"المخترع الصغير" يدهش المغاربة بابتكاراته
21:26 - 24 مارس 2021مفترشا الأرض أو جالسا على طاولة مكتبه البسيط، الشاهد على ساعات عمله الطويلة، ينهمك بلال حموتي يوميا في الاشتغال على تجسيد أفكاره وتصوراته لاختراعات جديدة تخرج عن المألوف.
وفي ربيعه الـ 12، استطاع بلال حموتي أن يبتكر العديد من الأجهزة الذكية، وفي جعبته اليوم مجموعة من الاختراعات، من بينها "نظارات الأمان" و"كمامة المستقبل" التي تقي الإصابة بفيروس كورونا، و"روبوت بدر هاري" الذي يحاكي حركة الأيدي، إضافة إلى "سلة قمامة ذكية" وغيرها من الابتكارات.
وفاز حموتي أو "المخترع الصغير" كما يُلقب في المغرب، في مسابقة الروبوتات العالمية 2020، عن فئة مهندسي المستقبل، نظير اختراعه لكمامة المستقبل التي تمنع انتشار عدوى فيروس كورونا.
اجتهاد وابتكار
وظهر نبوغ وتميز الصبي الذي يدرس حاليا في الصف الأول إعدادي، في مجال الابتكار والروبوتيك، في سن مبكرة عندما كان يفكك ألعابه الإلكترونية ويعيد تركيبها وتشغيلها، في محاولاته الأولى لاختبار إمكاناته واكتشاف عالم التكنولوجيا.
ولم يلتحق حموتي بمدارس خاصة كما لم ينل تدريبا في مجال الهندسة والابتكارات، بل كون نفسه بنفسه انطلاقا من البحث عبر شبكة الإنترنت، وبإمكاناته المتواضعة وما يتوفر له من مواد بسيطة، استطاع صنع آلات إلكترونية لاقت الإعجاب والتقدير.
ويؤمن حموتي بالمثل القائل "الحاجة أم الاختراع"، لهذا لم تقف قلة إمكانياته حجر عثرة أمام طموحه لتطوير نفسه وتنمية ذاته، والعمل بشكل متواصل على البحث عن ابتكارات جديدة ومختلفة.
ويصف المخترع الصغير لموقع "سكاي نيوز عربية"، ما يتطلبه منه تطبيق فكرة معينة، من جهد وتركيز كبيرين وبمواد محدودة، ويقول: "إنجاز ربوت الملاكم بدر هاري مثلا، تطلب مني أياما طويلة من العمل، حيث قمت بتركيب كل أجزائه يدويا وأنا أشتغل على الأرض، وهو عناء كان بالإمكان تفاديه لو كنت أمتلك آلة طباعة ثلاثية الأبعاد".
وعلى قائمة حموتي اختراعات عديدة من شأنها تسهيل الحياة اليومية على الأشخاص، من قبيل سلة مهملات تفتح دون الحاجة إلى لمسها ويمكن استخدامها في المنزل والأماكن العامة كما في المستشفيات، إضافة إلى جهاز موجه لأصحاب الهمم، يتيح لهم التحكم في التلفاز دون الحاجة لاستعمال اليدين، وغيرها من الاختراعات.
نظارة وكمامة لمحاربة كورونا
ولم يكن يتوقع الصبي أن تلقى اختراعاته انتشارا وشهرة واسعة تخطت حدود مدينته وجدة، شرقي المغرب. وخلال فترة قصيرة فقط، تعرف العالم على اسمه وعلى ابتكاراته المتنوعة التي يساير جزء كبير منها الجهود المبذولة لمنع انتشار فيروس كورونا.
وقد سمح توقف الدراسة خلال فترة الحجر الصحي في المغرب، للطفل بالتفرغ أكثر لترجمة أفكاره المبتكرة على أرض الواقع، ودفعته رغبته في المساهمة في تعزيز تدابير الوقاية من الإصابة بالوباء، لابتكار اختراعات جديدة.
وقد تولدت في ذهنه خلال تلك الفترة، فكرة اختراع نظارة ذكية، تنبه صاحبها في حالة عدم احترام مسافة الأمن المحددة بمتر واحد، وذلك لمنع انتقال الفيروس بين الأشخاص، كما يمكن للمكفوفين استعمالها أيضا، حيث تنذرهم بعدم احترام المسافة المطلوبة.
وبعد مدة قصيرة من ابتكاره للنظارة الذكية، لاحظ حموتي أيضا عدم التزام الأشخاص بارتداء الكمامة في الأماكن العامة، ففكر في ابتكار كمامة ذكية، أطلق عليها اسم "كمامة المستقبل".
يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "هذه الكمامة تحتوي على مستشعرات تجعلها تغلق بشكل أوتوماتيكي قبل خروج رذاذ العطس أو السعال، لمنع انتشار عدوى كورونا، ومع ذلك فمن يرتديها يمكنه التنفس بشكل طبيعي".
براءة الاختراع
وأمام صعوبة الإجراءات المتعلقة بتسجيل براءة الاختراع، إلى جانب ضرورة الإعداد لملف تقني مفصل، بحسب حموتي، فإن ذلك حال دون تسجيله أية براءة اختراع، ليتمكن من حماية اختراعاته وتدوينها باسمه.
ويسعى الطفل للحصول على مساعدة خبير في هذا المجال من أجل توثيق ابتكاراته وتحصينها، لمنع أي أحد مستقبلا من صناعتها أو استخدامها أو بيعها دون الحصول على موافقته.
وفي ظل الوضع الحالي الذي لا يسمح له بتسجيل اختراعاته وحمايتها، يحاول حموتي توثيق ما يتوصل إليه من ابتكارات عبر صفحته على موقع يوتيوب، التي أنشأها منذ قرابة عام، ويشارك من خلالها مع متابعيه آخر ابتكاراته.
التحفيز والدعم
وشكلت الجائزة التي حصل عليها حموتي مؤخرا ضمن مسابقة الروبوتات العالمية، عن فئة مهندسي المستقبل من وسط 955 مرشح يمثلون 21 بلدا، حافزا قويا شجعه على بذل المزيد من الجهد، والتميز في مجال التكنولوجيا والابتكار.
وإلى جانب التكريمات العديدة التي حظي بها الطفل، تشجيعا على العمل الذي يقوم به، فقد التقى قبل أيام بوزير التربية الوطنية المغربي، سعيد أمزازي، الذي شجعه على الاستمرار في أنشطته ذات الصلة بالابتكار، وأعطى تعليمات بأن يحظى التلميذ بعناية خاصة لاستكمال أبحاثة، وكذلك القيام بالإجراءات الضرورية لحصوله على براءة الاختراع.
ويطمح حموتي إلى أن يصبح عالما، لشغفه الكبير بالبحث والتعلم والابتكار، كما يطمح إلى أن يجد من يحتضنه من باحثين وشركات تعمل في المجال التكنولوجي، والتي يمكن أن تساعده على تطوير اختراعاته والترويج لها.