السياحة الجبلية في المغرب تشق طريقها نحو التعافي من كورونا
02:34 - 10 مارس 2021عند ولوج الشابة المغربية مريم عريف موقعا إلكترونيا للحجز في الفنادق، لم تكن تتوقع أن تجد المنتجع السياحي الذي اختارته لقضاء نهاية الأسبوع، في منطقة أوريكا، وسط المغرب، محجوزا مسبقا وعن آخره، وبأن الأمر سيضطرها للانتظار الى غاية الأسبوع الأخير من شهر أبريل المقبل كأقرب موعد لحجز غرفة هناك.
تقول مريم لموقع "سكاي نيوز عربية": "صراحة تفاجأت لذلك، ولم أكن أتوقع أبدا أن أجد صعوبة في حجز مكان لي هناك، وبأنني سأكون مضطرة لاختيار فندق آخر، فقد كنت أعتقد بأن السياحة تعيش ركودا بسبب وباء كورونا، لاسيما السياحة الجبلية ".
ورغم الوباء فإن السياحة الجبلية حسب الشابة، في طريقها نحو العودة إلى نشاطها الطبيعي، وتستنتج ذلك من خلال ما لاقته من صعوبة في حجز غرفة لنهاية الأسبوع في بعض الفنادق بمنطقة أوريكا الجبلية.
ويتشارك الكثير من المغاربة مع مريم عشقهم للسياحة الجبلية خلال هذه الفترة من العام، خاصة في ظل تخفيف قيود السفر المفروضة على المواطنين بشكل نسبي، حيث تعرف الوجهات السياحية إقبالا مزايدا خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتكبد القطاع السياحي في المغرب خسائر فادحة قدرت بـ18.3 مليار درهم مغربي خلال السبعة أشهر الأولى من العام الماضي، وذلك منذ الإعلان عن تطبيق حالة الطوارئ الصحية في البلاد، وتشديد الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورنا المستجد.
متنفس للهروب من الوباء
ويستقطب منتزه أوريكا السياحي الواقع بجبال الأطلس الكبير والبعيد عن مدينة مراكش بحوالي 30 كيلومترا، سياحا من مختلف مدن المملكة الراغبين في قضاء أوقات ممتعة بين الجبال وسط الطبيعة الخلابة، مع الاستمتاع بتجربة الأكلات المحلية التي يتم طهيها على الفحم وتقدم مرفقة بالشاي المغربي وخبز الحطب التقليدي.
كما يساهم قرب منطقة أوريكا من مدينة مراكش، أشهر المدن السياحية في المغرب، إلى جذب زوار المدينة وسكانها، لقضاء أوقات ممتعة بين أحضان الطبيعة، بعيدا عن ضجيج المدينة، وهو ما ينعكس إيجابا على الحركة السياحية في المنطقة ويساهم في تحريك عجلة الاقتصاد فيها.
تقول مريم القادمة من أوريكا إلى مدينة الدار البيضاء لـ"سكاي نيوز عربية": "بسبب الإغلاق لم أغادر مدينتي لما يقرب من 8 أشهر، واغتنمت فرصة تنقلي للعمل في مراكش خلال هذا الأسبوع للقيام بزيارة أوريكا، بحثا عن متنفس بعيد عن ضغط العمل وتلوث المدينة".
وتضيف الشابة أن قضاء يوميين فقط في منطقة أوريكا وسط الجبال والطبيعة والهواء النقي، يمنح الشخص شحنة من الطاقة والحيوية، سلبتهما كورونا التي أدخلتنا في حالة اكتئاب وقلق لأزيد من عام".
انتعاش وسط الركام
ويعول العاملون في مجال السياحة الجبلية بالمغرب على السياح الداخليين من أجل إنقاذ مؤسساتهم السياحية، وإنعاش هذا القطاع الحيوي بالنسبة للاقتصاد الوطني، في ظل توقف الرحلات السياحية مع عدد من الدول في الوقت الحالي، بسبب ظهور سلسلة جديدة من فيروس كورونا، وعدم استقرار الوضع الوبائي في العالم.
تقول كاميليا لمنيعي مسيرة أحد دور الضيافة المطلة على وادي أوريكا، إنه في أواخر فصل الشتاء والربيع تنتعش السياحة الجبلية بشكل ملحوظ، وهذه السنة وبالنظر إلى الإجراءات الاحترازية وإغلاق المطاعم وجميع المرافق داخل المدن عند الساعة الثامنة مساء، فإن السياح فضلوا التوجه نحو الطبيعة والجبال للهرب من الوباء والغابات الإسمنتية والضغوط النفسية.
وتضيف كاميليا في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن زوار أوريكا والمؤسسات السياحية بها يمكنهم أن يستمتعوا بأنشطة غنية ومتنوعة، من ضمنها ركوب الخيل والقيام بجولات في المنطقة وزيارة أحد منازلها للتعرف على أسلوب عيش سكانها المحليين، وفي الوقت ذاته يستفيد الأطفال من أنشطة أخرى مثل ورشات للرسم والتعرف على صناعة الفخار ونسج الزرابي وتحضير الأكل والخبز المحلي بالطرق تقليدية.
وتشير المتحدثة إلى أن مؤسستها السياحية عادت لاستئناف نشاطها منذ شهر فصل الصيف الماضي، غير أن الإقبال تزايد خلال هذه الفترة بشكل أكبر، خاصة خلال نهاية الأسبوع، وبالرغم من ذلك تؤكد كاميليا أن المداخيل تظل غير كافية لتغطية المصاريف، لاسيما وأن بعض الزبائن يلغون حجوزاتهم في آخر لحظة بسبب عدم تمكنهم من التنقل صوب أوريكا.
إقبال على السفر
وساعدت السياحة الداخلية نسبيا في تخفيف وطأة الأزمة التي خلفتها تداعيات فيروس كورونا على العاملين في قطاع السياحة، بعد الحملة الترويجية التي أطلقتها وزارة السياحة المغربية للتعريف بوجهات سياحية داخلية، كما ساعدت التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي عرفتها المملكة في جذب الزوار نحو السياحة الجبلية.
مصطفى كردادي الذي يعمل في مطعم بأحد دور الضيافة بأوريكا يقول لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه ومع قرار الخروج من الحجر الصحي وتخفيف الإجراءات الاحترازية والعودة إلى العمل في شهر مايو الماضي، كان الركود هو الذي يخيم على نشاطهم، إلا أن الوضع بدأ يعود تدريجيا إلى طبيعته، وبدأ معه توافد الزوار على المنطقة.
ويرى مصطفى أن العاملين في القطاع السياحي هم الأكثر تضررا من الوباء، بعد أن توقف نشاطهم بشكل كلي، ويتوقع أن تتعافى السياحة في الأشهر القادمة، بعد أن بات المغاربة مقبلين بشكل كبير على السفر داخل المملكة وخاصة المناطق الجبلية.
ويفضل الشاب الذي كان يعمل سابقا في أحد الفنادق المصنفة وسط مدينة مراكش، العمل خارج المدن الكبرى، لما يتيح ذلك من إمكانية للاستجمام والاستمتاع بمزايا الطبيعة مع تأدية وظيفته في الآن ذاته، وهو ما ينطبق في رأيه أيضا على السياح الذين يفضلون الهروب بعيدا عن المدن للقاء الطبيعة والتمتع بالجمال الفياض لجبال الأطلس.