماتها المالية الخارجية ومواصلة تسديد ديونها.
وقال سعيدان في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تصنيف تونس تمت مراجعته 9 مرات نحو الأسفل منذ عام 2011، وإن لهذا التراجع في التصنيف تبعات سلبية منها حرمان تونس من دخول السوق المالية الدولية و إرتفاع كلفة قروضها و بالتالي التأثير في مدى إهتمام المستثمرين بالوجهة التونسية.
ويؤكد الخبير الإقتصادي أن تصنيف "فتش رايتينغ" الصادر الخميس جاء ليؤكد تصنيف وكالة موديز الصادر في فيفري الماضي، مع ذكر توضيحات لتراجع تصنيف تونس الائتماني وأهمها الوضع السياسي المتردي، الذي لم يسمح بدخول البلاد في إصلاحات وفشل الحكومة في إدارة أزمات البلاد ومنها أزمة وباء كورونا وما خلفته.
تقرير وكالة التصنيف الائتماني قال أيضا إن محادثات تونس مع صندوق النقد الدولي متعثرة و ربما يقع اللجوء إلى الدائنين و استدعاء تونس لنادي باريس وهي مرحلة تسبق أي قرار من الصندوق وتعكس أن تونس غير قادرة على تسديد ديونها وعليها إيجاد حل مع الدائنين بإعادة جدولة الدين.
وأكد الخبير الإقتصادي أن ذهاب تونس أمام "نادي باريس" مؤشر خطير يفقد تونس سمعتها في السوق المالية ويمس من سيادتها الوطنية خاصة أنها لم تتأخر منذ الإستقلال يوما واحد عن تسديد ديونها.
ويتفق الخبير الإقتصادي معز الجودي مع فكرة أن تراجع التصنيف الائتماني لتونس كان منتظرا، مشيرا إلى أن كل الخبراء نبهو إليه، وأن تونس قد ينتظرها الأسوأ فهي مهددة بتراجع آخر من الدرجة ب إلى الدرجة س وعندها ستكون البلاد في مواجهة مرحلة المخاطر العالية والعجز وغير منصوح بالاستثمار فيها.
وفسر الجودي في تصريحات للموقع التراجع بغياب الإصلاحات الإقتصادية في البلاد، وعجز الحكومة الحالية ذات التركيبة الهجينة و الحزام السياسي الضعيف بقيادة حركة النهضة عن إدارة البلاد، مؤكدا أن المؤشرات تعبر عن نمو اقتصادي سلبي ب ناقص 3 بالمئة في الثلاثية الأولى من العام الحالي وتضخم مالي بنسبة 5.7 بالمئة ونمو اقتصادي ضعيف مع عجز في ميزانية الدولة وتدحرج لقيمة الدينار، في وقت تحاول فيه الحكومة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لخلاص ديون سابقة بالعملة الصعبة.
واستغرب الخبير معز الجودي صمت الجهات الرسمية تجاه التقرير الأخير لوكالة التصنيف الائتماني حتى أن البلاد تبدو دون خريطة طريق للخروج من أزماتها المالية والاقتصادية.