"ملفات ساخنة" بانتظار المبعوث الأميركي الجديد للقرن الإفريقي
09:18 - 24 أبريل 2021عينت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، جيفري فيلتمان مبعوثا جديدا للولايات المتحدة في منطقة القرن الإفريقي التي تعاني أزمات شائكة، أبرزها الاضطرابات الأمنية والنزاعات الأهلية والحدودية، إضافة إلى الخلافات الحادة حول سد النهضة بين إثيوبيا والسودان ومصر.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن فيلتمان سيقود الجهود الدبلوماسية الأميركية لمعالجة الأزمات السياسية والأمنية التي يعانيها القرن الإفريقي.
أزمات معقدة
وفقا لبيان صادر عن الخارجية الأميركية، الجمعة، فإن تعيين فيلتمان يأتي لمعالجة الأوضاع في إقليم تيغراي المضطرب، والتوتر المتصاعد بين السودان وإثيوبيا، والنزاع حول سد النهضة الإثيوبي مع الخرطوم والقاهرة.
لكن أستاذ السياسات في الجامعات الأميركية بكري الجاك يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن فيلتمان يواجه مهمة "شبه مستحيلة"، نظرا للمشكلات الشائكة في المنطقة.
ويرى الجاك أن فيلتمان سيسعى لتخفيف حدة الصراع في المنطقة، وسيلعب دور الوسيط لنزع فتيل التوتر.
وأكدت الولايات المتحدة عزمها على الانخراط بشكل أكبر من أجل محاولة حل أزمات القرن الإفريقي، والعمل مع شركائها لتعزيز السلام بالمنطقة.
سد النهضة
من المتوقع أن تتصدر أزمة سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية بكلفة 5 مليارات دولار وبطاقة تخزينية تقدر بنحو 74 مليار متر مكعب، أجندة المبعوث الأميركي الجديد في المنطقة.
وتتزامن مهمته مع وصول أطراف النزاع الثلاثة إلى طريق مسدود بعد فشل الاجتماعات التي استضافتها كنشاسا عاصمة الكنغو الديمقراطية -الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي- خلال الفترة من الرابع وحتى السادس من أبريل.
وستكون أمام فيلتمان مهمة حث البلدان الثلاثة على تجديد الالتزام السياسي والتوصل لاتفاق في الوقت المناسب وفقا لاتفاق المبادئ الموقع عليه بين الدول الثلاث في 23 ماس 2015.
وفي هذا السياق يرى الجاك أن واشنطن ستستخدم ورقة المساعدات للوصول إلى تسوية مؤقتة، لكنها لن تدوم بحسب تعبيره.
وتأتي الخطوة الأميركية الحالية في وقت تمضي فيه إثيوبيا نحو تنفيذ خططها، حيث فتحت الأسبوع الماضي البوابات العلوية للسد بهدف تخفيض المياه استعدادا لعمليات صب الخرسانة، وتعلية السد إلى مستوى قد يصل إلى 595 مترا، تمهيدا للبدء في الملء الثاني لبحيرته.
وفي ظل انسداد الأفق الحالي، تبرز عدة تساؤلات حول فرص نجاح الدبلوماسية الأميركية هذه المرة بعد فشل جهودها العام الماضي، التي كادت أن تسفر عن اتفاق ثلاثي انسحبت منه إثيوبيا في اللحظة الأخيرة.
إقليم تيغراي
ورسمت التصريحات الأميركية الصادرة خلال الساعات الماضية ملامح مهمة فيلتمان فيما يتعلق بأزمة إقليم تيغراي الإثيوبي المستمرة منذ نهاية العام الماضي.
وعبرت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن عن قلقها البالغ من استمرار تداعيات أزمة الإقليم والأوضاع الإنسانية فيه.
وفي هذا السياق، يتوقع الجاك ألا يقل ملف النزاعات الداخلية في إثيوبيا أهمية عن ملف سد النهضة، ووفقا له فإن "الحرب الإثيوبية في إقليم تيغراي يمكن أن تكون سببا في انهيار الدولة في أديس أبابا وهو ما لا تريده واشنطن، إذ إن من مصلحتها الحفاظ على السلم والأمن في القرن الإفريقي لتفادي بؤر إرهاب جديدة".
وتدور مخاوف جدية من تداعيات أوسع لحرب تيغراي حيث تمتد تأثيراتها إلى السودان الذي استقبل عبر حدوده الشرقية قرابة 100 ألف لاجئ إثيوبي منذ اندلاع الأزمة في نوفمبر 2021، كما تمتد التأثيرات أيضا إلى إريتريا التي اعترفت خلال الأسابيع الماضية بوجود قوات لها في الإقليم.
