كيف ربطت جمعية مغربية شريان الدم بشريان القراءة؟
17:25 - 03 مارس 2021كثيرة هي المبادرات التي تشجع على القراءة بالمغرب، عبر إحداث مسابقات وأنشطة تثقيفية معينة، لكن أن يتم الجمع بين العمل الإنساني الخيري وفعل القراءة، فهذا نادر جدا، وهو ما أقدمت عليه جمعية "مبادرة فاعل خير أكادير الكبير".
وربطت هذه الجمعية شريان الدم بشريان القراءة، عبر حملة للتبرع بالدم والكتب، وذلك بغية سد جزء من العجز الذي تعاني منه مستشفيات المنطقة، وتثقيف وتوعية سكان المناطق الجنوبية، وإحياء صلتهم بالكتاب التي انقطعت بسبب الارتباط الكبير بالهاتف والحاسوب.
"تبرع بدمك غيرك يبرا/ وتبرع بكتاب غيرك يقرا"
هذا هو الشعار الذي رفعته جمعية "مبادرة فاعل خير أكادير الكبير" في حملة للتبرع بالدم والكتب طيلة يوم 28 فبراير الماضي بساحة الأمل بمدينة الدشيرة، بالتنسيق مع المركز الجهوي لتحاقن الدم بأكادير، استجابة للنداءات العاجلة التي وجهتها المستشفيات والهيئات الصحية في المغرب للتعويض عن نقص احتياطيات الدم بسبب أزمة جائحة كورونا.
وعن هذه الحملة التي اشترط منظموها على كل متبرع حمل كتاب من أجل التبرع به أيضا، يقول عمر بن بوهو رئيس الجمعية في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إن "هذه المبادرة تدخل في إطار سنتنا التطوعية الحالية للمساهمة في نشر ثقافة القراءة والمطالعة، والتي اخترنا لها هاشتاغ "#بادر للمطالعة".
وأضاف: "ففكرنا في أن يكون التبرع بالدم مرتبطا بالتبرع بالكتاب، وذلك للمساهمة في إنشاء مكتبتين واحدة مخصصة للعموم (كتب متنوعة) والأخرى مخصصة للأطفال، وذلك بنفس المكان الذي نظمت فيه الحملة، كما أن ما لمسناه من قلة الوعي والإقبال على القراءة في المنطقة في فترة الحجر الصحي، والمشكل الذي واجهته السلطات في تنبيه الناس بمخاطر فيروس كورونا وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة، هي التي كانت محفزنا لتخصيص نشاط يجمع بين العمل الإنساني والفعل التثقيفي الذي أملته الظروف الاستثنائية التي نمر بها بسبب جائحة كورونا".
وتابع عمر بن بوهو: "هذه المبادرة لقيت إقبالا مهما رغم محدودية فترة التبرع بالدم التي دامت ساعتين فقط بسبب المهام الكثيرة للطاقم الطبي، حيث تبرع 125 شخص بالدم وبالكتب، وتم وضع مكتبة عمومية بساحة الأمل بمدينة الدشيرة، ووضع بعض الكتب بها، والتي فاقت المئة كتاب في جميع المجالات ولمختلف الأعمار، خاصة الأطفال، الذين تستهدفهم هذه المبادرة، ولهذه الغاية تم تنظيف وتهيئة وتزيين مكان للألعاب خاص بهم".
نجاح المبادرة
ويوضح رئيس الجمعية أن نجاح هذه المبادرة "يرجع إلى تسخير منصتنا الرقمية والاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين الرقميين والعديد من الصيغ الرقمية التي تعهدت بها جمعية "مبادرة فاعل خير أكادير الكبير"، وإلى إيماننا بالعمل الجمعوي، ومواجهتنا لجميع التحديات بمبادرات ناجعة تخدم المنطقة وساكنتها".
ويشير إلى أن هذه المبادرة سبقتها مبادرات أخرى تمثلت في تخصيص مكتبات متنقلة بالفضاء الغابوي لأغروض والمزار، وحديقة أموكاي بالدشيرة، ومكتبة بعنبر النساء بسجن آيت ملول، وتجهيز مكتبة لطلبة التعليم العتيق بالمنطقة، وكلها مبادرات "لقيت استحسانا واهتماما من طرف الأشخاص المستهدفين، نجحنا من خلالها في توعية الناس بأهمية الكتاب وبكونه ملكية مشتركة يجب الحفاظ عليها دون أي مراقبة، كما نظمنا محاضرات، واشترطنا على المهتمين بها حمل كتاب كتذكرة للولوج من أجل الاستفادة وإفادة الغير"، كما يقول لـ"سكاي نيوز عربية".
وتطمح الجمعية، التي تعتمد على العمل التطوعي بالأساس وعلى تبرعات بعض المحسنين والمؤمنين بعملها الإنساني، إلى تأسيس مكتبات في العالم القروي والنهوض بفعل القراءة وتنمية المنطقة، خاصة بعد التراجع الكبير الذي يعرفه الاهتمام بالكتاب أمام الحامل الإلكتروني، والتي صارت تغني الكثيرين عن الكتاب الورقي.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية "مبادرة فاعل خير أكادير الكبير"، انطلقت كمبادرة فيسبوكية شبابية عام 2012، كان عملها مقتصرا في البداية على العالم الافتراضي قبل أن تنتقل إلى أرض الواقع وتتحول إلى جمعية قانونية تسعى إلى ترسيخ القيم السامية بالمجتمع، والرقي به، والمساهمة في النهوض بشتى مجالات التنمية خاصة المجال الاجتماعي والخيري، الذي يعتبر الركيزة الأولى لهذه المبادرة، و نشر ثقافة التطوع واستثمار طاقة الشباب المغربي وتوظيفها بشكل بناء للمساهمة في التنمية.