محادثات فيينا..هل تتأثر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي؟
14:03 - 19 مايو 2021قبل نهاية الأسبوع الماضي طالب عشرات النواب بمجلس الشيوخ الأميركي، رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، بتعليق المحادثات النووية مع إيران، المنعقدة في فيينا، وذلك على وقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي.
43 عضواً في مجلس الشيوخ، بقيادة السناتور ماركو روبيو، قالوا في رسالة لبايدن عقب بدء التصعيد بين غزة وإسرائيل، إن إيران تمول أنشطة حركة "حماس"، ودعوه إلى وقف المحادثات معها بشأن الاتفاق النووي، بعد استهداف المدنيين والمدن الإسرائيلية، على حد قولهم.
يعكس ذلك جانباً من تشعبات وانعكاسات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الحالي على عديد من القضايا والملفات الدولية المختلفة، بما في ذلك الملف الذي كان يحظى بالصدارة على طاولة المجتمع الدولي خلال الأسابيع الماضية، والمرتبط بمحادثات العودة إلى الاتفاق النووي، والتي اختُلف حول تقييم نتائج جولاتها السابقة، في ظل رفع طهران سقف مطالبها وبالتبعية تضاؤل فرص التوصل لاتفاق.
مساران
يقول الباحث في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن إيران تسير بناءً على استراتيجيتين رئيسيتين؛ الأولى هي التفاوض، وهي استراتيجية تتبناها حكومة حسن روحاني الحالية ووزير خارجيته جواد ظريف، لإحداث نوع من الاختراق في ملف مفاوضات الاتفاق النووي من قبل تلك الحكومة قبل انتهاء مدة عملها في يونيو المقبل.
الاستراتيجية الثانية هي استراتيجية "الضغط" التي تتبناها الحكومة الإيرانية، فيما يخص مسألة تخصيب اليورانيوم وتطوير البرنامج النووي، وكذا سلوك إيران في المنطقة.
ويشير خيري إلى أن "إيران -في إطار استراتيجية الضغط- وجدت في التصعيد الحالي فرصة من خلال إمداد المقاومة الفلسطينية بالدعم اللوجيستي والعسكري والمادي لمواجهة إسرائيل، وبالتالي هذا الموقف بالطبع قد يؤثر بشكل ما على المحادثات، لكني لا أعتقد بأن إيران هي بالأساس من افتعلت الأحداث الراهنة وهي من أوعزت لحماس بتوجيه صواريخها لإسرائيل لإحداث نوع من الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية".
ويلفت إلى أن التصعيد الأخير في غزة يسفر عن نوع من التعطل أو الإرجاء للمحادثات، لكنه يوضح بموازاة ذلك أن "أحداث غزة الأخيرة حتى وإن لم تحدث فإننا كنا نتوقع بشكل عام تأخر المحادثات في التوصل لاتفاق بشكل عام، بالنظر إلى قرب إجراء الانتخابات الإيرانية في يونيو، وقلق واشنطن من صعود رئيس متشدد قد يلغي ما سبق وأن تم الاتفاق عليه مع حكومة حسن روحاني".
محادثات
وانطلقت محادثات فيينا في الأسبوع الأول من شهر أبريل الماضي، بين إيران ومجموعة 4+1 (روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) ضمن اللجنة المشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وتستهدف المحادثات إحياء الاتفاق وعودة واشنطن وطهران لالتزاماتهما. في الوقت الذي عبر فيه مراقبون عن تضاؤل فرص التوصل لاتفاق سريع.
وجاءت أحداث غزة الأخيرة لتثير مزيداً من الأسئلة حول مدى تأثر تلك المحادثات بالتطورات الجارية. وكانت وزارة الخارجية الإيرانية والمندوب الروسي إلى محادثات فيينا، قد حددا تاريخ 21 مايو كموعد مأمول لإبرام الاتفاق.
ونقلت تقارير إعلامية إيرانية تفاصيل اتصال هاتفي جمع قائد لواء القدس بالحرس الثوري الإيراني اللواء إسماعيل قاآنى بقائد حركة حماس إسماعيل هنية، مطلع الأسبوع، وعد خلاله الأخير بتقديم "الدعم غير المحدود" لحماس.
الاتفاق النووي
يقول الباحث في الشأن الإيراني محمد عبادي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "ملف المحادثات الهادفة للعودة للاتفاق النووي كان بمثابة الملف الأول على طاولة المجتمع الدولي، وكان يمضي قدماً وفق التصريحات الإيرانية التي شددت على الوصول لخطوات جيدة في هذه المحادثات، لكن أحداث غزة والعدوان الأخير خطف الأنظار والاهتمام".
ويشير إلى أن طهران على مدى أربعة عقود دأبت على "المتاجرة بالقضية الفلسطينية" ورفعت شعارات (الموت لأميركا والموت لإسرائيل) وشعارات (المقاومة)، وحاولت في كل مرة كان بها اشتباك أو عدوان إسرائيلي على غزة أن تضع قدمها في هذا التصعيد وترفع شعارات (دعم المقاومة) وغير ذلك، و"توعز لحليفها في لبنان (حزب الله) بضرب بعض الصواريخ أو خلافه".
ويتابع: "الآن هي (إيران) محاصرة في الزاوية؛ لأنها تعرف تماماً بأنها إذا انخرطت في هذا العدوان أو التصعيد فإن ذلك سوف يخصم من رصيدها في المفاوضات والمحادثات المتعلقة بالاتفاق النووي"، مشيراً إلى وضع إيران الاقتصادي المتأزم، والذي قد يقود إلى ثورة داخلية، وبالتالي "تستمر في مسارين؛ المسار الأول استمرارها في المتاجرة بالقضية الفلسطينية ورفع شعارات نصرة الأقصى والمقاومة، والمسار الثاني هو التراجع النسبي بين الخطوط، والتغافل عن بعض التصعيد".
وفي الوقت الذي تحدثت فيه إيران في وقت سابق عن تقدم نسبي بالمفاوضات، إلا أنها نوهت بموازاة ذلك أيضاً بأن "المفاوضات تصل إلى طريق مسدود" مع رفض واشنطن رفع العقوبات عن 500 اسم وكيان إيراني، فإن الأطراف المشاركة لا تزال تتمسك بأمل التوصل لصيغة للعودة إلى الاتفاق.
وبالتزامن مع المفاوضات الحالية، تشهد إيران في 18 يونيو المقبل انتخابات رئاسية يجرى التحضير والاستعداد لها في الوقت الحالي من جانب الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي بإيران.