الغلاء قادم.. الحكومة التونسية تتحرك لنزع "فتيل الأزمة"
15:57 - 09 يونيو 2021يخشى التونسيون أن تنفذ حكومة هشام المشيشي إصلاحات اقتصادية تؤدي إلى دعم الدعم عن السلع الأساسية، الأمر الذي يعني في حال حدوث مزيدا من الضغط على السكان ذوي الدخل المحدود.
ويصف خبراء الاقتصاد في تونس الوضع المالي والاقتصادي الحالي بالأصعب على الإطلاق منذ الاستقلال، خاصة بعد أن تجاوزت ديون البلاد حاجز 36 مليار دولار.
وتونس مطالبة بسداد ديون قيمتها 5.4 مليار دولار خلال عام 2021. كما أنها بحاجة إلى 7 مليارات دولار للإيفاء ببنود ميزانيتها لعام 2021.
والبلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية متتالية، تفاقمت الأحوال فيها مع جائحة كورونا التي عصفت بقطاع السياحة أحد أبرز مداخيل الدولة من العمل الصعبة، مع اشتعلت الاحتجاجات الاجتماعية أكثر من مرة.
مفاوضات تقود للغلاء
وإزاء هذه المعطيات، لجأت تونس إلى خوض مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي سعيا للحصول على قرض بمليارات الدولارات.
لكن المفاوضات مع هذه المؤسسة الدولية تعني الإلتزام بشروطها، ولا سيما تنفيذ خطة إصلاحات اقتصادية، جوهرها رفع الدعم عن السلع الأساسية .
وبالفعل، الحكومة التونسية ذاهبة في هذا الاتجاه، وينشغل التونسيون بما طرحته الحكومة في وثيقة الإصلاحات الاقتصادية الموجهة إلى صندوق النقد الدولي.
وتسعى الخطة إلى إلغاء الدعم عن مواد غذائية أساسية كالحليب والدقيق والسكر والزيت.
ويخشى التونسيون أن يؤدي الأمر إلى رفع الأسعار بشكل كبير، خاصة بعد أن تم رفع الدعم بشكل غير مسبوق في سعر مادة السكر في غضون هذا الأسبوع.
وتمثل الكلفة المالية لدعم المواد الأساسية و قطاع النقل 13 بالمئة من ميزانية عام 2021 بقيمة 3400 مليار دينار تونسي، غير أن الكثير من الخبراء يعتبرون الرقم يحتاج إلى لمراجعة دقيقة دون ظلم للفئات الضعيفة.
الدعم لا يذهب لمستحقيه
وقال الخبير الاقتصادي، حسين الديماسي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن دعم القدرة الشرائية للفئات الضعيفة هو واجب وطني من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، لكن منظومة الدعم الحالية ينخرها الفساد وتحتاج للمراجعة حتى يستفيد منها مستحقيها دون سواها.
وأضاف أن عددا من المؤسسات الإقتصادية الكبرى تستغل المواد الأساسية المدعومة في نشاطها الصناعي كما يتم تهريب جزء من المواد المدعومة خارج البلاد.
وقال إن تونس تعرف تبذير كبير في استهلاك بعض المواد المدعومة ذات التأثير السلبي صحيا واجتماعيا على المواطن كالسكر والدقيق الذي تستورده البلاد بالعملة الصعبة.
أسباب المشكلة
ومن جهته، أكد الخبير في تنمية الموارد، حسين الرحيلي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه تم رصد خروق كبيرة في استعمال المواد المدعومة بسبب ضعف مراقبة الدولة.
وأضاف أن 20 بالمئة من نفقات الدعم المباشر فقط تذهب لمستحقيها بينما يستفيد من منظومة الدعم أصحاب الدخل المرتفع والسياح والمؤسسات الإقتصادية كما يذهب جزء منها إلى السوق الموازية ما أرهق كاهل الدولة لسنوات طويلة.
واعتبر الرحيلي أن ضعف الدولة في مواجهة التهريب و الفساد هو السبب في خلل منظومة الدعم التي لا يجب أن ينظر إليها على أنها منة تجاه الشعب بل هي جزء من حقوقه على الدولة.
وتحتاج معالجة فساد منظومة الدعم بحسب الخبير في تنمية الموارد إلى مراقبة مسالك توزيعه وتطوير المراقبة الاقتصادية وتحديد قاعدة بيانات رقمية للفئات المستحقة وتغيير الإطار التشريعي من أجل تجريم التهريب و تجريم استفادة البعض بطرق غير قانونية من المواد المدعومة من طرف الدولة.
وقال الرحيلي أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن إصلاح المنظومة السياسية في البلاد وإبعاد الفاسدين عن دوائر الحكم.
الاتحاد متمسك بموقفه
في سياق، ذلك أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، منعم عميرة، في حوار مع الوكالة الرسمية أن الاتحاد متمسك بدعم المواد الأساسية باعتباره من المسائل الحيوية بالنسبة إلى عموم الشعب الذي هو في حاجة إلى دعم هذه المواد الاستهلاكية،
وقال عميرة: "يبدو أن الحكومة التونسية قد سقطت في مستنقع إملاءات صندوق النقد الدولي والجهات المانحة بما من شأنه أن يؤجج الوضع الإجتماعي في البلاد".
وأكد عميرة رفض منظمة الشغالين في تونس لإقدام الحكومة على الترفيع في سعر بعض المواد الأساسية اعتبارا لتأثيره السلبي على المستوى المعيشي للمواطن خاصة في ظل الأوضاع السياسية العصيبة التي تمر بها تونس.
يشار إلى أن محافظ المصرف المركزي مروان العباسي صرح خلال جلسة عامة أمام البرلمان بأن العجز المالي للميزانية بلغ 6.8 بالمئة، ووصل الإنكماش الاقتصادي إلى 8.88 بالمئة
وحذر من تصنيفات تونس المتدنية من طرف وكالات الترقيم العالمية بسبب عدم الإستقرار السياسي.