المهاجرون القاصرون في جيب سبتة.. اكتظاظ وأزمة وترحيل
16:19 - 28 مايو 2021بعد استبعاد إسبانيا لأكثر من 7000 شخص عبروا إلى جيب سبتة الأسبوع الماضي، تعمل حكومة البلد الأوروبي، على محورين فيما يتعلق بالقاصرين غير المصحوبين بذويهم.
ويقدر عدد هؤلاء المهاجرين القاصرين بنحو ألف تقل أعمارهم عن 18 سنة، ما زالوا في جيب سبتة حتى يوم الاثنين 24 مايو 2021، يتجولون في الشوارع أو يتم إيواؤهم في مراكز تديرها السلطات المحلية.
وكان آلاف المهاجرين قد وصلوا إلى جيب سبتة الخاضع لإدارة إسبانيا، شمالي المغرب، وسط أزمة ديبلوماسية بين مدريد والرباط.
من ناحية أولى، أعلن وزير الحقوق الاجتماعية الإسباني، يوم الثلاثاء، أنه سيتم قريباً نقل حوالي 200 قاصر من سبتة إلى مناطق مختلفة من إسبانيا، لإفساح المجال للوافدين الجدد، ممن كانوا موجودين بالفعل في الجيب الإسباني قبل الوصول الاستثنائي من المغرب.
وغرد الوزير الإسباني في تغريدة على موقع تويتر "بهذه الطريقة، نسهل رعاية أولئك الذين وصلوا للتو ومن ظلوا معنا لفترة طويلة".
ومن ناحية أخرى، تحاول السلطات أن تواصل مع عائلات القاصرين الذين يريدون العودة إليهم.
وعلى عكس البالغين، لا يمكن ترحيل القصر غير المصحوبين بذويهم تلقائيًا وبسرعة، بموجب اتفاقية جنيف لطالبي اللجوء (1951)، واتفاقية حقوق الطفل، والقوانين الأوروبية المتعلقة بحماية الأطفال التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء. وبالتالي، لا يمكن اتخاذ قرار التسوية أو الطرد إلا عند بلوغهم سن الرشد.
ومع ذلك، تمنح النصوص الحق في إعادة القاصر إلى بلده الأصلي بشروط ثلاثة؛ أولها أن يوافق الوالدان على هذه الإعادة وتقديم دليل على أبوتهم. وعدم تعريض القاصر للخطر بعودته إلى بلده، كما أن القاصر يجب أن يوافق على الأمر.
صعوبات التوزيع والتسجيل
وبحسب فرانسيسكو كارديناس، رئيس جمعية "أبروديم" الإسبانية لحماية الطفولة في تصريحه لموقع سكاي نيوز عربية، فإن أحدث بيانات نشرها مكتب المدعي العام للدولة، تؤكد أن 12 ألف و417 قاصرا أجنبيا مسجلا على الأراضي الإسبانية.
وأضاف أن هذه "الأرقام تبقى بعيدة عن الواقع بكثير كما تلاحظ معظم المنظمات غير الحكومية".، لأن غالبيتهم غير مسجلين وآخرون يمرون من إسبانيا للوصول إلى دول أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا أو المملكة المتحدة أو بلجيكا.
ويضيف في هذا الشأن، "من الواضح أن القاصرين "يأتون إلى أوروبا"، ولكن على حد علمي لا توجد سياسة توزيع على بلدان مختلفة. كلهم يقيمون في إسبانيا".
وعن عملية التوزيع، يوضح كارديناس أن توزيع القاصرين يتم بين مختلف مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا "توجد 17 منطقة حكم ذاتي بالإضافة إلى سبتة ومليلية. ووفقًا لمعايير مختلفة تقيس أساسا سعة كل منطقة، يتم توزيع القاصرين واستقبالهم في المراكز. غير أن العملية عادة ما تكون بطيئة".
ويتيح التسجيل في السجلات لهؤلاء الشباب الذهاب إلى المدرسة والاستفادة من الضمان الاجتماعي المحلي. لكن الجزء الأصعب هو الوثائق الرسمية بالنسبة للغالبية العظمى منهم، لأنهم يصلون إلى إسبانيا بدون وثائق.
وعلى صعيد آخر، تزامن وصول القاصرين الجدد إلى سبتة مع مصادقة النواب الإسباني على قانون لحماية القاصرين، إلا أن رئيس الجمعية الإسبانية يعتبره قانونا يحميهم من العنف الجنسي أو الاعتداء الجسدي ولا يغطي كل أنواع العنف. إذ أن "هناك عنفا مؤسسيا آخر لا يدخل في هذا القانون".
ويتابع، "هذا القانون الجديد لا يواجه في العمق الإصلاح المطلوب، حيث إنه في إسبانيا لا يتم اتخاذ قرار إبعاد قاصر عن والديه أو قرار قبوله في مركز إيواء أو أي قرار آخر من قبل القاضي. بل من طرف رجال الخدمة المدنية دون أي نوع من الرقابة، وهذا يعرضهم لخطر التعسف كما يحدث في كثير من الحالات".
تضامن الأسر الإسبانية
وبين مراكز مكتظة بالمهاجرين وشوارع تأوي المشردين والفارين من مراكز الإيواء، بادرت أسر في مدينة سبتة لمساعدة هؤلاء القاصرين.
وفي حديثها لموقع سكاي نيوز عربية، تؤكد صباح دودوح، إحدى ساكنة المدينة أنها فتحت منزل أسرتها لاستقبال المئات، منذ الثلاثاء الماضي.
وصرحت "ورثت روح المساعدة من والدي اللذين كانا يساعدان كل محتاج ويفتحان باباهما لكل مغترب، وفي فترة انتشار الوباء ومع إقفال المغرب حدوده بدأت عملي التطوعي بشكل رسمي، إذ استقبلت في بيتي وبيت العائلة عشرات الأسر".
ومع موجة الهجرة الجديدة التي عرفتها المدينة، ورغم تخوفها من الأوضاع، بادرت صباح إلى المساعدة، "لا أخفي أنني ترددت في اليوم الأول في تقديم العون، لكن بعد أن شاهدت شبابا يتجولون حفاة في الشارع، ويعانون الجوع والعطش، تدخلت واستضفت حوالى 100 شخص في الساعات الأولى، وفرت لهم المأكل والملبس رغم تحذير السلطات لنا، وحاليا خلال اليومين الأخيرين، استقبلنا حوالى 1000 شخص".
وأوردت "هم ليسوا قطاع طريق ولا أبناء شوارع، هم أصحاب شهادات في القانون والاقتصاد وحرفيون ضاقت بهم السبل" هكذا تقول صباح بكل أسف.
وتوضح في المقابل، أن الكثير من سكان المدينة وخارجها، من مسلمين ومسيحيين إسبان، قدموا الأغطية والملابس وبعض المواد الغذائية. "لكن أمام هذه الأعداد الكبيرة الوافدة لا شيء يكفينا".
وتختم حديثها بأنها أقنعت الكثير من القاصرين بالعودة، خصوصا أولئك الذين غادروا المغرب دون علم ذويهم، "سلمت الكثير من الشباب إلى السلطات المحلية برضاهم، بعد أن اقتنعوا أن ما ارتكبوه عرض حياتهم للخطر والمجهول هو ما ينتظرهم".