تونس تجري مفاوضات حاسمة مع صندوق النقد الدولي
00:45 - 01 مايو 2021تخوض تونس في مايو المقبل مفاوضات حاسمة مع صندوق النقد الدولي، وتأتي في مناخ أزمة سياسية حادة تجاوز أمدها الثلاثة أشهر بعد رفض رئيس الجمهورية المصادقة على تعديل وزاري مدعوم من الحزام السياسي لحكومة المشيشي الذي تقوده حركة النهضة، ووسط صعوبات اقتصادية واجتماعية تعمقت جراء ما ألحقه وباء كورونا بالقطاعات المنتجة في البلاد ما أدى إلى ارتفاع عجز الميزانية إلى 40.11 % وتدني نسبة النمو إلى 8.8 بالمائة.
يزور واشنطن وفد حكومي يترأسه وزير الاقتصاد والمالية والاستثمار ويضم محافظ البنك المركزي التونسي وسفير تونس بواشنطن والمستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة وعدد من رجال الاقتصاد، لإجراء سلسلة من الاجتماعات والتفاوض مع صندوق النقد بخصوص برنامج الحكومة للإصلاحات الاقتصادية والمالية المزمع الشروع في تفعيلها انطلاقا من الصائفة القادمة.
وتأمل تونس أن يمنحها صندوق النقد الدولي تمويلات جديدة لتغطية النفقات المبرمجة في قانون الميزانية لسنة 2021، وأن يفتح الباب أمامها لاسترجاع ثقة المانحين في السوق المالية العالمية.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الحكومة التونسية توفير موارد مالية لميزانية 2021بقيمة 18.7 مليار دينار عن طريق القروض الداخلية والخارجية.
ووصف رئيس لجنة المالية بالبرلمان هيكل المكي في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية زيارة الوفد الحكومي لواشنطن بالغامضة وقال إنها تأخرت كثيرا، وأنهم داخل لجنة المالية يشككون في مدى قدرة حكومة المشيشي على الالتزام بتعهداتها تجاه دوائر الاقتراض العالمية.
كما أن التنازلات التي قد تقدمها حكومة المشيشي وحزامه السياسي المتكون من حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة في سبيل البقاء في السلطة على حساب الدولة تشكل خطرا على أمن البلاد القومي وفق تعبيره.
وأضاف النائب أن لجنة المالية بالبرلمان كانت قد تقدمت بمراسلة لوزير المالية للحضور بالبرلمان وتقديم توضيحات حول ظروف هذه الزيارة وسقف التنازلات التي قد تقدمها تونس خلال المفاوضات والرسائل السرية بين صندوق النقد الدولي ورئيس الحكومة، غير أنه اعتذر عن الحضور أمام البرلمان.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب تونس في رسالة وجهها قبل أسبوع لرئيس الحكومة هشام المشيشي ببرنامج جديد لدعم الإصلاحات الاقتصادية حسب اتفاق بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في البلاد ومع الشركاء الدوليين.
وأكد صندوق النقد الدولي على أن تعالج الإصلاحات المرتقبة قضية المالية العامة وديون الدولة، وإعادة هيكلة الشركات العامة والنظر في فاتورة الأجور العامة وكلفة الدعم.
ودعا التقرير الأخير للصندوق ولأول مرة في تاريخ المشاورات بينه وبين تونس منذ 2011 إلى وجوب إشراك الأطراف الاجتماعية ومنها اتحاد الشغل المنظمة الأكبر في تونس للدفاع عن حقوق العمال في الإصلاحات المستوجبة وخاصة منها المتعلقة بالتحكم في كتلة الأجور وبرفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية الأساسية.
واعتبر الخبير في التنمية حسين الرحيلي أن مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي تتزامن مع انخرام المالية العمومية، ووصول البلاد إلى مرحلة شبه الإفلاس الذي لا يعلن من الداخل، ولكن يعلنه المانحون الدوليون.
وأوضح الخبير في تصريحات للموقع أن تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد هو نتاج لسياسات العشر سنوات الأخيرة ولخيارات ثماني حكومات تعاقبت على تونس منذ الثورة دون برنامج إصلاح اقتصادي واضح ودراسات استشرافية ما عطل الاقتصاد ورفع في مديونية الدولة التي خسرت عددا من مؤسساتها العامة ذات الطاقة الإنتاجية العالية، والتي كانت تساهم في دعم موارد الدولة المالية على غرار شركات الفسفاط، والنقل الحديدي، والخطوط التونسية، ومؤسسة الأنشطة البترولية.
واعتبر الرحيلي أن ذهاب تونس لصندوق النقد الدولي مشروط بوضع برنامج إصلاح مجدي ويرضى به الصندوق خاصة بعد موقف مديرة الصندوق الأخير الذي قالت فيه إن قدوم الوفد التونسي إلى واشنطن لن يحل المشكل مالم يتم وضع برنامج مفصل ومحدد بالآجال للإصلاحات الاقتصادية الكبرى.
وأضاف" أمام رفض اتحاد الشغل الطرف الاجتماعي الأهم في تونس مرافقة الوفد المفاوض، وعدم تقديم الحكومة التونسية لبرنامج دقيق للإصلاحات قد يواصل الصندوق في وصف تونس بالتلميذ الكسول الذي لم يلتزم بتنفيذ تعهداته السابقة، ويعامل المانحون الدوليون تونس كما عاملو اليونان بإشراف صندوق النقد الدولي بشكل مباشر على تنفيذ سير الإصلاحات مدة ثلاث سنوات وهو أمر خطير ويهدد السيادة الوطنية".
ويعتبر مراقبون أن النتائج التي سيعود بها الوفد الحكومي من واشنطن ستشكل ملامح العشرية الاقتصادية والاجتماعية المقبلة وهم مطالبون بخوض مفاوضات شرسة مع خبراء صندوق النقد الدولي لدعم حظوظ تونس المتعثرة اقتصاديا، و في مسار الانتقال الديمقراطي.
وفي السياق، عبر كل من سفير كندا وسفير إيطاليا بتونس خلال لقائهما برئيس الحكومة هشام المشيشي عن مساندتهم لتونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي لتتجاوز الوضعية الاقتصادية الصعبة.