"لم نذق النوم".. فريق عمل "المومياوات" يروي كواليس الترميم
03:38 - 04 أبريل 2021من داخل عربة مومياء الملك رمسيس السادس، جلس الدكتور مصطفى إسماعيل مدير معمل ومخزن المومياوات بالمتحف القومي للحضارة في القاهرة، يترقب انطلاق الموكب من ميدان التحرير إلى المتحف الموجود بمدينة الفسطاط، ويشاهد نتاج عمله الذي استمر أكثر من 3 سنوات في ترميم وتجهيز نقل المومياوات الملكية.
وفي حدث عالمي وتاريخي ضخم، شهدت القاهرة نقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة، في موكب مهيب وأنيق حملت فيه المومياوات داخل سيارات مذهبة، وهو الحدث الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي ونخبة من المسؤولين والفنانين والمثقفين.
وقال إسماعيل صاحب خطة ترميم وصيانة ونقل المومياوات، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "فكرة الترميم جاءت عام 2017 بتكليف من وزير الآثار، وبدأت بدراسة حالة المومياوات".
وبعد عام من العمل منفردا، استعان إسماعيل بفريق عمل صغير مساعد له، يتألف من الدكتورة ولاء صلاح والدكتورة إيمان إبراهيم، المتخصصتين في مجال صيانة المومياوات، لاستكمال مشوار المهمة الصعبة.
وأضاف إسماعيل: "فريق العمل ابتكر فكرة كبسولة النيتروجين بهدف حماية وحفظ المومياوات من التآكل والرطوبة والحشرات والبكيتريا وغير ذلك"، مشيرا إلى أن الفكرة تضمن "صفر صدمات" بالنسبة للمومياء، بحيث لا يحدث أي تصدع أو حركة أثناء النقل.
وتابع: "المومياوات الملكية انتقلت داخل كبسولات غاز خامل (النيتروجين). هذا الغاز سيتكفل بمقاومة لأي اتلافات قد تتعرض لها المومياوات".
وبمجرد وصول المومياوات إلى المتحف القومي للحضارة، سيتم تهيئتها للعرض في أماكن مخصصة لها، ويقول إسماعيل: "التهيئة ستتم خلال 15 يوم، وستكون الفتارين المخصصة لعرض المومياوات بها نسبة نيتروجين تصل إلى 99.9 بالمئة مع انعدام الضغط، لأن الضغط سيحدث شروخا وانفصالات. انعدام الضغط يعني حفظ المومياوات".
لماذا المتحف القومي للحضارة؟
يشرح إسماعيل سبب نقل المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة بدلا من المتحف المصري، فيقول: "الأول مهيأ تكنولوجيًا أكثر من المتحف المصري. البيئة المحيطة بالمومياوات هناك مختلفة عن أي متحف آخر. أي تغيير يطرأ على المومياء يعطي إشارة عبر تطبيق ذكي بأن المومياء تعرضت لشيء ما. هذا يسهل الصيانة ومن ثم الاحتفاظ بالمومياء لأطول فترة ممكنة".
ومن بين المومياوات التي تم نقلها، الملك رمسيس الثاني الذي حكم مصر من 1279 إلى 1213 قبل الميلاد، ووالده سيتي الأول (1290-1279 قبل الميلاد)، والملكة ميريت آمون الأخت الكبرى وزوجة أمنحتب الأول (1526-1506 قبل الميلاد)، والملك رمسيس السادس وهو أحد أبناء الملك رمسيس الثالث، وحكم مصر لمدة 8 سنوات.
وبعض هذه المومياوات كانت قد تعرضت لكسور بسيطة، في حين أن مومياء الملك رمسيس السادس وجدت محطمة لأكثر من 170 قطعة، وستعرض هذه المومياء لأول مرة في التاريخ في متحف الحضارات، حيث لم تكن معروضة قبل ذلك بسبب حالتها، حسبما تقول الدكتورة إيمان إبراهيم أخصائية ترميم المومياوات المشاركة في فريق موكب المومياوات، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية".
وتضيف: "حددنا المواد التي استخدمناها لترميم المومياوات بعد دراسة وتحليل الوضع الذي وصلت له، فهناك مومياوات تعرضت لكسور أو سرقة أو نهب".
واستغرق فريق العمل نحو سنة ونصف في دراسة ومعاينة حالة المومياوات، واستخدم بعض المواد التي استخدمها المصري القديم في التحنيط، وتقول إيمان إبراهيم عن ذلك: "أحضرنا مومياء عادية وجربنا عليها المواد لمعرفة إذا كانت ملائمة أم لا".
أما عملية الترميم فقد استغرقت نحو سنة وشهرين، وهذا "إنجاز كبير لأننا لم نتذوق طعم النوم خلال عملية الترميم. كنت أبدأ عملي في المتحف المصري من التاسعة صباحا حتى منتصف الليل، أما الإجازات فقد كنت أقضيها بحثا عن المواد التي نستخدمها في الترميم"، وفقا لإيمان إبراهيم.