المغرب.. تقنين القنب الهندي يعزز فرص "الاستثمار المشروع"
17:11 - 13 مارس 2021بعد مصادقة الحكومة المغربية، الخميس، على القانون الذي سينظم زراعة القنب الهندي، واستعماله لأغراض طبية وعلاجية، فُتح الباب أمام فرص الاستثمار المشروع، لتنتهي معه سنوات من الحروب بين الدولة وتجار القنب الهندي.
وبحسب دراسة لمكتب الدراسات "بروهيبيشن بارتنرز" بلندن، فإنه من المتوقع أن يجني المغرب رواجا ماليا يتراوح بين 7.1 و10 مليار دولار بحلول عام 2023، وذلك من عائدات التجارة المشروعة للقنب الهندي، وبأفق عَمالة يفتح فرص شغل تصل إلى حوالي 100 ألف منصب شغل، لاسيما وأن المناخ في المغرب وجودة الأراضي الزراعية والعمالة منخفضة التكلفة توفر فرصًا هائلة لتحقيق إقلاع اقتصادي لافت.
وبحسب تقديرات المكتب العالمي المتخصص في دراسات القنب الهندي، والذي واكب عدة ورشات بالمغرب حول تقنين زراعة النبتة المثيرة للجدل، منذ عام 2017، فإن المغرب يعتبر واحدا من أهم الأسواق الإفريقية وأهم منتجيه، مشيرا إلى أنه سيكون سباقا إلى تقنينه في حين ما يزال غير قانوني في معظم البلدان الأفريقية، في وقت تحرص فيه العديد من الدول على تبني الزراعة القانونية كوسيلة لتعزيز اقتصاداتها.
ويُزرع القنب الهندي ويستهلك على نطاق واسع في جميع أنحاء القارة السمراء، حيث يبلغ إنتاجه حوالي 38000 طن ومعدلات استهلاك تبلغ 13.2بالمئة، مما يجعل أي طريق نحو تقنين زراعة وصناعة القنب يواجه الكثير من التحديات يمثلها الخلاف حول مداخل التقنين حينا وحول طرق التطبيق أحيانا أخرى، بحسب خبراء عالميين.
عبد السلام الصديقي، وزير الشغل المغربي السابق، والخبير الاقتصادي، يقول في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن المبادرة التي أقدمت عليها الحكومة المغربية ستساهم في التقاط "الفرص المتعددة التي توفرها زراعة القنب الهندي في مجالات ذات نفع أكيد، سواءٌ تعلق الأمر بالمجال الصناعي أو بالمجال الصحي، فضلا عن حماية المزارعين من الشبكات المافيوزية".
وفي تقرير صادر عن صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن المغرب وفي الفترة من 2003 إلى 2012 كان ينتج أزيد من 70بالمئة من كمية الحشيش المستهلك في أوروبا، ليكون هو ثاني منتج عالمي بعد أفغانستان للمادة المخدرة.
وأوضحت أنه بعد تقنينه، بسبب التطور السنوي لسوق القنب الهندي لاستعمالات طبية، من المتوقع أن يصل نموه إلى 30 بالمئة على الصعيد العالمي و60 بالمئة في أوروبا، وهو ما يجعل خبراء يعتقدون أن التقنين هو فرصة لانتعاش الوعاء الضريبي المغربي، خصوصا وأن التقنين سيكون فرصة لمراقبة الإنتاج، فضلا عن الاستعمال المشروع.
ومن الناحية الاجتماعية، يقول عبد الرحيم بوعزة، رئيس المجلس الإقليمي لشفشفاون، إحدى المناطق التي تعرف انتشار زارعة القنب الهندي، إن التقنين وسيلة لـ"احترام كرامة الفلاح الذي يتعاطى هذه الزراعة خيفةً، ويعاني منذ عقود عدة من التهميش والفقر وآثار سياسة المغرب غير النافع، كما يعاني من حياة الرعب ويقاسي الواقع اليومي للرسائل المجهولة والشكايات الكيدية".
وأضاف في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" منبها إلى أنه "يتعين التعامل باجتهاد وواقعية وموضوعية مع عملية التنطيق الترابي للمجال المرخص له بزراعة القنب الهندي"، معتبرا أنه "لا يعقل أن يتم توسيع المساحات المغروسة لتزحف على الأراضي السهلية الخصبة التي تعتبر خزانا للأمن الغذائي بالمغرب".
