بعد الشرق الأوسط .. تركيا تقتحم دولة جديدة وتقدم "قربانا"
09:49 - 23 يونيو 2021أفغانستان هي الدولة الجديدة التي تسعى تركيا إلى مد نفوذها إليها، وهي في الوقت ذاته قربان تريد أنقرة تقديمه إلى الولايات المتحدة لتحسين العلاقات المتوترة فيما بينهما.
ومع تولي الرئيس الأميركي، جو بايدن، السلطة في الولايات المتحدة في يناير الماضي، أعلن صراحة نيته سحب القوات الأميركية من أفغاستان بحلول الـ11 من سبتمبر المقبل، في ذكرى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها أميركا وقادت إلى حرب أفغانسان، أطول الحروب التي خاضتها واشنطن.
وشنت الولايات المتحدة حربا على أفغانستان عام 2001، لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي الذي شن الهجمات في واشنطن ونيويوك، بالإضافة إلى ضرب حركة طالبان التي كانت تستضيف عناصر القاعدة، وطيلة 20 عاما لم تتمكن الولايات المتحدة من القضاء على طالبان، وأجبرت على إجراء مفاوضات معهم.
الرواية التي اقتحمت الممنوع في تركيا
ومن المؤكد أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان يترك فراغا، قد تسارع حركة طالبان المتمردة إلى سده، خاصة في ظل ضعف الحكومة المحلية.
وفي ظل هذه المعطيات، برزت تركيا التي عرضت تحمل أعباء أمنية بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانسان.
وجاء الحديث عن دور أنقرة، بعد تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبيل قمة الأطلسي في وقت سابق من يونيو الجاري، إذ قال إن بلاده البلد الوحيد الموثوق به" الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي.
وذكر أردوغان أنه سيناقش الأمر مع نظيره الأميركي جو بايدن في قمة الناتو.
وبالفعل، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، بعد القمة أن أردوغان وبايدن اتفقا على أن تقوم أنقرة بدور أمني تأمين مطار العاصمة الأفغانية، كابل، وهو مؤسسة حيوية للغاية إذ إنه مدخل الهيئات الدبلوماسية وعمال الإغاثة.
وتقول مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إن عرض تركيا ربما جاء محاولة من تركيا لتخفيف العقوبات الأميركية عليها بسبب صفقة نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس- 400"، وحتى العودة إلى برنامج تصنيع المقاتلة الأكثر تطورا "إف- 35".
والعلاقات التركية الأميركية متوترة بسبب أكثر من ملف، وصواريخ "إس- 400" ليس إلا سببا واحدا، مما يؤكد أن عرض تركيا جاء في هذا الإطار.
لكن تركيا تبحث عن مصالح أوسع من الإفلات من العقوبات الأميركية، فهي التي أرسلت قوات ومرتزقة إلى سوريا وليبيا وأذربيجان وتحتفظ بقاعدة كبيرة في الصومال، تريد موطئ نفوذ حديد في وسط آسيا.
وتركيا ليست طارئة على أفغانستان، فهي موجودة هناك منذ سنوات طويلة، عسكريا تحت مظلة "الناتو" لكنها لم تدفع جنودها للمشاركة في العمليات الحربية، رغم ضغوط واشنطن.
كما وسعت نطاق نفوذها هناك عبر تعزيز الصلات مع قوميتي الأوزبك والتركمان، اللتين تتحدثان اللغة التركية، وسبق أن دعمت نائب الرئيس الأفغاني السابق عبد الرشيد دوستم.
وبالتوازي، واظبت أنقرة على إنشاء مدارس تركية وزيادة المنح الدراسية وتدريب الموظفين، ولم تنس إنشاء قنصليات عديدة هناك.
والوجود العسكري التركي في أفغانستان، بلا سقف الناتو، سيعني فتح طريق بين أنقرة وآسيا الوسطى والقوقاز، حيث توجد شعوب تركية هناك، كما أنه يقدم أردوغان بوصفه قائدا إقليميا، فضلا عن أستخدام أفغانستان كورقة ضغط داخل الناتو.
ومن المرجح أن تواجه تركيا مشكلات أمنية كبيرة إذا ما قررت حركة طالبان مواجهة القوات التركية، خاصة أنها أعلنت أن أي قوات أجنبية ستعامل باعتبارها "قوات احتلال".
لكن بحسب المسؤول التركي السابق في بعثة الناتو في أفغانستان، حكمت جيتين، فيمكن لأنقرة تفادي هجمات طالبان.
ويضيف جيتين، وفق ما أورد موقع "فويس أوف أميركا"، أن أنقرة حافظت في الماضي على علاقات واسعة مع كل أطراف الصراع هناك، كما يمكنها الاستعانة بقطر وباكستان لممارسة النفوذ على طالبان لتخفيف المعارضة للدور التركي.
وتتنسد تركيا إلى تورطها العسكري في عدد من الدول مثل سوريا وليبيا، حيث لم تتعرض إلى خسائر فادحة، مما يحفزها على التدخل مجددا.