لبنان.. قطاع الصحة وخطر الانهيار مع هجرة الأطباء للخارج
19:15 - 04 أبريل 2021شيئا فشيئا، يغادر الأطباء القطاع الاستشفائي في لبنان، البلد الذي لطالما كان "مستشفى العالم العربي " يكاد يصبح من دون أطباء يقدمون الخدمات الطبية الضرورية.
وشهد لبنان في الأشهر الماضية هجرة مئات الأطباء والممرضين، بسبب الضائقة الاقتصادية الأسوأ في تاريخِ لبنان، ويتخوّف اللبنانيون من التداعيات السَّلبية لهذه الهجرة بعد مغادرة هذه النخبة قطاعِ الصحة.
ولعل المقلق في هذه الظاهرة ليست الأرقام في حدّ ذاتها، بقدر ما هي الفئة العمرية "التي يعوّل عليها في القطاع الاستشفائي"، وفق نقابة أطباء لبنان في بيروت، إذ إن أعمار غالبية المهاجرين تراوح ما بين 35 و55 عاماً.
وروى طبيب لبناني لـ"سكاي نيوز عربية "فضل عدم ذكر اسمه قائلا: "احفظ خط العودة، لكن الظروف الاقتصادية باتت متعبة، اخترت الهجرة إلى بلد عربي وأنا مستقر حالياً في دبي، لم يكن من السهل على أن اتخذ هذا الخيار رغم كل الصعوبات التي توجهني وزملائي في بيروت".
وقال طبيب آخر أخصائي في أمراض النساء عن تجربته مع معاناة المرضى في لبنان، "كانت عندنا مريضة تعاني من سرطان وتحتاج إجراء عملية، ولم يكن لديها ما يكفي من المال لتدفع تكاليف تلك العملية، ليس لديها تأمين صحي، وكورونا يقيدنا بأشياء لا نقدر أن نتغلب عليها. ألست هذه تعاسة؟".
ويتابع بأسى: "بعد ثلاثين عاماً من دراسة الطب في الولايات المتحدة، والتخصص في الجراحة باستخدام الروبوت لعلاج أمراض النساء أرهقني التعرض لمواقف صعبة ومؤلمة يومياً بسبب نقص الموارد الطبية أو عدم قدرة المريضة على دفع كلفة العلاج".
وقال رئيس قسم العناية القلبية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت البروفيسور هادي سكوري لـ"سكاي نيوز عربية": "لو كان بإمكان الزملاء الذين هاجروا البقاء في لبنان لما غادروا عازيا أسباب هجرة الأطباء إلى إمكانية متابعة تعليم أولادهم في الخارج وتزويدهم بالمبالغ النقدية وبالعملة الصعبة، ناهيك عن الوضع الأمني وكذلك الاقتصادي".
ورأى سكوري أن "غالبية الأطباء الذين تركوا لبنان هم في عمر الشباب أي في مطلع مسيرتهم المهنية ويمثلون مختلف الاختصاصات ومنهم من لا يزال عازيا، على الرغم من سفر قسم لا بأس به من أصحاب الأسماء العريقة وذوي الخبرة من لبنان".
وعلى الرغم من الامتيازات والعروض التي يتلقاها البروفيسور سكوري، فهو لا يزال يتأنى في اتخاذ أي قرار بالهجرة ولا يفضل أن يبدأ مهنته في الخارج من الصفر من جديد بعد مسيرة حافلة له في قسم العناية القلبية في مستشفى الجامعة الأميركية.
وكشف لـ"سكاي نيوز عربية" عن وعود وضمانات من إدارة الجامعة بتأمين الدعم المادي للمستشفى وللجامعة الأميركية اقله للسنوات الثلاث القادمة، بدءاً من مطلع شهر يونيو المقبل "وهذا يحد من هجرة الأطباء لا سيما أطباء مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت".
وتابع سكوري: "أنا متخصص في ضعف وقصور القلب وعندي واجب أقدمه تجاه وطني، وإذا هاجرنا جميعنا كأطباء من سيبقى في لبنان ؟، في المبدأ لا أحب مغادرة بلدي، هنا بنيت اسمي في هذا الاختصاص المميز، تعلمته لأخدم أبناء الوطن، لا أنكر أنني فكرت بالهجرة إلا أنني لن أترك لبنان طالما الوضع الأمني لا زال مستتبا".
نقابة الاطباء
وكشف نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفيسور شرف أبو شرف لـ"سكاي نيوز عربية" أن عدد الأطباء الذين هاجروا لبنان تخطى الألف طبيب متوقعاً المزيد اذا بقي الحال كما هو.
وأضاف: "سافروا إلى فرنسا وبلجيكا، ومنهم ذهب إلى دول أخرى لا تطلب إفادة من النقابة وهؤلاء لا نعرف عددهم "، وبحسب النقيب قد يكون رقم الأطباء المهاجرين أضعاف ما هو مسجل.
لماذا يهاجر الأطباء من بلدهم؟
اعتبر النقيب أبو شرف أن السبب الرئيسي هو "التعرفة التي باتت تساوي ما يوازي مبلغ 10 دولارات أميركية، في وقت لا يستطيع فيه الطبيب رفع التعرفة على المواطن".
ورأى أن "الحل بضرورة رفع التعرفة الرسمية المتعلقة بالجهات الضامنة كالضمان الاجتماعي وربطها بمؤشر الغلاء فعلى سبيل المثال تكاليف أي جراحة مع متابعة باتت توازي 50 دولاراً للطبيب فقط " كما كشف ابو شرف عن مشروع قدمته النقابة يخص الأطباء المتوفين بجائحة كورونا على اعتبارهم شهداء واجب للتعويض على أسرهم".
وقال رئيس لجنة الصحة النيابية في مجلس النواب الدكتور عاصم عراجي لـ"سكاي نيوز عربية" أن أهم أسباب هجرة الأطباء هي تدهور الوضع الاقتصادي في القطاع الصحي.
وذكر عدة أسباب منها "الانفلاش" الطبي غير المبرر، وأضاف: "في محافظة البقاع وحدها على سبيل المثال هناك 10 مراكز مخصصة لتصوير الرنين المغناطيسي بينما في بروكسل كلها هناك 5 غرف!".
وختم: "لا تقتصر الهجرة على الأطباء فحسب هناك هجرة للممرضين والممرضات والسبب نفسه الوضع الاقتصادي المتردي للأسف".