انتخابات رابعة في عامين.. إسرائيل نحو إنهاء "الجمود السياسي"
17:09 - 23 مارس 2021على مدار العامين الماضيين تحديدا، شهدت إسرائيل حالة جمود سياسي، تمخض عنها إجراء 4 انتخابات خلال عامين فقط (من 2019 حتى 2021)، ويسعى الإسرائيليون إلى الخروج من حالة الجمود تلك عبر الانتخابات التي تُجرى الثلاثاء، وسط مخاوف من استمرار أزمة تشكيل الحكومة التي قد تقود لانتخابات خامسة.
وأجريت الانتخابات الأولى خلال العامين الماضيين في أبريل 2019، قبل أن يخفق رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في الحصول على النسبة المحددة لنيل ثقة البرلمان في حكومته، خلال المدة الدستورية المقررة، لتُجرى الانتخابات الثانية في شهر سبتمبر من العام نفسه.
لكن نتانياهو لم يتمكن بعدها، ومن بعده خصمه بيني غانتس، من تشكيل الحكومة، لتُجرى الانتخابات الثالثة في مارس 2020، قبل أن يتفق الخصمان على تشكيل حكومة وحدة وطنية لمدة ثلاث سنوات، إلا أن فشل الكنيست في إقرار ميزانية 2021 تسبب في حل المجلس، ومن ثم إجراء انتخابات جديدة في مارس 2021.
النظام الانتخابي
ويشرح أستاذ اللغة العبرية عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد أنور، النظام الانتخابي في إسرائيل، بقوله: "الانتخابات في إسرائيل تقوم على نظام الدائرة الواحدة، وهناك 120 مقعدا في الكنيست. من يتقدم ويحصل على (50 بالمئة +1) أي 61 مقعدا تكون له القدرة على تشكيل الحكومة".
ولفت إلى أن النظام يشترط على كل قائمة مشاركة بالانتخابات تجاوز ما يعرف بـ"نسبة الحسم"، وهي 3.25 بالمئة للتمثيل بالكنيست، وتحظى القوائم التي عبرت تلك النسبة بعدد نسبي من المقاعد يتناسب وقوتها العددية.
ويقول أنور في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن النظام الانتخابي حدد أيضا مصير الأصوات التي تحصل عليها بعض القوائم دون أن تتجاوز "نسبة الحسم" المؤهلة للحصول على مقعد واحد، ذلك أن تلك الأصوات يتم تحويلها إلى أقرب قائمة حققت أكبر قدر من الأصوات المؤهلة لتجاوز نسبة الحسم، وبالتالي قد تصل في بعض الأحيان أصوات القائمة التي لم تحقق النسبة، إلى قائمة حزب منافس اقترب من النسبة ويحتاج مجموعة من الأصوات لإكمال حجز مقعد بالكنيست. (تعرف تلك الطريقة باسم طريقة "بدر عوفر"، على اسم يوحنان بدر وأبراهام عوفر اللذين اقترحا تلك الآلية).
ويلفت الأكاديمي المصري خبير بالشؤون الإسرائيلية، إلى أن "ملامح الخريطة الانتخابية وطبيعة الشخصية الفائزة القادرة على تشكيل الحكومة المقبلة، يتحدد بناءً على نسبة الحسم في الانتخابات"، موضحا أن هناك من 4 إلى 5 أحزاب ربما لا تنال تلك النسبة في الانتخابات الحالية، مما يستدعي حجب أصواتها عنها وتحويلها إلى أقرب من يحتاجها.
تشكيل الحكومة
وفي الانتخابات الأولى التي أجريت خلال العامين، حقق المتنافسان، الليكود وتحالف أزرق أبيض (مشكل من 3 أحزاب سياسية هي حوسين ليسرائيل، وهناك مستقبل، وتلم) 35 مقعدا لكل منهما.
وقد اختير نتانياهو -بدعم من الأحزاب اليمينية داخل الكنيست- لتشكيل الحكومة، لكنه لم يتمكن من الحصول على نسبة الغالبية المؤهلة لنيل الثقة، حتى انقضيت المهلة التي حددها القانون، وتم إقرار إجراء انتخابات جديدة.
وتتم تسمية رئيس الحكومة بعد تكليفه من قبل رئيس الدولة ومصادقة البرلمان على حكومته بنسبة 50 بالمئة +1، وطبقا لما يذكره موقع الكنيست، فإن قانون أساس الحكومة ينص على قيام رئيس الدولة، خلال 7 أيام من نشر نتائج انتخابات الكنيست، بإلقاء مهمة تشكيل الحكومة على أحد أعضاء الكنيست ممن وافق على ذلك.
ويقوم رئيس الدولة بهذه الخطوة بعد أن تشاور مع مندوبي الكتل البرلمانية. ثم يقوم عضو الكنيست الذي أوكل من قبل رئيس الدولة بمهمة تشكيل الحكومة خلال 28 يوما.
