المغرب.. نهج جديد لتحسين القطاع الصحي وكفاءة الخدمات الطبية
02:27 - 17 أبريل 2021بعدما ظل بعيدا عن السياسة الليبرالية التي ينهجها المغرب في عدة مجالات، يتجه قطاع الصحة، أخيرا، للانفتاح على الرأسمال الأجنبي.
وقد أعلن وزير المالية عن فتح المجال أمام المؤسسات الصحية العالمية للعمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، كما أعلن عن فتح مهنة مزاولة الطب أمام الخبرات والكفاءات الأجنبية.
وتندرج هذه الخطوة غير المسبوقة، ضمن مجموعة من الإجراءات التي أعلنها الوزير لرفع التحديات التي يعاني منها قطاع الصحة، وذلك بهدف إنجاح الورش الضخم المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، والذي يحظى برعاية ملكية خاصة.
ويعد تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة بنهاية السنة المقبلة، من ركائز هذا المشروع الذي يوصف ب"ثورة مجتمعية".
ويعاني قطاع الصحة في المغرب من مجموعة من المشاكل، لخصها وزير المالية في ضعف التجهيزات وقلة الموارد البشرية والتفاوتات الكبيرة في التوزيع الجغرافي للمراكز الاستشفائية والكفاءات الطبية.
وتجبر الخدمات "الرديئة" التي تقدمها المستشفيات العمومية المواطنين المغاربة على التوجه إلى المصحات والعيادات الخاصة رغم ارتفاع تكاليف العلاج.
ويشغل القطاع الخاص أكثر من 13 عشر ألف طبيب في مختلف التخصصات وهو ما يفوق بنحو ألف عدد نظراءهم في القطاع العام.
وبحسب أرقام متوفرة على الموقع الرسمي لوزارة الصحة، فإن عدد المصحات الخاصة يبلغ 359 مصحة في مقابل أكثر من ألفي مركز ومستشفى عمومي.
تعديلات على قانون مهنة الطب
ويأتي قرار فتح القطاع الصحي أمام المستثمر الأجنبي، بعد أكثر من خمس سنوات على مصادقة البرلمان المغربي على قانون يسمح للأشخاص غير الأطباء بالاستثمار في القطاع الصحي وفتح مصحات وعيادات خاصة. وقد عوض النص الجديد القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، والذي كان يسمح فقط للأطباء "بالاستثمار في القطاع وفتح العيادات والمصحات الخاصة".
وجاء تعديل القانون بعد سنوات طويلة من ممانعة نقابة الأطباء لفكرة تدخل “غير المنتمين إلى المهنة" في القطاع.
أما الدعوة إلى الانفتاح على المستثمر الأجنبي، فصدرت عن العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال خطاب افتتاح الدورة البرلمانية في اكتوبر 2018، حين دعا “لدراسة إمكانية فتح بعض القطاعات والمهن غير المرخصة للأجانب، كقطاع الصحة، أمام بعض المبادرات النوعية والكفاءات العالمية، شريطة أن تساهم في نقل الخبرات، وفي خلق فرص شغل للشباب المغربي حسب مؤهلاتهم".
وأكد ملك المغرب، أن هذا التوجه يزكيه ما وصفه ب"الاهتمام المتزايد الذي تعبر عنه العديد من المصحات والمستشفيات العالمية، المشهود لها بالتميز، من أجل الاستثمار في المملكة".
تشجيع المنافسة والرفع من جودة الخدمات
واعتبر العاهل المغربي أن فتح الاستثمار في القطاع الصحي أمام الأجانب، من شأنه أن يشجع المنافسة بشكل يرفع من جودة الخدمات المقدمة.
وتتبنى أكثر من 60 في المئة من دول العالم هذا النظام بما فيها دول عربية كالإمارات العربية المتحدة وتونس ومصر.
وفي تعليقه على الخطوة التي يقبل عليها المغرب، اعتبر علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، أن القطاع الخاص يعرف بعضا من الممارسات غير القانونية من بينها إجبار المريض على دفع شيك ضمان للمصحة قبل استفادته من الخدمة الصحية، وبالتالي فإن دخول الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاع سيحد من هذه الممارسات، لأن عملها سيكون مؤطرا بقانون المهنة في المغرب.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يؤكد النقابي المغربي إحداث مصحات عالمية بالمغرب من شأنه أن يحسن من المنافسة ومن العرض الصحي خاصة وأن تلك المصحات، تتوفر على تجهيزات حديثة وكفاءات عالية.
وكان المعهد المغربي لتحليل السياسيات قد طالب الحكومة المغربية بالاعتماد على ست أوليات للنهوض بالخدمات الصحية، بينها تعزيز الشركات مع الشركاء المحلبين والعالميين. ويؤكد رشيد أوراز أحد الباحثين الرئيسيين في المعهد، أن إقامة مصحات عالمية في المغرب سيوفر خدمات جديدة، قد تعفي المرضى المغاربة من التنقل إلى الخارج من أجل إجراء بعض العمليات المستعصية. وفي حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية" يشدد الباحث في المجال الاقتصادي، أن هذا الإجراء من شأنه أن يفتح المجال أمام تشغيل الكفاءات المغربية وحل مشكلة البطالة التي يعرفها قطاع التمريض على وجه الخصوص.
وشدد المتحدث على أهمية مراجعة القوانين القائمة حاليا لا سيما ما يتعلق بمناخ الاستثمار والقضاء والإدارة من أجل توفير الضمانات المناسبة للمستثمر الأجنبي. ويشير الخ
مستقبل الصحة العمومية
ويتخوف بعض المراقبين، من أن يدق الرأسمال الأجنبي المسمار الأخير في نعش المستشفيات العمومية عبر تعميق المفارقة بين الخدمات في القطاعين الخاص والعام.
ويعتبر علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، أنه يجب على الدولة أن تذهب في خط مواز مع الدفعة التي سيشهدها القطاع الخاص، وذلك من خلال النهوض بالصحة العمومية والتي تعاني من مجموعة من الاختلالات.
ويؤكد لطفي على ضرورة رفع الميزانية المخصصة لقطاع الصحة والتي لم تتجاوز منذ أكثر من ثلاثة عقود، نسبة 5 في المئة بينما توصي منظمة الصحة العالمية بتخصيص 10 في المئة على الأقل من ميزانية الدول، لقطاع الصحة. وخصصت الحكومة المغربية 20 مليار درهم لقطاع الصحة خلال موازنة هذه السنة وقد أضافت ملياري درهم لمواجهة أزمة تداعيات كورونا.
وفي حديثه عن باقي أبرز الإجراءات لإنقاذ الصحة العمومية من أزمتها، شدد علي لطفي على ضرورة الرفع من عدد الموارد البشرية وتحسين ظروفها حتى لا تلجأ إلى العمل في القطاع الخاص.
ولا يتجاوز راتب الطبيب في القطاع العام 8 آلاف درهم (حوالي 800 دولار) وهو ما يقل بكثير عن الراتب الذي يتقاضاه الطبيب الممارس في القطاع الخاص.
ويتوفر المغرب حاليا على سبع جامعات للطب والصيدلة وخمس مستشفيات جامعية تتوفر على مختلف التخصصات. وتراهن الدولة على إحداث مستشفى جامعي في كل محافظة من محافظاته الاثنتي عشرة وذلك ضمانا للتوزيع الجغرافي العادل للخدمات الصحية.