وكان حزب الأصالة والمعاصرة قد قام منذ عام 2015 بتقديم مقترح قانون، أثار جدلا قويا حينئذ، يتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي، ومنْح التراخيص للمزارعين وتنظيمهم بما يضمن إعادة توجيه الإنتاج إلى الاستعمالات الطبية والصناعية، وذلك لإدخال عمليات إنتاجه ضمن دائرة تسمح للدولة بالمراقبة والضبط واستخلاص الفوائد الاقتصادية، وهو ما يفتح الإنتاج مستقبلا على إيرادات ضخمة من العملة الصعبة التي ستدخل البنوك المغربية عبر التصدير القانوني لنبتة القنب الهندي ومشتقاتها.
وكانت الحكومة المغربية قد عبرت، في السنوات الماضية، عن اعتزامها تقليص زراعة المساحة المزروعة بالقنب الهندي من 134 ألف هكتار إلى 30 ألف هكتار، وهو ما يعني بحسب باحثين وخبراء أن الدولة ستحتاج إلى تعبئة قدرات بشرية ومالية مهمة لفرض مضامين القانون الجديد.
وتقدر بعض الدراسات أن الجزء الذي كان يعود إلى المزارعين قبل التقنين كان يقدر بنحو 40 مليون دولار، أي دخل متوسط سنوي يُقدر بـألفي دولار لكل مُزارع، فيما تقدر المبالغ التي يستحوذ عليها الأباطرة والوسطاء، سواء أكانوا مغاربة وأجانب، بحوالي 12 مليار دولارا، أي 54 ضعفا لما يجنيه المزارعون، وهو ما يجعل عبد السلام الصديقي، يؤكد في ذات التصريح، أن الذين يصطفون ضد تقنين زراعة القنب الهندي "لا يضعون أنفسهم ضد التقدم البشري فحسب، ولكنهم يدافعون موضوعيا عن مصالح تجار المخدرات".
من جانبه، اعتبر حمزة أعناو، الباحث الاقتصادي، أن "تقنين زراعة القنب الهندي ستساهم في إنشاء حركية اقتصادية بالمغرب، خصوصا في ظل تواجد هذه الزراعة حصريا بشمال المغرب بالتوازي مع وجود بنيات تحتية كميناء طنجة المتوسطي وميناء الناظور ميد ويست، بالإضافة إلى وجود منصات استقبال لشركات الاستثمار المشروع في القنب الهندي، كالمناطق الصناعية المتواجدة بالمنطقة".
وزاد موضحا، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الوكالة التي سيحدثها القانون لغرض تنظيم هذا القطاع ستعمل على إنشاء سلاسل القيمة التي تمتد من الفلاح إلى شركات الإنتاج مرورا بخلق تعاونيات التجميع"، مؤكدا أنه "من المنتظر أن يستفيد فلاحو القنب الهندي من دورات تكوينية حتى يتعرفوا على المنتوجات التي يمكن أن يستخرجونها من القنب الهندي"، فيما ستعمل الوكالة على مواكبة الفلاحين الراغبين في إيجاد منصات لتحويل وتجويد القنب الهندي"، يضيف أعناو.
ويتوفر المغرب على عدد كبير من الشركات الرائدة دوليا في صناعة الأدوية، وهي التي ستكون المستفيد الأول من التقنين، بحيث أن محصول القنب الهندي ستكون له سوق وطنية واعدة، بحسب مصادر متخصصة، خصوصا وأن القانون الجديد لن يرخص لزارعة القنب الهندي إلا إذا كانت لأهداف طبية أو من أجل إنتاج الدواء.
وتجدر الإشارة إلى أن الترخيص من أجل الزراعة والإنتاج لن يكون مسموحا بها سوى للمغاربة القاطنين بالمناطق الشمالية، والممتلكين لقطع أرضية بها، وهو ما سيحدده مرسوم يصدر لاحقا، فيما ينبغي للمنتجين أن ينتموا لتعاونيات، ستكون هي الوسيط بين الفلاحين وبين شركات التحويل والتصدير.
والقانون الذي يُلزم الحاصل على رخصة الاستيراد والتصدير أن يمتلك مخازنا تتعرض للمراقبة الدورية، يرتب أيضا غرامات تصل إلى 10 آلاف دولار على المخالفين، وهي نفس الشروط التي تسري في الوقت نفسه على الأشخاص المرخص لهم بتحويل القنب الهندي ونقله وتصنيع مشتقاته.
يذكر أن نبتة القنب الهندي كانت قد حضيت باعتراف دولي يجعلها مكونا علاجيا، خصوصا في الاجتماع الذي عقدته لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، لتحظى أيضا بمصادقة المغرب، ما انتهى بتقنين زراعتها لأغراض طبية بالبلاد، وذلك بعدما كانت دول أخرى مثل كندا وهولندا وكولومبيا وإسبانيا وسويسرا والصين وغانا والشيلي والسويد وجنوب أفريقيا، و30 ولاية بالولايات المتحدة، قد اتجهت منذ فترة إلى تقنين زراعتها واستهلاكها.