تقرير: العمالة السورية تعمل أكثر من 60 ساعة أسبوعيا
04:55 - 01 يوليو 2021أظهرت بيانات جمعها مركز السياسات وبحوث العمليات (OPC) في مدينة دمشق عن الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في العاصمة من حيث أقسام العمل والإنفاق والاستهلاك، أنّ رُبع عمال دمشق يعملون أكثر من 60 ساعة أسبوعياً.
وخلُصت دراسة المركز الذي رصد 600 مقابلة أجريت في ثلاث تجمُّعات سكنية ضخمة بدمشق في مناطق مختلفة المستويات، وهي منطقة مرتفعة الدخل (ركن الدين)، ومتوسطة الدخل (الزاهرة)، وفقيرة (نهر عيشة)، أنّ متوسط العمل بدوام كامل كان بنسبة (52.5) ساعة، وهو أعلى نسبةً من المُعدّل المسموح بموجب قانون العمل السوري لسنة 2004 ، والذي حدّد متوسط ساعات العمل للعمال في كافة المحافظات السورية بـ(46,2 ساعة) في الأسبوع.
العنوان لماذا سميت قلعة دمشق بالمرجلة ؟
وقالت الدراسة، إن (41,1) بالمئة من العمال يعملون 60 ساعة في الأسبوع ونسبة (24,4) بالمئة منهم يعملون أكثر من 60 ساعة أسبوعياً، وأكدت أرقام المركز أن 53% من عوائل المستجيبين للدراسة يعيشون تحت خط الفقر.
وخلُصت الدراسة التي رصدت تحوُّلات سوق العمل السورية منذ بداية الأزمة في 2011، إلى أن أعلى نسبة تشغيل كانت للفئة العمرية (26 -35 ) عاماً وبنسبة 77.7 في المائة، تَلَتهَا الفئة العمرية ( 36-45 ) بنسبة 76.5 في المائة .
وأشار مركز السياسات وبحوث العمليات (OPC)، إلى أن 30,3 بالمئة باتت مِهنتُهم عمّالاً يُمارسون أكثر من عمل في وقت واحد بسبب تدنّي المستوى المعيشي وانهيار الاقتصاد السوري، الذي يمرُّ بأسوأ مراحله منذ 2011 وهبوط قيمة الليرة السورية لأدنى مستوياتها مقابل العملات الأجنبية، والذي أدى بدوره لانخفاض الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات.
119 ساعة أسبوعياً
وفي تعليق له على نتائج دراسة مركز (OPC)، قال سمير اليافي، عامل البناء في مدينة دمشق، أن الدراسة لم تتناول العاملين في المِهن التي تستغرق ساعات العمل الأطول على الإطلاق، كأعمال البناء والمطاعم ومحلات بيع الأغذية والخضار وغيرها، مؤكداً أنه ومنذ شهور لم يحظى كغيره من عمال البناء بإجازة يقضيها مع أطفاله الثلاثة.
ويقول "سمير" لسكاي نيوز عربية، إنه يعمل منذ السادسة صباحاً ولغاية السادسة مساءاً بدوام 12 ساعة يومياً ليُعيلَ عائلته الصغيرة ويرعى والدته وشقيقته. ويُضيف سمير " حتى أيام الجمعة لا أتوقف عن العمل، وأحياناً نضطرُّ للعمل 15 ساعة في اليوم لنُنهي تسليم الأبنية في توقيتها المحدد".
وسمير ليس الحالة الاستثنائية فقط، حيث يُشاركه "غريب" 45 عاماً، ساعات العمل الطويلة منذ 15 عاماً، ويملك دكّاناً لبيع الخضار والفاكهة في منطقة الميدان في دمشق. يقول "غريب" لسكاي نيوز عربية، إنه يستيقظ يومياً في الخامسة صباحاً ليقصد سوق "الزبلطاني" لشحن وبيع الخضار والفاكهة، يشتري احتياجات محلّه ويغيب عن عائلته يومياً أكثر من 15 ساعة.
ويؤكد غريب أنه يبقى في العمل طوال النهار وساعات من الليل، ويعود في العاشرة مساءً وأحياناً يضطر للبقاء للساعة 12 ليلاً حتى يُنهي بيع خضاره. ويُضيف: "أعمل بساعات دوام تتراوح بين 15 /17 ساعة في اليوم، أي حوالي 119 ساعة أسبوعياً حتى أؤمّن احتياجات عائلتي المؤلفة من ثمانية أشخاص، فلديّ ثلاثة بنات طالبات جامعة يدرسنَ الطبَّ والصيدلة، والبقية طلاب مدارس يحتاجون لمصاريف كبيرة ".
وأكد غريب أنه لم يجتمع بعائلته إلا في أيام العيد، فهو يعمل حتى أيام الجمعة ويُحرم من رؤيتهم بسبب انشغاله في العمل.
وإلى المشاكل الصحية التي قد يُعاني منها، قال غريب، إنه يشتكي دائماً من التعب والوهن وآلام المفاصل والظهر بسبب ساعات العمل الطويلة، وأوضح " أعاني من مشاكل صحية في رقبتي وعامودي الفقري ونصحني الأطباء بالراحة، وأني بحاجة لعملية جراحية في ظهري، لكنني مُجبر على الاستمرار في العمل لأنني المعيل الوحيد لعائلتي ".
مخاطر صحية
ومن جانبه، حذر أخصائيُّ الأمراض القلبية الطبيب "نظام أمين" من المخاطر الصحية للأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة، وأنهم أكثر عُرضة للإصابة بالجلطات الدماغية.
وأشار أمين في حديثه لسكاي نيوز عربية، إلى أن خطر الإصابة تزيد بنسبة 10 بالمئة بين الأشخاص الذين يعملون بقياس 40 ساعة في الأسبوع، و30 بالمئة للأشخاص الذين يعملون مدة 54 ساعة في الأسبوع.
ونوّه أمين إلى أن نسبة الإصابة بالجلطات القلبية والدماغية تصل إلى 60 بالمئة للذين تتجاوز ساعات عملهم 100ساعة في الأسبوع، مضيفاً أن ساعات العمل الطويلة تؤثر على نسبة الولادات التي تتضاءل في البلدان التي تتجاوز ساعات العمل فيها الساعات التقليدية المعروفة في العالم.
وبيّن الدكتور "نظام أمين" أن الأوضاع المعيشية السيئة في سوريا وانهيار عملتها المحلية والعقوبات المفروضة عليها، دفعت شرائح عديدة من السوريين إلى العمل بأكثر من مهنة في اليوم، ما قلّص ساعات الراحة والإجازات في حياتهم وأثّر على صحتهم النفسية والجسدية.
وبحسب أحدث تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، تتصدر القارة الآسيوية قائمة أكثر القارات في العالم التي تضم عمّالاً يعملون أطول ساعات العمل التي تُعرف بالعمل حتى الموت.