غزة تنتظر مساعدات دولية.. كيف يتم إنفاقها لخدمة الفلسطينيين؟
21:07 - 23 مايو 2021مع استمرار سريان التهدئة في غزة والضفة الغربية وإسرائيل، توظف عدة دول جهودها لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي تعرض للدمار بسبب التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على مدار 11 يوما.
وأبدت عدة دول، أبرزها الولايات المتحدة، استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار غزة، لكنها حذرت في الوقت نفسه من الاستغلال السياسي لتلك المساعدات الموجهة للشعب الفلسطيني، من جانب أي طرف.
وقدّر مسؤولون فلسطينيون تكاليف إعادة إعمار غزة بعشرات الملايين من الدولارات، وقالوا إن الضربات الإسرائيلية طالت 16800 منزل، فيما لا تتوفر الكهرباء إلا لساعات محدودة يوميا.
وتنتظر غزة مساعدات من أكثر من دولة ومنظمات مانحة لإعادة الإعمار. وقبل التوصل إلى التهدئة برعاية مصرية، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مبادرة مصرية لتخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع، بمشاركة الشركات المصرية المتخصصة في أعمال البنية التحتية والمقاولات.
توجيه المساعدات لمستحقيها
وأكد خبراء في مجال المساعدات الدولية، أن كثيرا من دول العالم والمنظمات الدولية ستسعى للمساهمة في إعمار غزة، انطلاقا من أن إعادة الحياة لطبيعتها تدعم التهدئة وتضمن عدم تجدد المواجهات وتمهد لمفاوضات سلام.
وأوضح خبراء أن الدول التي سترسل مساعداتها للفلسطينيين مدفوعة بتعاطف دولي بعد الدمار الذي لحق بغزة، وسيكون مهما للجهات المانحة ضمان وصول المساعدات لمستحقيها، عبر توظيفها في مشروعات لخدمتهم، والحيلولة دون وصولها لأي طرف آخر حتى لو كان فلسطينيا، خاصة مع استمرار الانقسام بين الفصائل الفلسطينية.
ويقول الخبير الاستراتيجي المتخصص في ملف "المساعدات الدولية"، اللواء محمد الجوهري، إن المتعارف عليه بشأن توجيه مساعدات أو معونات إلى دول أو أطراف محلية، لا يكون تحويل الأموال نقدا، لكن في صورة "دعم عيني" بقيمة المبلغ المُعلن عنه من المانحين، موضحا أن هذا الأمر يسري على المعونات الاقتصادية وإعادة الإعمار.
مراقبة مصرية
ويتابع الجوهري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مصر هي "الدولة الوحيدة حتى الآن التي أعلنت عن توجيه مساعدات لإعادة إعمار غزة، ومن المقرر أن تكون مشروعات الشركات المصرية المساهمة في الإعمار تحت سيطرة الدولة المصرية، وسيجري عمل تقييم ومتابعة لما يتم تنفيذه من جانبها".
ويشير الخبير الاستراتيجي، إلى أن هناك وفودا ترافق المساعدات الطبية والإنسانية والغذائية المقدمة من مصر إلى غزة، ويتم تسليمها إلى المستشفيات أو جهات الإغاثة، "لضمان عدم استغلالها في أغراض سياسية من جانب أي طرف".
كما يلفت إلى أن "الدول المحبة للسلام"، على حد وصفه، ستحذو حذو مصر بالتأكد من توظيف المساعدات "العينية" ومشروعات إعادة الإعمار لصالح الشعب الفلسطيني.
مساعدات دولية
ويتصدر ملف إعمار غزة اهتمامات الإدارة الأميركية، إذ تعهد الرئيس جو بايدن بجمع "مبلغ كبير" لإعادة إعمار القطاع.
وقال قبل أيام إن واشنطن "ستعمل من خلال الأمم المتحدة ومع أطراف دولية أخرى، وسيجري التنسيق لمثل هذه المساعدات مع السلطة الفلسطينية، لكن من دون إتاحة الفرصة لحماس لإعادة بناء ترسانتها".
وسيُضاف إلى المساعدات الأميركية لغزة، مساعدات أخرى للفلسطينيين بقيمة 235 مليون دولار، أعلنت عنها واشنطن في أبريل، مع استئناف تمويل وكالة "الأونروا" وإعادة مساعدات أخرى أوقفها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
دور المانحين
ويقول المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير أشرف حربي، إن مراقبة المساعدات الموجهة إلى غزة تخضع لما أسماه بـ"الإطار المُحكم" من خلال عدة أطراف.
ويوضح حربي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الجهات المانحة "يكون لها دور رقابي على المنح المرسلة من طرفها، حيث تتواجد مكاتب لتلك الجهات حال كانت مؤسسات مجتمع مدني، أو دول لها بعثات دبلوماسية، ويتم تقييم فعالية المنح في إنجاز الغرض المرسلة إليه بشكل مستمر".
وعن احتمالية استغلال المساعدات بصورة غير سليمة أو في أنشطة غير الغرض المخخصة له، قال حربي إن "الأجهزة الأمنية تراقب هذه الأمور بطريقتها الخاصة، ففي حال وقعت تلك المخالفة في نطاق اختصاصها، فإنها تعمل على وقفها".
المساعدات في قلب المفاوضات
وكشفت مصادر فلسطينية لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ملف المساعدات الموجهة لغزة، خصوصا التي تتلقاها حركة حماس، والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، كانت محورا أساسيا في المفاوضات التي قادت إلى التوصل للتهدئة.
وأوضحت المصادر أن الجانب الفلسطيني "شدد على مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات والمعونات الدولية إلى غزة، وتسهيل تحركات إعادة الإعمار، ووصول حصص الوقود اللازمة لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية، وعدم التعرض لخطوط الكهرباء داخل القطاع".
في المقابل، حسب المصادر الفلسطينية، أثارت إسرائيل أيضا ملف المساعدات الخارجية التي تتلقاها حماس، واشترطت تل أبيب ألا تذهب تلك المساعدات لتمويل القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية ومنظومة الصواريخ، وإلا يعتبر ذلك "نقضا لاتفاق التهدئة".
وما بين المطالبات الفلسطينية والإسرائيلية بشأن المساعدات، يبحث الوسطاء، وفق المصادر، آليات آمنة ومشروعة لتلقي المساعدات الموجهة إلى غزة، بما يدعم التهدئة.
أهمية المصالحة
وتابعت المصادر الفلسطينية، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، طلب من الوسطاء، خصوصا الجانب المصري، "تكثيف جهود المصالحة الفلسطينية، لمواجهة التحديات التي تتعرض لها القضية ودعم جهود السلطة الفلسطينية من جانب كافة الفصائل، لتحريك عملية السلام".
وبحث الرئيس الفلسطيني، السبت، في مقر السلطة الفلسطينية بمدينة رام الله، مع الوفد الأمني المصري، جهود التهدئة وإعادة إعمار غزة.
وشددت المصادر على أن السلطة الفلسطينية ينتظرها "دور أكبر في المرحلة المقبلة، باعتبارها الممثل المعترف به دوليا للشعب الفلسطيني، والمسؤولة عن تنسيق المساعدات الدولية الموجهة للفلسطينيين، خاصة من الأمم المتحدة".