المغرب يواجه الوباء العابر للحدود بتعليق الرحلات الجوية
21:25 - 20 أبريل 2021دفع تسلل فيروس كورونا المستجد إلى المغرب في أوائل شهر مارس 2020، عبر رحلة جوية قادمة من إيطاليا إلى الدار البيضاء، كان على متنها مواطنين مغاربة حاملين للفيروس، المغرب ومنذ ذلك الحين تبنت المملكة سياسة غلق الحدود الجوية والبحرية، كلما اقتضت الضرورة ذلك على غرار باقي دول العالم.
ومع تطور الوضعية الوبائية المرتبطة باكتشاف سلالات جديدة من فيروس كورونا في المغرب، في أواسط شهر فبراير الماضي، وتفاديا للدخول في موجة وبائية ثالثة والتي يتوقع الخبراء أن تكون أكثر شراسة، قرر المغرب العودة إلى تعليق الرحلات الجوية ذهابا وإيابا مع عدد من الدول، كان أولها جنوب إفريقيا والدنمارك وبريطانيا وأستراليا والبرازيل ونيوزلندا وإيرلندا، لتتلوها بعد ذلك دول أخرى.
وقدرت عدد الدول التي شملها قرار الإغلاق الجوي منذ ذلك الحين بحوالي 50 دولة، من بينها دول عربية كلبنان ومصر والكويت والجزائر، وأوربية كفرنسا واسبانيا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا، كما شمل القرار أيضا بلدان افريقية من ضمنها الكاميرون ومالي وغينيا كوناكري وغانا.
وقد دفعت الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية، عددا من المغاربة من الراغبين في العودة إلى المغرب، إلى سلك مطارات دول أوروبا الشرقية وقبلها مطار قرطاج بتونس، لتقرر المملكة إغلاق هذه المنافذ وتعليق الرحلات الجوية مع مزيد من الدول من ضمنها بلغاريا وهنغاريا والبانيا وسلوفاكيا، إلى جانب تونس.
وكانت شركة الخطوط الملكية المغربية (لارام)، قد أكدت في وقت سابق على صفحتها الرسمية بموقع توتير، أنها ستبقى الرحلات الجوية معلقة حتى 21 مايو المقبل، مع عدد من الدول، وذلك بناء على قرار الحكومة في سياق الوضع الوبائي الحالي.
تفادي الموجة الثالثة
وينتهج المغرب سياسة غلق الحدود تجنبا لتسلل المزيد من الحالات من سلاسة كورونا المتحورة إلى داخل أراضيه، وتفاديا لاتساع انتشار رقعة الفيروس داخل المملكة، لاسيما خلال هذه الفترة التي تتزامن مع شهر رمضان، والتي تشهد عادة توافد عدد كبير من أفراد الجالية في الخارج، الراغبة في قضاء هذا الشهر رفقة عائلتهم وأصدقائهم في المغرب.
يقول البرفسور مصطفى الناجي، الخبير في علوم الأوبئة ومدير مختبر علوم الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن "الحالة الوبائية في المغرب كانت قبل شهور قليلة مستقرة ولا تدعوا إلى القلق كثيرا، حيث شهد عداد الإصابات تراجعا ملحوظا، غير أنها عادت لتثير القلق بارتفاع حالات الإصابة بشكل تصاعدي خلال الأيام الأخيرة".
وقد شكل ظهور السلالة البريطانية المتحورة من فيروس كورونا في المغرب، والمعروفة بشراستها وسرعة انتشارها، إشارة على بداية دخول الموجة الوبائية الثالثة، حسب الناجي، وهو ما استدعى تشديد الاجراءات الاحترازية، منعا لانتشار الفيروس.
يضيف الخبير في علوم الأوبئة، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن من بين تلك الإجراءات التي كان على المغرب الإسراع في اتخاذها، غلق الحدود، نظرا لسرعة انتشار السلالة المتحورة وتهديها للوضع الوبائي في المملكة.
ويعتقد البرفسور الناجي، أن قرار تعليق المغرب للرحلات الجوية عموما ولاسيما مع بعض الدول الذي ظهرت فيها السلالات الجديدة، مكنه إلى حدود اليوم من التحكم في الوضعية الوبائية والحد من انتشار الفيروس.
تأثيرات اقتصادية
ويعتمد المغرب حاليا مجموعة من الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار السلالة المتحورة من فيروس كورونا، من بينها الاغلاق الليلي وتقييد حركة التنقل بين المدن، وهو ما كانت له انعكاسات مباشرة على عدد من القطاعات الاقتصادية الحيوية في المغرب، في مقدمتها قطاع السياحة الذي تضرر بشكل غير مسبوق من تداعيات الوباء، وهو القطاع الذي يساهم بحوالي 10 في المائة من الناتج الداخلي للبلاد.
في هذا الإطار يؤكد الخبير الاقتصادي والمتخصص في تدبير المخاطر، المهدي فقير، أن تعليق الرحلات الجوية مع عدد من الدول، من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على النقل الجوي وحركة الأشخاص والبضائع، وهو ما سينعكس سلبا على باقي القطاعات الاقتصادية وأولها القطاع السياحي.
وتوقع الخبير الاقتصادي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تكون التأثيرات العامة للفيروس على الاقتصاد الوطني كارثية، لو تأخر المغرب في اتخاذ قرارات حاسمة وصعبة من قبيل قرار الاغلاق الجوي.
ويرى فقير، أن الحل الواقعي والأنسب للتغلب على كل التحديات التي تواجه الاقتصادي المغربي، هو تسريع عملية التطعيم لبلوغ المناعة الجماعية، على غرار اسرائيل التي شرعت في التخلص من الإجراءات الاحترازية، في أفق عودة الحياة الاقتصادية إلى سابق عهدها.
ويشدد المتحدث على الدور الرئيسي الذي ينبغي أن تلعبه الدولة، والمتمثل في مواكبة ودعم القطاعات المتضررة وتقديم أفكار جديدة وبدائل للنهوض بالاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن عددا من القطاعات وعلى رأسها السياحة لن تتمكن من الصمود طويلا في وجه الجائحة.
وإلى حدود مساء يوم أمس الإثنين، بلغت عدد حالات الإصابة بكورونا، منذ ظهور الوباء في المغرب، أزيد من 500 ألف 5949 حالة، منها 8952 حالة وفاة، و49 ألف و2100 حالة شفاء.
ووصل عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من التلقيح في إطار حملة التطعيم الوطنية التي انطلقت في 28 يناير الماضي، أزيد من 4 ملايين و 672 ألف شخص، واستفاد من الجرعة الثانية ما يفوق كذلك 4 ملايين و188 ألف شخص.