التوقيت والموقع.. أبعاد استراتيجية لزيارة السيسي إلى جيبوتي
19:24 - 27 مايو 2021تحمل الزيارة "التاريخية" للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، إلى جيبوتي، أبعادا استراتيجية ذات دلالات مُهمة في توقيت حساس تعيشه منطقة القرن الإفريقي، ولما تتمتع به جيبوتي من مكانة جيو استراتيجية مؤثرة.
وتأتي تلك الزيارة في إطار سعي القاهرة لتعزيز علاقاتها مع دول القارة، وهو النهج الذي تتبعه الدولة بشكل واضح لتعميق التعاون مع العمق الأفريقي على شتى الأصعدة.
الزيارة التي وصفها المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير بسام راضي، بـ"التاريخية"، تعتبر الأولى من نوعها، ويناقش خلالها السيسي مع نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي، بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين الشقيقين ويجسد الإرادة القوية المتبادلة لتعزيز أطر التعاون بينهما.
موقع استراتيجي
يتحدث المفكر الاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن الأبعاد الاستراتيجية لزيارة الرئيس المصري لجيبوتي، مشدداً على أن "جيبوتي لها موقع استراتيجي هام في منطقة القرن الأفريقي، وتؤثر على عملية الملاحة في قناة السويس".
ويلفت إلى أن "جيبوتي بها ست قواعد عسكرية حالياً، ما بين أميركية وفرنسية وإيطالية وإسبانية، وتواجد صيني وياباني"، مردفاً: "كان من المهم أن نعيد علاقاتنا الطيبة بهذا البلد في إطار تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسي لاحتواء قارة أفريقيا مرة أخرى ودول القارة، من أجل علاقات متينة وقوية".
ويشير مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية سابقاً، إلى أن "زيارة الرئيس المصري لها أهمية استراتيجية؛ نظراً لمكانة جيبوتي الجيو استراتيجية في المنطقة، ومن أجل التعاون بين مصر وهذه الدول في إطار عودة مصر لدول القارة".
وتقع جيبوتي على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها إريتريا من الشمال وإثيوبيا من الغرب والجنوب والصومال من الجنوب الشرقي. وتطل شرقًا على البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الجانب المقابل لها عبر البحر الأحمر اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومترًا عن جيبوتي.
منح هذا الموقع الاستراتيجي المميز تلك الدولة الأفريقية العربية أهمية جيواستراتيجية متعاظمة إقليمياً ودولياً، وصارت محط أنظار العالم والقوى الكبرى، من بينها الصين على سبيل المثال.
سد النهضة
ويربط محللون بين تلك الزيارة وملف "سد النهضة الأثيوبي"، وهو ما يتحدث بشأنه خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية اللواء محمد عبد الواحد، الذي يقول في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي تمثل "زيارة مهمة في إطار ملف سد النهضة، ومحاولة إقامة علاقات طيبة مع كل دور الجوار الإثيوبي؛ في محاولة للتأثير على أديس أبابا من جانب من تلك الدول".
ويشير إلى أن "إثيوبيا تربطها مصالح كبيرة جداً مع جيبوتي التي تعتبر أهم دولة من دول الجوار الجغرافي لإثيوبيا، وهي الدولة الوحيدة من دول الجوار الإثيوبي التي لا يمكن لأديس أبابا إثارة نزاعات أو مشكلات حدودية معها كما تفعل مع دول أخرى مثل إريتريا وكينيا والصومال والسودان".
ويلفت خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية إلى أن "جيبوتي هي الرئة التي تتنفس بها إثيوبيا، لا سيما أن الأخيرة تعتبر حبيسة ليس لها منافذ على البحر أو المحيط، والسلع والواردات ومسلتزمات الإنتاج الواردة من الخارج كافة لابد أن تنتقل عبر ميناء جيبوتي".
ومن هنا -بحسب عبد الواحد- تأتي أهمية التنسيق المصري مع جيبوتي، نظراً لأن الأخيرة يمكنها أن تقوم بدور في ملف سد النهضة، في إطار السعي للتوصل لاتفاق أو تهدئة.