نزاع حدودي
ومنذ نوفمبر الماضي تشهد منطقة الحدود المشتركة بين السودان وإثيوبيا توترا، حيث أعاد الجيش السوداني سيطرته على العديد من المواقع والنقاط في منطقة الفشقة الحدودية في شرق السودان.
ويشدد السودان على تمسكه بكامل أراضيه المحددة في خرائط ووثائق اتفاق 1902 الموقع بين بريطانيا وإمبراطور إثيوبيا آنذاك منليك الثاني.
ويرى الباحث في الشؤون الإفريقية خالد عمار، أن التدخل الدولي في الأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا يمكن فهمه من زاوية المخاوف من نشوب أي حرب في المنطقة، قد تشكل تهديدا لمصالح واشنطن الأمنية والاقتصادية، وتزيد من موجات الهجرة غير الشرعية التي يعتبر السودانيون والإثيوبيون والإريتريون من أكبر المغذيين لها في المنطقة.
توترات السودان
ويتوقع أيضا أن تأخذ توترات السودان الداخلية وعلى رأسها حالة الاضطراب الحالية في إقليم دارفور واستكمال عملية السلام حيزا كبيرا من اهتمامات المبعوث الأميركي الجديد.
ورغم توقيع الحكومة الانتقالية السودانية وعدد من الحركات المسلحة على اتفاق للسلام في أكتوبر الماضي، فإن وجود حركتين رئيسيتين خارج العملية السلمية، وهما الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة عبد الواحد نور، لا يزال أمرا مقلقا بالنسبة للسودانيين.
وحثت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي جميع الأطراف إلى الجلوس في طاولة التفاوض.
وربط مراقبون بين خطوة تعيين المبعوث الأميركي وإعلان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الجمعة، عن استئناف الحكومة للحوار مع الحركة الشعبية شمال خلال مايو المقبل.
وفي الجانب الآخر، ظلت أزمة دارفور منذ اندلاعها عام 2003 محل اهتمام كبير لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة.
وتزايد القلق بشأن الأوضاع الأمنية في دارفور بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة بعد تجدد أعمال دموية عنيفة راح ضحيتها أكثر من 600 قتيل بحسب إحصاءات مستقلة.
وخلال الأعوام الـ17 الماضية شهد إقليم دارفور واحدة من أعنف الحروب الأهلية في العالم التي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف قتيل، وأجبر بسببها نحو 4 ملايين شخص على النزوح إلى معسكرات جماعية بحثا عن الأمان.
ورغم توقيع اتفاق السلام في أكتوبر، لا تزال هنالك العديد من بؤر التوتر في المناطق المحيطة بجبل مرة ومعسكرات النازحين.
وتتزايد المخاوف من أن تؤدي الهشاشة الأمنية المتزايدة واستمرار الصراعات القبلية إلى إعادة الأوضاع في إقليم دارفور إلى ما كانت عليه خلال السنوات الماضية.
بؤر أخرى
لا يخلو بلد في منطقة القرن الإفريقي من مشكلات سواء كانت داخلية أو حدودية. ونظرا للتداخل الجغرافي والعرقي بين معظم بلدان المنطقة، فإن الأزمات تبدو مترابطة إلى حد بعيد.
وانعكست الأزمات الداخلية في الصومال على العلاقة مع الجارتين كينيا وجيبوتي. ومنذ منتصف تسعينيات القرن الماضي شهد الصومال توترات أمنية وسياسية حادة تفاقمت خلال الفترة الأخيرة بسبب خلافات حول آلية وموعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، رغم انتهاء ولاية البرلمان في نهاية العام الماضي وولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو منذ فبراير.
وحذرت الحكومة الصومالية، الخميس، جيبوتي وكينيا من التدخل في شؤونها الداخلية، وقالت إنهما تقودان تحركات ضدها في مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي.
وتعبيرا عن القلق الدولي حيال تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في الصومال، حثت دول فاعلة في مجلس الأمن، الثلاثاء، بشكل غير رسمي، الحكومة الصومالية على استئناف المفاوضات بين فرماجو، ورؤساء الولايات للتوصل إلى اتفاق يتيح إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، ويجنب البلاد الهشة أصلا المزيد من الفوضى والأزمات الأمنية.