حملة كبيرة في المغرب للحد من "جشع" حراس السيارات
22:09 - 17 مايو 2021شهد المغرب في السنوات الأخيرة حملات متكررة في مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب المسؤولين بتنظيم مهنة حراسة السيارات، وتشديد المراقبة على ممتهنيها والحد من جشعهم، خاصة أولئك الذين يمارسونها بشكل عشوائي، ويعطون لأنفسهم الحق في ابتزاز المواطنين والتعامل معهم بعدوانية كبيرة.
فبعد حملة "قهرتونا" (أي أرهقتمونا)، و"ماعندكش البادج" (أي ليست لديك الرخصة) في عام 2019، أطلق مجموعة من المواطنين وفي مدن مختلفة كالدار البيضاء، ومراكش، وطنجة، والرباط وغيرها، حملة واسعة تحت وسم "عيقتو" (أي تماديتم)، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب السلطات بوضع حد لانتشار ظاهرة حراس السيارات بمختلف الشوارع والأزقة بالمدن المغربية، التي يفتقر أغلبها إلى مرائب كافية للسيارات، والحد من سطوة أصحاب "السترات الصفراء والبرتقالية" الذين تناسلوا بشكل كبير، ولم يعد المواطن يعرف منهم الحارس الحقيقي من الحارس المزيف.
كما يطالب نشطاء الحملة بردع الحراس الذين يطالبون المواطنين بدفع مبالغ تفوق التعريفة المنصوص عليها قانونيا، والمحددة في 5 دراهم للشاحنات والحافلات، و3 دراهم للسيارات، ودرهمين بالنسبة للدراجات، وذلك من السابعة صباحا إلى الثامنة مساء، على أن تضاعف تلك التسعيرة ليلا.
المهن والهوايات التي تعلّم الصبر
عبد الستار، مواطن مغربي يعمل وسط العاصمة المغربية الرباط، يضطر يوميا إلى ركن سيارته بالشارع قرب عمله، الذي لا يتوفر على مرأب، يقول في تصريح لـ "سكاي نيوز عربية": "موقف السيارات أصبح مشكلا حقيقيا في العديد من المدن المغربية، وخاصة الرباط والدارالبيضاء، فلولا ضرورة التنقل من أجل العمل بسيارتي لما استعملتها إطلاقا، وعوضتها بسيارة الأجرة أو الطرامواي، لأن إيجاد مكان لركن السيارة أصبح مشكلا حقيقيا، وحتى إن توفر، فهو يكلفني يوميا ماين 10 و20 درهما، لأن حراس السيارات لا يقتعون بالدراهم المعدودة التي قد نمدهم بها، فيطلبون المزيد، منهم من أصبح يبتز المواطنين ويتعامل معهم بصلافة كبيرة، وقد تحدث مشادات بالأيدي بين الحراس وأصحاب السيارات".
ويضيف عبد الستار أن "عدد مستعملي السيارات كبير جدا، والمدن الرئيسية مثل الرباط لم تضع في حسبانها التزايد الذي يمكن أن يحصل في عدد مستعملي السيارات للتنقل والعمل، وهو ما يستلزم وجود مواقف للسيارات بالقرب من الإدارات والمؤسسات، ولعل هذا الأمر هو الذي دفع بالجهات المسؤولة إلى التفكير في بناء مرائب تحت أرضية، ولكنها مع ذلك لا تفي كلها بالغرض، لهذا يضطر المواطنون، وأنا أحد منهم، إلى رأب سياراتهم في الشوارع والأزقة المحيطة بمكان العمل".
من جهته، يرى السيد خالد، حارس السيارات بزنقة المرابطين بحي حسان بالعاصمة الرباط، والذي يمارس هذه المهنة لمدة 14 سنة من دون أي ترخيص، أن هذه المهنة فعلا تحتاج إلى تنظيم وتقنين، وأنه تقدم منذ عام 2013 بطلب إلى الجماعة المحلية بالمنطقة من أجل الحصول على رخصة، ولكنه لحد الساعة لم يحصل عليها لا هو ولا العديد من الحراس، الذين يرغبون في العمل بشكل منظم.
ويذكر خالد، الذي ساقته ظروفه الصحية إلى العمل في هذه المهنة بعدما كان يمارس الصيد البحري، في تصريح لـ"سكاي نيوز عرية": "أمارس هذه المهنة بموافقة السلطات الأمنية بالمنطقة، وهم أغلب زبائني، لأن الشارع يوجد بالقرب من ولاية الأمن، وهم يضعون في الثقة ويتركون لي مفاتيح سياراتهم. لا أفرض عليهم تسعيرة معينة، ولكن كل واحد يقدم لي ما يريده، ومدخولي اليومي هو حوالي 200 درهم مغربي يوميا".
ويوضح خالد، الذي يحظى باحترام كبير وتقدير من رجال الأمن، كما عاينت "سكاي نيوز عربية"، أن هذه المهنة فعلا تشوبها الكثير من الاختلالات، وفقدت قيمتها مع كثرة المتطفلين عليها، والذين لجؤوا إليها حينما أغلقت كل الأبواب في وجوههم.
الشيء نفسه يؤكده السيد محمد، ذو 44 سنة، والذي يعمل حارسا بزنقة عبد المومن بحسان بالقرب من أحد الأبناك المهمة، ويقول إن 70 في المئة ممن يمارسون هذه المهنة هم غير مؤهلين، وأغلبهم من ذوي السوابق أو من المتعاطين للمخدرات، لهذا يستعملون كل الأساليب ويبتزون المواطنين لتأمين مصروفهم اليومي لتلك الموبقات.
وعن نفسه، يقول محمد: "أمارس هذه المهنة منذ 23 سنة بالموازاة مع مهنة أخرى، وهي سياقة سيارة الأجرة، وذلك لكي أوفر لأسرتي دخلا محترما. أنا مسجل لدى السلطات الأمنية، وأمارس هذه المهنة بعلم السلطات المختصة، كما مجموعة كبيرة من حراس السيارات الذين لا يتوفرون عل رخص الجماعة والتي توقفت هذه الأخيرة عن تسليمها منذ فترات طويلة".
وتجدر الإشارة إلى أن الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بالمغرب، سبق لها وأثارت هذا الموضوع، وتحدثت عن الوضع "الفوضوي" الذي تعرفه بعض المواقف العمومية للسيارات، خاصة في المدن الكبرى والمناطق السياحية، التي تعرف في فصل الصيف رواجا كبيرا.
وحذرت الجامعة من "غطرسة وهيمنة أصحاب هذه المواقف غير المنظمة"، ومن الابتزاز الذي يتعرض له المواطنون، في ظل غياب أي إطار قانون ينظم هذه المهنة، التي تعرف فوضى وتسيبا كبيرين بسبب الكثير من الدخلاء، الذين تحولوا بمجرد ارتدائهم لصدريات صفراء أو برتقالية حراسا لمواقف السيارات، وشكلوا وما زالوا ظاهرة مقلقة في الشارع العام بالمغرب.
وشنت السلطات في أكثر من مناسبة حملات أمنية على أصحاب تلك السترات ممن يعملون كحراس للسيارات، وذلك بعد تفشي مجموعة من الخروقات التي كان وراءها هؤلاء الممتهنون لحراسة السيارات بشكل غير قانوني.