رغم الخسائر.. لماذا ترفض إسرائيل التهدئة في غزة؟
21:26 - 15 مايو 2021مع اشتداد القصف الجوي على قطاع غزة وحشد قوات برية على حدوده، برزت التساؤلات عن آخر مراحل التصعيد الإسرائيلي، وأخطرها الاجتياح البري، استنادا للعمليات السابقة التي نفذت خلالها إسرائيل توغلا بريا بثمن باهظ وتكبدت بعده خسائر كبرى.
شكل الاجتياح المحتمل
ويرجح الخبراء شن إسرائيل "ضربات عسكرية خاطفة ومحدودة" داخل قطاع غزة لتحقيق 3 أهداف قبل إنهاء الهجمات على القطاع والقبول بالتهدئة.
وتشمل الأهداف "استنزاف قدرات المقاومة الفلسطينية وضرب بنيتها التحتية"، عن طريق استهداف مناطق إطلاق الصواريخ، و"ضرب الأنفاق" التي تسيطر عليها حركة حماس، و"استهداف قيادات الفصائل الفلسطينية" بالقطاع.
وأكد الخبراء أن تحقيق أي من هذه الأهداف قبل وقف إطلاق النار، يعزز موقف تل أبيب في المباحثات الجارية للتوصل إلى اتفاق تهدئة، ويمنح القادة الإسرائيليين "انتصارا معنويا" في الداخل الإسرائيلي.
ووسط تضارب الأنباء حول بدء هجوم بري على غزة، تحشد إسرائيل قواتها على حدود القطاع وتنشر عددا كبيرا من المدرعات والدبابات قرب الحاجز الفاصل بين غزة والأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، في خطوة تعيد للأذهان تحضيرات مماثلة لتوغلات إسرائيلية سابقة في القطاع.
وتركزت "المواجهات الرئيسية" بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة على 3 عمليات، أولها كانت "الرصاص المصبوب" عام 2009، والتي أدت لاجتياح بري للقطاع.
وفي 2012 أطلقت صواريخ وقذائف هاون من غزة تجاه أراضي تسيطر عليها إسرائيل لترد الأخيرة بهجمات جوية وحشد بري لم يستكمل بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار.
والعملية الثالثة كانت "الجرف الصامد" في 2014، والتي مرت بهجمات جوية وبرية ثم مواجهات بين الجانبين خلال هدنة مؤقتة، وصولا لتثبيت وقف إطلاق النار.
استهداف القيادات
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، اللواء دكتور محمد الغباري، أنه إذا استخدمت إسرائيل "القوة البرية" في اقتحام غزة، فسيكون على شكل "عمليات خاطفة، وليس تمركزا على الأرض أو احتلال مناطق أو السيطرة عليها لفترة طويلة".
واوضح الخبير المصري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن العمليات البرية لو جرت، "فستستهدف أماكن الصواريخ أو مخازن سلاح وذخيرة لا تستطيع القوات الجوية الوصول إليها، فضلا عن عمليات اعتقال بعض زعماء "حركة الجهاد" أو "كتائب القسام" و"حركة حماس".
خسائر متوقعة
ويصف الغباري الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنها "ليست في وضع مستقر أو قوي يجعلها تقدم على تحرك تخسر معه بشريا واقتصاديا، خصوصا مع الأزمات التي تواجهها وأبرزها الانتخابات".
وأوضح أن "أخطر الخسائر ستكون أسر أو قتل جنود إسرائيليين أو استهداف آليات عسكرية، ونزيف اقتصادي نتيجة استدعاء المزيد من قوات الاحتياط الإسرائيلية".
دور الأقمار الاصطناعية
ويلفت الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إلى أن سبب الأزمة هو التحركات الإسرائيلية التي وصفها بـ"المستفزة" للفلسطينيين والعرب في محيط المسجد الأقصى، مع استمرار خطة "تهويد القدس" بلا هوادة، لترد فصائل فلسطينية عليها عبر صواريخ في مدى يصل إلى 50 مترا، أثارت الذعر وأحدثت خسائر لدى إسرائيل، وهي الصواريخ التي حددت الأقمار الاصطناعية والاستطلاع الجوي الإسرائيلي أماكن خروجها، وحال شن ضربات خاطفة سيتم قصفها جوا أو برا في عمليات مركزة.
الأنفاق ومخازن السلاح
ويوضح الغباري أن إسرائيل "تعلمت من حربها مع حزب الله، أن هناك أسلحة وصواريخ مخزنة في أنفاق ومرابض تحت الأرض، قد يحتاج الوصول إليها إلى تدخل قوات برية".
ويتابع: "الاقتحام حال حدوثه سيكون لاستهداف الأنفاق ومخازن السلاح في عملية خاطفة، وليس احتلال أراض، وذلك في حال لم يكن تحرك القوات يحمل أهدافا سياسية بالأساس".
تحذيرات الوسطاء
في السياق نفسه، أشارت مصادر فلسطينية إلى أن الوساطة المصرية في الأزمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي حذرت من حالة عدم الاستقرار في المنطقة حال حدوث تدخل بري في غزة.
وأكدت في رسائلها لمسؤولي الجانبين، أن هذا التصعيد "سيعقد الأزمة المتفاقمة ويزيد من تدهور الأوضاع وأعداد الضحايا، وسيزيد من صعوبة الدور المصري تجاه وقف إطلاق النار".
أهداف العملية المحدودة
ويؤكد اللواء علاء عز الدين، المدير الأسبق لمركز "الدراسات الاستراتيجية"، أنه إذا قررت إسرائيل الدخول إلى قطاع غزة؛ "فسيكون عبر عملية محدودة بهدف الوصول إلى كل ما هو مؤثر على إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، واستهداف قدرات المقاومة القتالية، وذلك بعد الخسائر التي سببتها صواريخ الفصائل الفلسطينية من غزة إلى العمق الإسرائيلي".
ويوضح عز الدين في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "العملية البرية قد لا تتم إذا توقفت حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» عن إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، مضيفاً: «لن تتم عملية برية في غزة، إذا اتفق الجانبان على وقف إطلاق النار».
ويتابع الخبير الاستراتيجي: "قدرات الفصائل الفلسطينية القتالية ستوقع خسائر فادحة إذا قررت إسرائيل اجتياح غزة، خصوصا مع حالة الصمود والدعم المعنوي القوي للفلسطينيين، مقابل حالة الذعر في إسرائيل بسبب الصواريخ التي سقطت فوق المدن الإسرائيلية وضربت العمق".
ويشير إلى أن القوات الإسرائيلية "لن تستطيع الاستمرار في غزة طويلا حال اجتياحها برا، بسبب الكثافة البشرية الكبيرة في القطاع، وقدرات الفصائل سواء المعروفة منها أو الخفية".