ما بعد "المباحثات الاستكشافية".. جولات مرتقبة بين مصر وتركيا
07:47 - 09 مايو 2021اختتمت القاهرة وأنقرة مباحثات دبلوماسية "استكشافية" من أجل تطبيع العلاقات، بعد قطيعة دامت لنحو ثمانية أعوام، على أن يقوم الجانبان بـ "تقييم نتائجها، والاتفاق على الخطوات المقبلة".
المباحثات –التي عقدت بالقاهرة بين وفدي مصر وتركيا، بقيادة نائب وزير خارجية مصر السفير حمدي سند لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا السفير سادات أونال- وصفت بـ "الصريحة والمعمقة"، وفق البيان الختامي المشترك الصادر يوم السادس من مايو الجاري، بما يعكس عمق المناقشات بين البلدين.
ووسط تساؤلات حول طبيعة الخطوات القادمة ما بعد المحادثات الاستشكافية وفي ضوء ما تم تناوله في القاهرة من ملفات مرتبطة بالقضايا الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية، لا يعتقد محللون بأن الطريق ستكون سهلة نسبياً في ضوء الملفات الخلافية بين البلدين، والتي تحتاج إلى وقت أطول لتجاوزها ضمن أي اتفاق قادم بين مصر وتركيا.
ويتوقع محللون جولات جديدة بين البلدين، على مستويات دبلوماسية مختلفة، في سياق مساعي الاتفاق على تطبيع العلاقات وتجاوز الملفات الخلافية المتشعبة.
قضايا خلافية
يقول الباحث في الشأن التركي، كرم سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المحادثات الاستكشافية الأخيرة بين البلدين تعتبر على الأقل بادرة بتحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة، أو محطة رئيسية لوقف التصريحات والتصريحات المضادة بينهما.
ويلفت إلى أنه "يترتب على تلك المحطة استمرار اللقاءات الثنائية بين البلدين، في إطار محاولة البحث عن حلول للقضايا العالقة، وقد تشهد في الفترة المقبلة تكثيف اللقاءات على مستوى تمثيل أعلى، قد تكون بين وزيري الخارجية المصري والتركي، بعد مناقشة مطالب كل دولة".
ويقول الباحث المتخصص بالشأن التركي، إنه "قد نشهد انفراجة نوعية في بعض الملفات، على رأسها الملف الليبي، بعد أن أبدت تركيا استعدادها لسحب العناصر المسلحة، لكن لا يزال لديها إصرار على الإبقاء على القوات العسكرية التابعة لها، والموجودة في ليبيا بموجب الاتفاقية الأمنية السابقة مع السراج في نوفمبر 2019".
من بين الملفات أيضا ما يتعلق بالمنصات الإعلامية المناهضة للقاهرة والتي تبث من تركيا، في إطار ضبط السلوك الإعلامي والسياسي لعناصر الجماعة المقيمة في تركيا "ربما تتجه تركيا لضبط الخطاب الخاص بهذه القنوات دون تجميدها دفعة واحدة"، وفق سعيد.
ويلفت سعيد في معرض تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن "ثمة بعض المطالب التي لا يمكن لتركيا تلبيتها مرة واحدة في الوقت الراهن، منها تسليم عناصر الإخوان وإغلاق القنوات.. على اعتبار أن اتخاذ تلك الخطوات في الوقت الراهن يظهر تركيا على أنها تتراجع أمام الدولة المصرية، وهذا قد يؤدي إلى تآكل ما تبقى من الرصيد التقليدي لحزب العدالة والتنمية والرئيس التركي في الشارع.. وأعتقد بأنه من الممكن العمل على حلحلة هذه القضايا الخلافية في الفترة المقبلة".
وتصاعدت الخلافات بين البلدين منذ العام 2013، بداية من احتضان تركيا عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي والمنصات الإعلامية الإخوانية المناهضة للدولة المصرية، وحتى التصريحات التركية الرسمية المناوئة للدولة المصرية وقادتها بعد 30 يونيو 2013. وشملت الملفات الخلافية الشائكة أيضاً بين البلدين الدور التركي في ليبيا، والذي اعتبرته القاهرة تهديداً لأمنها القومي من الناحية الاستراتيجية الغربية، وكذا التحركات التركية شرق المتوسط.
فيما شهدت الشهور الستة الماضية تحديداً رسائل تركية مرنة بشأن العلاقة مع مصر، على لسان أكثر من مسؤول تركي. أكدت القاهرة معها على أن إبداء حسن النية يكون بالأفعال لا الأقوال. مهدت تلك المواقف لمحادثات بين البلدين للاتفاق على سبل تطبيع العلاقات، تمثلت في الاجتماعات الأخيرة التي احتضنتها القاهرة، والتي سبقها اتصال هاتفي جمع وزيري خارجية البلدين.
جولات جديدة
تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا في تصور الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو "سيستغرق بعض الوقت"، ويرى أن هناك "جولات أخرى" بين البلدين.
ويشير أوغلو في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن المباحثات الأخيرة تؤكد الرغبة في كسر الحواجز الراهنة في العلاقات بين البلدين وإنهاء القطيعة، والأمر بدوره يحتاج إلى وقت من أجل الاتفاق.
ويشير إلى أن السنوات الماضية شهدت حالة من الشد والجذب بين البلدين، وجاءت مباحثات القاهرة الأخيرة لإنهاء تلك الحالة وفتح الباب لإنهاء القطيعة، موضحاً في السياق ذاته أن التوصل لعلاقات طبيعية لن يكون أمراً سهلاً على رغم ذلك، وكل من البلدين بحاجة إلى بعض الوقت في ظل الملفات والقضايا الخلافية والشائكة المتعددة التي تجمع البلدين، وبالتالي هما بحاجة لبعض الوقت للاتفاق على تفاصيل التعامل معها.
وبموازاة ذلك فإن الباحث المختص بالشأن التركي والعلاقات الدولية، يشير إلى لفتة إيجابية تعكس حرص البلدين على عودة مسار العلاقات بشكل طبيعي، وهي عملية إصدار بيان مشترك بينهما عقب المباحثات الاستكشافية التي انعقدت في القاهرة.
ويقول الباحث إن المباحثات الأخيرة –وطبقاً لما يكشفه البيان المشترك- لم يكن الهدف منها تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا كاملاً، لكنها كانت محادثات "استكشافية" تمهيدية؛ تستهدف الاتفاق على الملفات الخلافية وترتيبها ووضع تصور لها وتحديد إطار زمني.
وبالتالي –بحسب أوغلو- فإنه من المتوقع أن تكون هناك جولات أخرى تالية بين البلدين، متحدثاً في الوقت نفسه عن اهتمام أنقرة بشكل كبير وإدراكها لأهمية تطبيع العلاقات مع مصر وإنجاز المصالحة بين البلدين.