ما غرسه زايد.. الإمارات تواصل مسيرتها الخضراء لإنقاذ الكوكب
20:33 - 30 مارس 2021في أواخر ديسمبر 2020، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة الوفاء بالالتزامات التي قطعتها بخفض انبعاثات الكربون في اتفاقية باريس للتغير المناخي، مما يجعلها سباقة في الجهود الدولية لحماية الكوكب.
وكتب حينها نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على "تويتر": "سلمت الإمارات اليوم تعهداتها والتزاماتها الوطنية في اتفاقية باريس للتغير المناخي.. وذلك بتعهدها بخفض انبعاثات الكربون بنسبة الربع قبل 2030".
وأضاف: "التغير المناخي هي المعركة الأبرز للبشرية خلال العقود القادمة للحفاظ على كوكب الأرض سليماً للأجيال الجديدة".
وكانت الإمارات من أولى الدول التي صادقت على اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
منذ البدايات
وفي عام 1975، أي بعد أربع سنوات من تأسيس دولة الإمارات، شكل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اللجنة العليا للبيئة في البلاد. وفي عام 1995، أصبحت الإمارات طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
ولم يكن هذا سوى جزء من عمل إماراتي بدأ قبل عقود وأولى البيئة اهتماما، وجعلها خالية من الأمراض التي يسببها التلوث وذلك من خلال التشجير وزيادة الرقعه الخضراء، الأمر الذي أدهش الخبراء.
الشيخ زايد والتشجير
وبرز اهتمام الإمارات بالتشجير في عهد الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، الذي لقب بـ" فارس الصحراء" و "رجل البيئة الأول"، بالنظر إلى اهتمام بالبيئة وضرورة الحفاظ عليها، فقد كان الراحل مهتم بزراعة ما أمكن من الأراضي بالأشجار، بما يعود بالنفع على البلاد وسكانها.
وقال في مؤتمر دولي يعنى بمكافحة التصحر عام 2003 إن دولة الإمارات استطاعت التعايش مع البيئة الصحراوية التي تشكل نحو ثلاثة أرباع مساحتها والتكيف مع مواردها المحدودة لسنوات طويلة، وبفضل جهود أبناء الإمارات المخلصين استطاعت الدولة قهر الظروف الصعبة وتحقيق ما اعتبره الخبراء مستحيلا فبدأت الرقعة الخضراء تتسع والصحراء تتراجع أمام اللون الأخضر".
وبالفعل، أصبحت المساحات الواسعة من الغابات والمزارع والحدائق وملايين الأشجار تتزايد في أرض الإمارات، وتمكن الإماراتيون من ترويض الصحراء، رغم آراء الخبراء الدوليين الذين كانوا يرون استحالة الزراعة في هذه البلاد نظرا لطبيعتها الصحراوية.
الشجر يحارب الانبعاثات
ويعني التشجير عملية زيادة المساحات الخضراء داخل المدن والمناطق السكنية والمناطق القاحلة والجافة عن طريق غرس المئات من الشجيرات الصغيرة الملائمة للبيئة من حيث درجات الحرارة والمناخ ونوعية التربة وتوفر مصادر المياه، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتكمن أهمية التشجير في أن الأشجار تنتج الأكسجين وامتصاصها لثاني أوكسيد الكربون حيث إن كل متر مربع مسطح أخضر يستطيع أن يمتص( 1.5 ) غرام من ثاني أوكسيد الكربون " أي إن كل 25 مترا مربعا من المسطح الأخضر يستطيع أن يمتص 38 غراما من ثاني أوكسيد الكربون وهي الكمية التي ينتجها شخص واحد من التنفس خلال ساعة ".
ومن فوائد الأشجار أنها تعمل على الحد من الضوضاء والإزعاج، تعمل على تثبيت التربة ومنع زحف الرمال إلى مناطق أخرى فيقلل من التصحر وتعرية التربة وتقلل من شدة الرياح العاتية وتعمل كمصد طبيعي لها كما أنه يزيد من خصوبة التربة بشكل طبيعي.
ويوجد في الإمارات 640 نوعا نباتيا موزعة على 78 عائلة، وتمثل غالبية نباتات الإمارات نباتات عشبية، وهناك 159 نوعا شجريا.
ويوجد فيها ما يقارب 200 غابة صحراوية تتركز في مدينة زايد وغياثي والوثبة، وقد اختيرت من هذه الغابات 52 غابة لتحويلها إلى محميات.
مشاريع خضراء
وخصصت دولة الإمارات فعالية سنوية تنظم في مارس، أطلقت عليها "أسبوع التشجير"، لتعزيز الشراكة المجتمعية في فعاليات الأسبوع وإبراز دورها في نشر الرقعة الخضراء والمحافظة عليها، وهو ما يسهم في تقليل الانبعاثات.
وفي عام 2020 فقط، عملت الإمارات على إضافة 5 محميات جديدة ليصل العدد الإجمالي إلى 49 محمية ما يمثل 15.5% من إجمالي مساحة الدولة، وفقا لموقع وزارة التغير المناخي والبيئة، ومن بينها 10 محميات مصنفة عالمية.
واعتمدت الإمارات سلسلة استراتيجيات ومشاريع، رائدة في المنطقة ساهمت في تقليل الانبعاثات.
ومن بين المشاريع، مدينة مصدر في إمارة أبوظبي التي تعد إحدى أكثر المجتمعات الحضرية استدامة في العالم، تتضمن مجمعا متناميا منخفض الكربون وقائما على التقنيات النظيفة، ومنطقة حرة، ومنطقة سكنية، ومطاعم ومتاجر تجزئة، ومنتزهات خضراء.
ومن المشاريع الأخرى "عالم وارنر براذرز "أكبر مدينة ترفيهية تعمل بالطاقة الشمسية على مستوى منطقة الخليج العربي، ومنتزه "سنترال بارك" الذي أحد أكبر التجمعات المعنية بالاستدامة في العالم أبوظبي.
ومركز "ماي سيتي سنتر مصدر" للتجزئة والضيافة، الأكثر استدامة في أبوظبي، ومجمع الاتحاد المستدام الحائز على جائزة "المبنى السكني الأخضر" ضمن جوائز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأبنية الخضراء 2018، وصندوق الاستثمار العقاري المستدام "أول نظام استثمار عقاري خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
واعتمدت أبضا مواد إسمنتية صديقة للبيئة في تنفيذ المباني، بالإضافة إلى الحافلة المستدامة، وهو ما يقلص من الانبعاثات.
استراتيجيات
وعلى صعيد الاستراتيجيات، أطلقت الإمارات في عام 2012 استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، وهي مبادرة وطنية طويلة المدى لبناء اقتصاد أخضر في الدولة تحت شعار "اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة" تهدف من خلالها أن تكون دولة الإمارات رائداً عالمياً في هذا المجال ومركزاً لتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، إضافة إلى الحفاظ على بيئة مستدامة تدعم نمواً اقتصادياً طويل المدى.
وفي عام 2017، أعلنت الإمارات الخطة الوطنية للتغير المناخي (2017- 2050)، التي تقدم إطارا شاملا لدعم التحول نحو اقتصاد أخضر يتسم بقدرته على مواجهة تداعيات التغير لمناخي، ومعالجة انبعاثات الغازات الدفيئة، وهي تعبر عن توجه الدولة نحو التنمية المستدامة ورفع جودة الحياة، وبما يساهم في حماية البيئة.