فيديو.. قصة صيادة سمك في بيروت كسبت محبة الصغار والكبار
23:56 - 07 مارس 2021غصون فرزات المعروفة بـ"مريم"، هي امرأة اتخذت من أدراج كورنيش عين المريسة على شاطئ العاصمة اللبنانية بيروت، بيتا منذ عشرات السنين. فما قصتها؟.
لم تكن تعلم غصون، التي يناديها الناس باسم مريم، أن البحر سيصير قريبا منها إلى هذا الحد، وأنّ خطوات معدودات كانت كافية لتصل إليه بعدما كانت تقصده من مسافة بعيدة، حاملة معاناتها كلّما نشب شجار عائلي بينها وبين زوجها، إلى أن تحوّل البحر اليوم إلى ملجأٍ لها، أو ربّما إلى بيتها، حسب ما تقول.
"البحر هو بيتي، وتسمية اليابسة مناسبة لأنها حقا يابسة فالحياة فيها قاسية"، تقول غصون لـ"سكاي نيوز عربية " وهي تنتظر أنّ تهز صنارتها التي ألقتها في الماء.
صارت حياة "مريم" مرتبطة بالبحر منذ أن حرمت من بناتها الأربع نتيجة قضية طلاق عسيرة.
"البحر".. عشق الرجال
قصة حياة أشبه بقصص المسلسلات الدرامية
أما كيف وصلت بها معاناتها لتتّخذ من البحر مكانا تأوي إليه، فتسرد غصون مقتطفات من قصة هي أقرب إلى قصص المسلسلات الدرامية الحقيقية.
تبدأ القصة من حياة عائلية في فيلا في مدينة جبيل شمالي لبنان، قبل أن يتهمها زوجها بمحاولة قتله، فتسجن بدعوى أنّها تعاني من خلل عقلي وينصفها القضاء لاحقا.
لكن بعد ستة أشهر من توقيفها، تخرج غصون من السجن لتصطدم برفض عائلتها لها، ولتبدأ رحلة التشرد التي رمت بها إلى بحر بيروت.
رحلة التشرد جعلت غصون غريبة فعلا بعد وفاة أحد أشقائها وهو الوحيد الذي وقف إلى جانبها على عكس ما فعل أهلها وأقاربها، لتعيش وحدة قاتلة وتختار البحر مسكنا جديدا لها.
غرقت غصون مرتين، في المرة الأولى وهي تحاول إنقاذ سائح عراقي سقط في الماء، وفي المرة الثانية نتيجة موجة قوية، غير أن غضب البحر لم يدفع غصون إلى الاابتعاد عنه أو البحث عن مكان آخر.
وفي هذا الصدد، تضيف: "البحر كائن حي، هو روح، وعلينا أن نعلم أن هذه الروح قد تحزن أحيانا فتغضب، وحتّى لا نتعرض للأذى علينا أن نتجنب هذه الحالة".
البحر.. أنيس مريم
ليس البحر بيت غصون فقط، بل أنيسها الذي تشكو إليه شوقها لبناتها، اللواتي يرفضن لقاءها، حتّى أنّها لا تتخيل حياتها من دون هذا الأزرق وتقول: "إذا حذفوا البحر عن الخريطة يعني حذفوني من الوجود" .
صار البحر مصدر رزقها الذي تعيش منه، حيث تصطاد منه الأسماك وتبيعها، ولا زالت تأمل أن يؤمن لها أحد مكانا في يوم من الأيام تحضر فيه غلتها من السمك لتبيعها مقلية أو مشوية فتضاعف من ربحها.
نجحت غصون في كسب ود الأهل والأطفال رواد الكورنيش الذين ينادونها بمحبة: "يا مريم اشتقنالك". أما خيمتها فقد تحوّلت إلى ملجأ لبعض المحتاجين.
وتستطرد تحت أشعة شمس مارس الدافئة لتدندن: "اشتروني واعرفوا قيمة غلاوتي واسمعوني يللي مش عارفين حكايتي".
وأضافت: "أنا أم الجميع حرمت من أربع بنات ربنا أعطاني الآلاف وقد افتقدتهم في الحجر والإقفال وها قد عدت وأشكر رجال قوى الأمن الداخلي الذين سمحوا لي بالصيد وتعاطفهم معي".
يقول أحد المارة لـ"سكاي نيوز عربية": "مريم مربية زوار البحر والأولاد وهي أمنا... أحلى أم في العالم".
وتختم مريم قصتها بالقول: "يوم لجأت للبحر كنت أتناول أدوية مهدئة لأعصاب رميتها كلها صرت أحب الحياة وأغني لها وأطرب لقد ساعدت نفسي بنفسي".
ووصيتها للمرأة أينما كانت: "كوني قوية وإياك أن تأتمني أحدهم... ااعملي فقط لنفسك".