الأطفال إلى سوق العمل بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية بلبنان
20:42 - 16 أبريل 2021بين عجلات السيارات وتصليح إطاراتها يعيش الفتى زياد ساعات من التعب والشقاء في ظروف مهنية قاسية في أحد كراجات تصليح السيارات في إحدى ضواحي العاصمة بيروت، ليساعد والدته على إعالة أخوته الصغار ببضعة آلاف من الليرات القليلة التي بالكاد تسد الجوع والعوز فلا يمد يده للغير طلباً للصدقة.
زياد ابن الثانية عشرة من العمر مكانه يجب أن يكون على مقاعد الدراسة لأن عظامه الرقيقة والطرية لا تقوى على ممارسة هذه الأعمال الخشنة التي تؤذي براءته، وتحرمه من أن يعيش طفولة سعيدة فيها الدرس واللعب وأوقات الترفيه والتسلية، لا وقت للعب لديه خلال اليوم وفي فترة الاستراحة من العمل، يأكل منقوشة زعتر تكلفه مع كلفة انتقاله من وإلى الكراج حيث يعمل، نصف ما يحصله من أجرة في اليوم ليعطي ما تبقى من أجرته اليومية الى والدته لكي تشتري طعاماً لأخوته الصغار بعدما فقدت معيلها وزوجها منذ سنوات.
زياد الفتى النحيل الجسم قال ل "سكاي نيوز عربية" بمرارة: "اليوم كل شيء زاد سعره، في العام الماضي كنت أشتري بعض الحلويات والشوكولا في فترة الاستراحة، أما اليوم فقط أكتفي بمنقوشة الزعتر، حتى منقوشة الجبنة أو اللحمة بعجين صار ثمنها 5 آلاف ليرة فلا أقدر أن أشتريها من الكافتيريا القريبة من هنا".
هل درست في المدرسة سابقاً يجيب: "نعم ولكن في هذا العام تركت المدرسة لأن الدراسة من المنزل، ولا أملك ثمن هاتف أو كمبيوتر للدراسة من البيت ولا حتى قسط المدرسة".
سكاي نيوز عربية سألت المحامية المهتمة بشأن عمالة الأطفال فاتن السعدي التي أوضحت أن: “هذه الظاهرة منتشرة منذ زمن في لبنان ولكنها تفاقمت مع التردي الكبير في الوضع الاقتصادي الذي دفع بالأطفال الى سوق العمل لمساعدة الأهل على تحصيل لقمة العيش " وأضافت: "إنه من الناحية القانونية فان المادة 22 من قانون العمل تنص على أنه: “يحظر مطلقاً استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن الثالثة عشرة كما تحظر المادة 23 من القانون نفسه كذلك استخدام الأحداث في المشاريع الصناعية والأعمال المرهقة أو المضرة بالصحة.... قبل إكمالهم سن الخامسة عشرة، كما يحظر استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن السادسة عشرة في الأعمال الخطرة بطبيعتها أو التي تشكل خطراً على الحياة أو الصحة أو الأخلاق".
وتضيف المحامية السعدي: “أن المسؤولية الجزائية في حال مخالفة قانون العمل وتشغيل الأطفال تقع على عاتق رب العمل الذي يشغل الأطفال الأحداث وكذلك على عاتق الأهل ويقعان سوياً تحت طائلة المادة 30 من قانون العمل التي توجب العقوبة والغرامة المالية".
وتختم المحامية السعدي بالقول: "حالياً في غياب المحاسبة وفي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة يقع الأطفال ضحية المجتمع ولا من يحاسب ولا من يراقب".
عمالة الأطفال من المواضيع الشائكة وبخاصة في دول العالم الثالث التي لا تحمي بمعظمها الصغار من قسوة سوق العمل ومن ممارسة بعض المهن القاسية التي تشوه طفولتهم، وقد تدفعهم الى التسرب من المدارس فلا يعيشون طفولتهم كباقي أطفال العالم، ما يدفعهم الى الفشل في أداء دورهم في المجتمع كما يجب، وقد تسهل لهم الطريق الى الانحراف والجريمة.