المرأة في إيران.. لا مكان في انتخابات الرئاسة
10:29 - 13 يونيو 2021قانونيا، لا يوجد نص يمنع النساء من ترشيح أنفسهن في انتخابات الرئاسة الإيرانية، لكن النظام الغريب من نوعه في العالم، لا يعدم وسيلة لإقصائهن تحت حجج واهية.
ورفضت السلطات الإيرانية أوراق 40 امرأة تقدمت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المزعم إجراؤها في الـ18من الشهر الجاري.
وجاء رفض أوراق هؤلاء المرشحات، رغم استيفاء الكثيرات منهن الشروط المطلوبة.
وقال خبراء إن رفض السلطات الإيرانية لترشح النساء يؤكد فكرة التهميش المطلق للنساء من قبل النواة الصلبة من النظام الحاكم في إيران.
وقوبل قرار مجلس صيانة الدستور باعتراض كبير من طرف المنظمات الحقوقية والنسائية الإيرانية الناشطة، داخل إيران وخارجه على حد سواء، التي توقعت ارتفاع مستوى مقاطعة النساء لهذه الانتخابات إلى مستويات قياسية.
وجاء ذلك بعدما تحدثت المعارضة الإيرانية في الخارج عن أن مجموع التظاهرات النسائية داخل إيران خلال شهر مايو الماضي فقط بلغ 127 تظاهرة، منها 42 تظاهرات لنساء مطالبات بالعمل والعدالة في التوظيف العام دون تمييز على أساس النوع.
المناظرة السياسية التي جرت بين مُرشحي الرئاسة الإيرانية قبل أيام، تطرقت إلى قضايا الأسرة والنساء والشباب، ووعد المرشحون بالعمل على تحسين أوضاع النساء داخل البلاد في حال فوزهم في الانتخابات، وهو أمرر شككت به التنظيمات والشخصيات النسائية الإيرانية صراحة.
لا مصداقية
وتقول التنظيمات النسائية إن جميع المرشحين يفتقدون مصداقية تنفيذ برامجهم، خاصة أن غالبيتهم جاءوا من خلفيات سياسية ومؤسساتية مُتشددة.
الحركات والشخصيات النسوية الإيرانية ذكرن بما كان الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني قد وعده به قبل ثمانية سنوات تجاه حقوق النساء، سواء بالنسبة للقوانين والأوضاع الاقتصادية، إلى جانب استحداث وزارة خاصة بالمرأة وتعيين ثلاثة وزيرات، لكن لم يلتزم بتنفيذ هذه الوعود.
مرشحان اثنان فقط في الانتخابات الرئاسية الإيرانية هما عبد الناصر همتي ومحسن رضائي قطعا وعوداً براقة تجاه النساء في البلاد، لجذبهن ونيل أصواتهن، لكنها كانت مطابقة لما كان الرئيس الأسبق حسن روحاني قد تعهد به من قبل، أي مجرد التعهد بتعيين النساء في مواقع سلطوية رئيسية، وليس سياسات مبرمجة ومُحددة لتغير وقائع وأحوال النساء في البلاد.
الناشطة المدنية الإيرانية، دلخوش برهامي، شرحت في حديث مع موقع "سكاي نيوز عرببية"، قال إن "قضية النساء في إيران ليست حصول بعضهن على موقع سلطوي هنا أو هناك، بل حقوق النساء التي يرفض مرشحو الرئاسة الخوض فيها تتعلق بتفاصيل أفعال الشرطة الأخلاقية بحق النساء في الشوارع مثلاً، أو حق النساء بحرية التنظيم المدني والمساواة الاقتصادية، لكن يتم غض النظر عنها بشكل عمدي منهم، لأنها تطلعات تمس جوهر النظام الحاكم".
الخوف من المرشح رئيسي
المنظمات والشخصيات النسوية الإيرانية عبروا عن مخاوفهم الشديدة مما قد يتخذه المُرشح الأعلى حظوظاً في الفوز إبراهيم رئيسي من خطط وسياسيات تجاه أوضاع النساء في إيران في حال فوزه في هذه الانتخابات. فرئيسي الذي كان في أعلى هرم السُلطة القضائية في البلاد، أتخذ قرارات اعتبروها "خطرة للغاية" بحق النساء الإيرانيات ونضالهن في سبيل نيل حقوقهن.
وكانت تجربة القواعد الاجتماعية النسائية الإيرانية مع مرشحي الرئاسة الإيرانية قد بدأت منذ عام 1997، حينما أيدوا بشكل استثنائي المُرشح الإصلاحي وقتئذ محمد خاتمي، الذي كان يتبنى برنامجاً سياسياً يدعو لإحداث تغيرات جوهرية في مجالات حقوق الإنسان والنساء والمُجتمع المدني في إيران، ذلك البرنامج التي قال الناشطون الإيران فيما بعد بأنه لم يُحقق فعلياً أي من وعوده.
الناشطة والكاتبة الإيرانية الشهيرة، آزادى زاميريراد، كتبت مقالة تحليلية لصالح مؤسسة "فريدريش أيبريت"، حللت فيه مدلولات حضور النساء خلال الحملات الانتخابية.
وقالت: "الاقتراب من الانتخابات يفتح مساحة سياسية لفضح المظالم المنهجية واتخاذ الإجراءات المضادة. حاولت النساء الإيرانيات مراراً وتكراراً المشاركة كمرشحات للرئاسة، متحدين مجلس صيانة الدستور علناً".
وتابعت: "حتى وفاته في عام 2019، سجل الصحفي وعضو البرلمان السابق عزام طالقاني ما مجموعه أرشيف خمس مرات للانتخابات الرئاسية، كان آخرها في عام 2017. حيث حاولت 136 امرأة حسب ذلك الترشح لكن دون نجاح أي واحدة منهن".
"وعلى الرغم من أن رئيس مجلس صيانة الدستور، عباس علي قدخدائي، قد أكد علناً في عدة مناسبات أن المرأة ليست ممنوعة قانوناً من رئاسة الجمهورية. أي أن هكذا قرارات أنما تعكس آلية صنع القرار في المجلس حتى الآن، وتالياً مرامي وموقف النظام من النساء".
الناشطات النسويات ومؤسسات المُجتمع المدني الإيرانية، ذكرن خلال الأيام الماضية مستويات الاهتمام بالقضايا الخارجية التي يغرق مرشحو الرئاسة الإيرانية في مناقشة أدف تفاصيلها، مع تجاهل تام للحياة اليومية لنصف المجتمع الإيراني، أي النساء، اللواتي يعانين من إجراءات قاسية في كل مناح الحياة، سواء فيا يتعلق بالزي العام أو الموقع من العائلة والحقوق المدنية والحريات العامة.