العراق.. "جيوش إلكترونية" على خط الدعاية الانتخابية
21:18 - 10 يوليو 2021تصاعدت التحذيرات من تأثير "الجيوش الإلكترونية" على الرأي العام في العراق، عقب انطلاق الحملات الدعائية لمرشحي الانتخابات، لا سيما بعد رصد عشرات الصفحات الوهمية، على موقع فيسبوك، التي تزعم أنها وكالات إخبارية.
ويوم الخميس، أعلنت مفوضية الانتخابات في البلاد، وهي هيئة رسمية خاضعة لرقابة البرلمان، انطلاق الحملات الدعائية، بعد المصادقة على قوائم المرشحين النهائية، إذ بلغ عددهم 3243 مرشحة ومرشحا.
وعقب ذلك، بدأ المرشحون، بالترويج لبرامجهم السياسية، وأنشطتهم الاجتماعية، عبر صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن نشر نشاطاتهم، في المواقع الخبرية، التابعة لهم.
وحذرت أوساط صحفية، ومعنية، في رصد الشأن الانتخابي، من تزايد ظاهرة "الجيوش الإلكترونية"، أو ما يُعرف بـ"الذباب الإلكتروني"، حيث يعمد المرشحون، إلى ذلك، لتكثيف حضورهم، على تلك الوسائل، وكذلك النيل والتشهير من الخصوم.
غياب تام للرقابة
وتغيب الرقابة بشكل تام في العراق، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعجز القوات الأمنية، غالباً، عن التوصل إلى المتورطين ببعض الأعمال، بسبب غياب القوانين التي تؤطر ذلك، فيما بقي قانون جرائم المعلوماتية، في أدراج مجلس النواب، لدورة كاملة، بسبب احتوائه على مواد تقيّد حرية التعبير.
في هذا الإطار، حذر مركز الإعلام الرقمي، يوم الجمعة، من ظهور عشرات الصفحات على موقع فيسبوك، والتي تزعم أنها وكالات خبرية.
وقال المركز في بيان تلقى "سكاي نيوز عربية" نسخة منه أن "الأيام الأخيرة شهدت ظهور عشرات الصفحات على منصة فيسبوك، والتي تزعم وتقدم نفسها على أنها وكالات إخبارية متخصصة في نشر أخبار تتعلق بالأحداث العراقية".
وأكد المركز أن "فريقه رصد إنشاء وتفعيل عشرات الصفحات السياسية الممولة التي تظهر أمام المستخدم خلال تصفحه فيسبوك، والتي لا تتضمن رقم هاتف وليس لديها موقع الكتروني أو معلومات رقمية على الشبكة العنكبوتية تُثبت تاريخ الوكالة ونتاجها الاعلامي".
وبين المركز أن "وجود التمويل في عدد من هذه الصفحات التي تزعم أنها وكالات إخبارية، وعدم وجود ما يؤيد ذلك، فضلاً عن توجهها للتسويق أو مهاجمة سياسي أو حزب ما، دليل بأنها وكالات غير حقيقية وواجهات لسياسيين وأحزاب مشتركة في الانتخابات وهي تسعى للترويج بصورة مباشرة أو غير مباشرة لحزب او سياسي معين، أو قد تستخدم لمهاجمة وانتقاد أحزاب أخرى وخصوم سياسيين".
والجيوش الإلكترونية هي مصطلح يطلق على مجموعات مدربة تعمل وفق أجندات خاصة وتهدف إلى التأثير على الخصوم، والترويج لوجهة نظر معينة، وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الإشاعات والأكاذيب وخلق البلبلة، عبر حسابات بأسماء وهمية تدار عن طريق روبوتات (Bots).
وتعتمد الكثير من الأحزاب السياسية، وخاصة تلك المقربة من إيران، وكذلك الفصائل المسلحة على تلك الجيوش في مواجهة خصومها، بطريقة "الفضائح" أو الإسقاط السياسي، فضلاً عن ترويج أخبار زائفة في أوقات محددة، ولأهداف تغذي الكراهية في المجتمع العراقي.
وأقرب مثال على ذلك، الحملة الأخيرة، التي أطلقتها فصائل مسلحة مؤخراً، بداعي وجود مؤامرة أميركية، لاستهداف المرجع الشيعي علي السيستاني، بالاعتماد على مقال مزيف، منسوب إلى سفير الولايات المتحدة السابق لدى بغداد، دوغلاس سيلمان.
مئات المجندين
خبير في الأمن السيبراني، قال إن "عمل تلك الجيوش معروف، من خلال وجود آلاف الحسابات الوهمية، التي يديرها، مئات المجندين، باستخدام الوسوم، ضمن الحملة الواحدة، ويتم تحديد ساعة الصفر، لنشر التغريدات الصادرة من مركز التحكم".
يضيف الخبير العراقي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "عمل تلك المجموعات تركز خلال الفترة الماضية، بحسب رصدنا على حملات الكراهية، والتحريض، ونشر إساءات للنشطاء، وللقوى والشخصيات السياسية المؤيدة للدولة، لكن استخدام تلك الجيوش في الانتخابات لم يبدأ لغاية، بشكل رسمي".
ويضيف أن "القائمين على تلك الجيوش، مدربين بشكل جيد، ويعمل معهم مئات الأشخاص المتدربين أيضاً، ويتم استدعاؤهم فقط حين بدء الحملة، وليس بشكل يومي".
وكان تحقيق أجرته صحيفة تلغراف البريطانية، في أغسطس 2020، قد كشف عن قيام حزب الله اللبناني بتدريب الآلاف من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي المدعومين من إيران، لإنشاء ما يسمى "الجيوش الإلكترونية" في جميع أنحاء المنطقة.
الصحفي العراقي، أنس محمد يرى أن "انطلاق تلك الجيوش نتيجة طبيعة لضعف الرقابة المفروضة، من قبل مفوضية الانتخابات، بشأن بدء الصراع المبكر، والدعاية الانتخابية، خاصة في مناطق محددة، حيث بدأت حملات التسقيط، والتنافس الحاد، وصلت إلى حد تصفية الحسابات".
يضيف محمد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "انطلاق تلك الجيوش ينذر بحرب إعلامية طاحنة، سيشهدها العراق خلال الفترة المقبلة، وموجات من التسقيط والقطيعة، وهو ما يحتم على اللجنة الأمنية العليا المشكلة لتأمين الانتخابات، الاستنفار، لردع أي ذباب الكتروني، أو حملات تسقيط قد تنطلق".