ومع الانتهاء من مهمة تشكيل الحكومة، يعلن عضو الكنيست عن ذلك أمام رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويقوم رئيس الكنيست بتحديد جلسة للهيئة العامة من أجل تشكيل الحكومة.
ويترأس عضو الكنيست الذي شكل الحكومة رئاسة الحكومة، وبعد تشكيلها، تمتثل أمام الكنيست، وتعلن عن الخطوط السياسية العريضة، مثل تركيبتها وتقسيم الوظائف بين الوزراء، وتطلب ثقة الكنيست. ويتم تشكيل الحكومة بعد نيل ثقة الكنيست، وبعدها يبدأ رئيس الحكومة والوزراء فترة ولايتهم.
انتخابات سبتمبر
بعد فشل الكنيست في الاتفاق على تشكيل الحكومة بقيادة نتاياهو، أجريت الانتخابات الثانية في سبتمبر من العام نفسه، وهي الانتخابات التي حصل فيها حزب بيني غانتس "أزرق أبيض" على 33 مقعدا مقابل 32 مقعدا لحزب الليكود.
ورفض غانتس اقتراح نتايناهو تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرا إلى أنه "يرفض التحالف مع خصمه المتهم في قضايا فساد"، مصرا على توليه رئاسة الوزراء.
وفشل الطرفان في الحصول على نسبة 50 بالمئة +1 (61 عضوا بالكنيسة)، وذلك بعد أن كلف الرئيس نتانياهو بتشكيل الحكومة في شهر أكتوبر ثم أعلن الأخير فشله، فتم تكليف غانتس الذي أعلن أيضا فشله. وفي نهاية المطاف في ديسمبر من العام نفسه، تم إقرار إجراء انتخابات جديدة، وحُدد لها موعد في مارس 2020.
انتخابات مارس 2020
أجريت الانتخابات الثالثة في شهر مارس 2020، في ظل جائحة كورونا، وحصل فيها حزب نتانياهو على عدد أكبر من المقاعد (36 مقعدا)، مقابل 33 مقعدا لأزرق أبيض.
لكن حظي غانتس بدعم 61 نائبا، مما يؤهله لتشكيل الحكومة، لكنه أخفق في تشكيلها والحصول على ثقة الكنيست.
وفي محاولة للخروج من حالة الجمود السياسي، اتفق الخصمان في أبريل 2020 على تشكيل حكومة وحدة وطنية طارئة لمدة ثلاث سنوات، يتم تقاسم السلطة خلالها بينهما، وحظت تلك الحكومة بثقة الكنيست في شهر مايو الماضي.
لكن الحكومة الجديدة التي تشكلت برئاسة نتانياهو بعد تكليفه من جانب الرئيس ريفلين، لم تكتب لها الاستمرارية، وذلك بعد إخفاق الكنيست في مهمة اعتماد الميزانية الجديدة في الفترة المحددة، مما أدى إلى حله في ديسمبر الماضي، ومن ثم الدعوة لانتخابات جديدة، هي الرابعة خلال عامين.
وبحسب قانون الكنيست، يتم حل البرلمان حال عدم المصادقة على مشروع قانون ميزانية الدولة خلال فترة 3 أشهر، اعتبارا من بداية السنة المالية، على أن تجرى انتخابات مبكرة في آخر يوم ثلاثاء قبل انتهاء فترة الـ90 يوما بعد الموعد المحدد.
الانتخابات الحالية
ويتحدث الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، في معرض تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن واقع الانتخابات الحالية في ظل حالة الجمود التي شهدتها إسرائيل خلال العامين الماضيين.
واعتبر أن "ما يميز الانتخابات الحالية أنها ليست يسار مقابل يمين، ذلك أن اليسار ربما اختفى من الساحة، ولم يعد هناك سوى بقاياه مثل حزب العمل. إنما الانتخابات تدور حول رافضي نتانياهو ومؤيديه".
وأوضح أن ثمة عوامل مؤثرة في حسم الانتخابات؛ أهمها "نسبة الحسم" التي "قد تؤثر كثيرا في المشهد، بسبب اختفاء القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، التي قد لا تحصل على نسبة الحسم، وهذه مؤيدة لنتانياهو، وبالتالي يفقد عددا من المقاعد، وإذا ما تم ذلك السيناريو فسيكون مشكلة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي".
ويلفت أيضا إلى أن الأمر الثاني الذي تتحدد بناء عليه نتائج الانتخابات، هو ما يرتبط بجائحة كورونا، قائلا: "في الوقت الذي يروج فيه نتانياهو لمسألة اللقاح وأن 4 ملايين إسرائيلي حصلوا عليه، فإن المعارضة تتهمه بالتسبب في وفاة نحو 6 آلاف إسرائيلي بالفيروس".
ويعتقد أنور بأن "أقصى طموح نتانياهو هو أن يصل إلى 61 مقعدا، وهذا يحقق ائتلافا هشا للغاية، وقد يفتح الباب لانتخابات خامسة، ويعكس حجم الانقسام في المجتمع الإسرائيلي".