السيسي في السودان.. دلالات التوقيت وأهم الرسائل
17:37 - 06 مارس 2021حمل توقيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى الخرطوم، جملة من الدلالات المهمة، لا سيما أنها جاءت بالتزامن مع تطورات مهمة وملفات مشتعلة، ليس أولها فقط أزمة سد النهضة التي تصدرت مباحثات الرئيس المصري في السودان؛ ذلك أن جملة من الملفات المتوازية فرضت نفسها على الطاولة، مها تشهده الحدود السودانية الإثيوبية من تطورات، فضلاً عن ملف العلاقات الثنائية بين البلدين، وغيرها من الملفات ذات الأولوية.
تمتعت الزيارة، وهي الأولى للرئيس المصري إلى الخرطوم منذ سقوط نظام الرئيس عمر البشير، بأهمية خاصة، لا سيما في ضوء العلاقات التاريخية بين البلدين.
وتناولت العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية وقضية سد النهضة والأمن في البحر الاحمر وتطورات الأوضاع على الحدود السودانية، وتم خلالها التأكيد على رفض البلدين للأمر الواقع في قضية سد النهضة.
سبق الزيارة عدة لقاءات متتالية بين مسؤولين بالبلدين، وحراك دبلوماسي وعسكري وسياسي واسع بين القاهرة والخرطوم؛ فقد اختُتمت قبل أيام أعمال الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة برئاسة رئيسي الأركان لكلا البلدين بالعاصمة السودانية، كما زارت وزيرة خارجية السودان مصر أخيراً.
رسالة لإثيوبيا
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، سفير مصر الأسبق بالسودان السفير محمد الشاذلي، قال إن "الزيارة جاءت في توقيت مهم جداً، نرى فيه التعنت الإثيوبي والإصرار على القرارات الأحادية بالنسبة لسد النهضة والبدء في ملء الخزان دون تنسيق مع مصر والسودان، ويضاف إلى ذلك الانتهاك الفج للأراضي السودانية بواسطة القوات الإثيوبية والهجمات المتكررة على السودان، وبالتالي فمن ضمن أهداف هذه الزيارة أن نعطي رسالة واضحة لإثيوبيا بأن مصر تقف إلى جانب السودان".
ولفت إلى أن الزيارة سبقتها عدة لقاءات مهمة، من بينها اجتماع اللجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة، وكذا زيارة وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إلى القاهرة، وجميعها رسائل مصرية سودانية مهمة في هذه المرحلة.
وأردف الدبلوماسي المصري السابق قائلاً: "الزيارة ليست مقتصرة على الموقف الموحد القوي ضد إثيوبيا؛ لأن هناك الكثير من الملفات المهمة جداً بين مصر والسودان، لا سيما ملفات التعاون الثنائي، وبشكل خاص في مجالات البنية التحتية وغيرها.. مصر لديها الكثير من التجارب الناجحة والمهمة التي يمكن للسودان الاستفادة منها"، مختتماً تصريحاته بالتأكيد على أن "توقيت الزيارة هو أبرز شيء، والرسالة هي التنويه على أن البلدين في جبهة موحدة".
وأكد بيان صدر عن الرئاسة المصرية، السبت، اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، على أن المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة، تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان.
وشدد البيان على أن "مصر تدعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتوسط في ملف سد النهضة".
أسس متينة
جاءت الزيارة في وقت اجتمعت فيه القيادات السياسية في كل من البلدين، وكذا على المستويات الشعبية، على ضرورة الارتقاء بالعلاقات إلى مستويات أعلى مما هي عليه في الوقت الحالي، ووضع أسس متينة لاستمرار مثل تلك العلاقات "بحيث لا تتغير بتغير التحديات أو الظروف الإقليمية أو الدولية"، طبقاً لما أكده في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقاً، السفير أحمد حجاج.
وأضاف حجاج: "ثمة عديد من الملفات ذات الأولوية في هذا الإطار شهدتها الزيارة، أبرزها ملف سد النهضة، بخاصة أنه لا توجد مفاوضات قائمة، والحكومة الأثيوبية استمرت في عمليات التسويف في المفاوضات لمدة 10 سنوات حتى الآن، ولا تبدو في الأفق أية بارقة أمل رغم أن المفاوضات تتم تحت إشراف الاتحاد الإفريقي، وتتجه إثيوبيا للملء الثاني في شهر يوليو المقبل دون اعتبار لاتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث".
ووفق حجاج، فهناك أيضاً تحديات مرتبطة بالعلاقات الثنائية وضرورة زيادتها في المجال الاقتصادي بشكل خاص، لافتاً إلى زيارة وزير التجارة والصناعة المصري، عمرو نصار، وهي الزيارة التي تم خلالها الاتفاق على إلغاء الحظر المفروض على المنتجات المصرية المصدرة إلى السودان، بما يشكله ذلك من تداعيات مهمة.
التوترات الحدودية
وتحدث السفير حجاج بموازاة ذلك عن الأزمة التي يواجهها السودان، والمرتبطة بمسألة الحدود مع إثيوبيا، وما يتم فيها، وهي من بين الملفات التي كانت حاضرة خلال لقاء السيسي والبرهان.
وقد ناقش السيسي والبرهان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، بحسب البيان الصادر عن الرئاسة المصرية.
وبدوره، قال المحلل السياسي السوداني، طلال إسماعيل، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "زيارة السيسي، إلى الخرطوم، جاءت في توقيت مهم جداً، باعتبار أن السودان الآن لديه توترات حدودية مع جارته إثيوبيا، وكذا ملف سد النهضة الذي يلقي بظلاله مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد في يوليو المقبل".
ولفت إلى أن "هذين الملفين مهمين جداً بالنسبة للسودان وكذلك بالنسبة لمصر أيضاً"، مضيفا أن الزيارة جاءت الزيارة كذلك في ظل حملة دبلوماسية أطلقها السودان لمناصرته، وقام المسؤولون السودانيون بعدة جولات في دول أفريقية وعربية، مشيراً إلى أن "مصر تتمثل مرتكزاً أساسياً في هذه الحملة".
وأوضح إسماعيل أن "هذه الزيارة جاءت أيضاً في ظل التحولات على مستوى منطقة القرن الإفريقي، على اعتبار أن هناك الكثير من المتغيرات الآن في هذه المنطقة، بما يستوجب التعاون بين البلدين بشكل واسع".
شهد اللقاء بين السيسي والبرهان أيضاً التباحث حول مختلف المستجدات في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، وعكست المناقشات "تفاهما متبادلا بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، بما يكفل تعزيز القدرات الإفريقية على مواجهة التحديات التي تواجه القارة ككل، كما تم الاتفاق على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التي يشهدها حاليا المحيط الجغرافي للدولتين".