هجوم ميليشيا الحوثي على مأرب يهدد بكارثة إنسانية
13:29 - 15 مارس 2021يستعد سكان محافظة مأرب اليمنية، المقدر عددهم بـ2 مليون نسمة، للسيناريو الأسوأ، حيث النزوح الجماعي بسبب تصاعد هجوم ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وحصارهم، مما يهدد بتفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويقوض عملية السلام، بحسب مراقبين.
ومأرب منطقة صحراوية غنية بالنفط، وتبعد نحو 120 كيلومتراً شرقي العاصمة صنعاء، وكانت موطناً لنحو 400 ألف شخص قبل الحرب، لكن بسبب المعارك الدائرة في مناطق يمنية عدة منذ 2015، قفز عدد سكانها وفق بيانات محلية إلى حوالى 2.7 مليون نسمة بسبب حركة النزوح الواسعة إليها، إذ كان يُنظر إلى المحافظة على أنها ملاذ آمن لأولئك الفارين من القتال في أماكن أخرى من البلاد.
وتتعرض مأرب، لهجمات متقطعة من الحوثيين على مدار العام الماضي، لكن الهجوم المتجدد منذ الشهر الماضي تحول بسرعة إلى واحدة من أكثر المعارك ضراوة في الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
هجمات باليستية
وبحسب بيان للحكومة اليمنية، فإن مأرب تعرضت خلال شهر فبراير الماضي، لنحو 25 هجوما بواسطة الصواريخ الباليستية، أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين، فيما تسبب الهجوم البري في موجة نزوح بحق أكثر من 15 ألف نازح هجرتهم مؤخرا من مخيمات النزوح.
وعلم موقع "سكاي نيوز عربية"، من مصادر يمنية في مأرب، أن هناك 5 مخيمات تم إغلاقها خلال الشهر بسبب الهجمات الحوثية، خوفا على حياة سكان المخيمات وتم نقلهم إلى مناطق أخرى بعيد بؤر الاشتباكات، وأن مأرب تضم 138 مخيماً للنازحين.
وأضافت المصادر، أن الهجوم الحوثي سيزيد من الضغط على مخيمات اللاجئين التي تعاني في الأصل من غياب سوء الخدمات.
وأشارت المصادر أيضاً إلى أن الهجوم على مأرب، أدى إلى اختناق تجاري واسع مع توقف جزئي لشاحنات نقل غاز الطهو المنزلي وتكدس عشرات الشاحنات على طول خطوط النقل، وخصوصاً في المنافذ الشرقية من المحافظة، ما اضطر اليمنيين إلى استخدام طرق بديلة فرعية وعرة محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي خلق أزمة واسعة في الحركة التجارية والنقل في المحافظة ومناطق أخرى.
وتسبّبت المعارك في تأزم الأوضاع المعيشية مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بصورة مضاعفة وصلت إلى 400% لمعظم السلع الغذائية ومواد البناء.
دروع بشرية
واتهمت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، ميليشيا الحوثي الانقلابية، باستخدام مئات الأسر في مخيمي نزوح غربي مأرب دروعاً بشرية.
وقال رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، نجيب السعدي، إن الوحدة أطلقت نداءات عاجلة، ناشدت من خلالها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بممارسة الضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على مأرب، واستهداف النازحين وتجنيبهم مراحل جديدة من النزوح.
وأضاف السعدي، في تصريحات صحفية "ناشدنا جميع المنظمات الدولية والإغاثية العاملة في اليمن للتحرك بشكل عاجل لتقديم الإغاثة للنازحين والتخفيف من معاناتهم، ومطالبة الحوثيين باحترام القانون الدولي الإنساني والتوقف عن استهداف المدنيين والنازحين وفتح ممرات آمنة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إليهم".
وأكد أن ميليشيا الحوثي استهدفت مخيمي "ذنة الصوابين" و"ذنة الهيال" في مديرية صرواح بشكل مباشر بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، مما أجبر 450 أسرة على النزوح إلى روضة صرواح.
قصف عشوائي
المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، يقول إن هناك تخوف كبير لدى السكان في مأرب بسبب عمليات القصف اليومية التي تشنها الميليشيا الحوثية على مخيمات النازحين والأحياء السكنية، مما يهدد حياتهم بشكل جدي.
وأضاف الطاهر لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحوثيون اقتحموا مخيما للاجئين قرب سد مأرب، ونصبوا المدافع داخل الخيام، وقاموا بأسر النساء والأطفال لاستخدامهم كدروعا بشرية، ودفعوا بالنازحين من الرجل إلى القتال الأمامية لاستخدامهم في التغطية النارية.
وأشار إلى أن القصف العشوائي الذي تقوم به الميليشيات الحوثية تسبب في حالة نزوح للنازحين مرة ثانية، للابتعاد عن جبهات القتال الدائرة.
وانتقد الطاهر، الموقف الدولي من الهجوم على مأرب، معتبرا أن المجتمع الدولي يحاول "التجمل" مع الحوثيين، من أجل الدخول في مفاوضات سلام لن يرضوا بها من الأساس، وأن هناك كيل بمكيالين في هذا الأمطار.
وطالب المحلل السياسي اليمني، الحكومة الشرعية بكشف الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات للمجتمع الدولي من أجل زيادة الضغط على الحوثيين، وهو أمر يحب أن تضطلع به وزارة حقوق الإنسان، ولكن ما يحدث حتى الآن ليس على قدر المأمول.
وتقدّر الأمم المتحدة نسبة السكان الذين اضطروا إلى النزوح من منازلهم في اليمن بسبب الحرب بنحو 16% من إجمالي السكان، أي حوالي 5 ملايين شخص منذ عام 2015، فيما يعيش قرابة 74% من الأسر النازحة في بيوت مؤجرة خارج المواقع السكانية المضيفة.
وكانت منظمات أممية قد أطلقت أخيراً تحذيرات من تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الخدمات وتفاقم معدلات الجوع بصورة كارثية تطاول جميع المناطق اليمنية.
وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.