الوساطة الرباعية.. هل تنجح في حل أزمة سد النهضة؟
11:45 - 27 فبراير 2021مع اقتراب إثيوبيا نحو الملء الثاني لسد النهضة الذي يُبنى على النيل الأزرق، زادت مخاوف دولتي المصب مصر والسودان من الخطر الناتج عن هذه الخطوة الإثيوبية الأحادية، ما دفعهما إلى الإعلان عن مقترح جديد وهو الوساطة الرباعية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث.
واقترح السودان قبل أيام أن تكون هناك وساطة رباعية مكونة من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وهو ما أعلنت وزراتي الخارجية والموارد المائية والري في مصر عن تأييده، لكن الرد الإثيوبي غير واضح حتى الآن رغم تصريحات متحدث وزير الخارجية الإثيوبي حول أن الملء الثاني للسد سيكون في موسم الأمطار المقبل.
وتشهد مفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث حالة حرجة بعد إعلان دولة جنوب إفريقيا وقت رئاستها للاتحاد الإفريقي عن فشل المفاوضات في التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث وتجمد المباحثات منذ يناير الماضي، مع استمرار تصريحات الأطراف الثلاثة حول رغبتهم في استكمال المفاوضات.
وبعد إعلان السودان هذا المقترح، أكد وزير المائية والري المصري محمد عبد العاطي، تأييد المقترح الذي تقدم به السودان سابقاً بتطوير آلية مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الإفريقي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في المفاوضات تحت رعاية وإشراف رئيس دولة الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي باعتباره رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي، وذلك لدفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة.
خطوة جيدة
وزير الموارد المائية والري السابق حسام مغازي، قال إن الفترة السابقة عندما بدأت المفاوضات تأخد مجراها تحت رعاية الإفريقي كان خبراء الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمارسون دورا رقابيا فقط دون تدخل في المفاوضات.
وأوضح أن الجولات استمرت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي لكنها لم تنتهي للنتيجة المطلوبة وبالتالي حدث نوع من الجمود الفترة السابقة.
وأضاف مغازي الذي تولى إدارة ملف سد النهضة لعدة سنوات أثناء توليه وزارة الري المصرية، أنه عندما تولت الكونغو الديمقراطية رئاسة الاتحاد الإفريقي، كان مطلب السودان هو وجود الطرف الأميركي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ليس بصفة مراقبين ولكن رعاة، موضحا أن هذه التحول ربما يعطي المفاوضات نوعا من الجدية والثقل، باعتبار هذه الأطراف ستكون محايدة.
ووصف المسؤول المصري السابق هذا المقترح بـ "الجيد"، لكنه عبر عن أمله في موافقة الطرف الإثيوبي على هذا المقترح حتى تكون هناك جدية في التفاوض، موضحا أن مصر في جميع الأحوال تسعى بكل الوسائل السلمية وبالتفاوض البحث عن مخرج لهذا التعثر الحالي.
وبشأن إمكانية التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث قبل موسم الأمطار في شهر يوليو المقبل، قال: "قد لا أسعى إلى التشائم، لكن مع المشكلة حدودية بين السودان وإثيوبيا قد تلقي بظلالها على مسار مفاوضات النهضة، لكن بلا شك فإن حل هذه القضية سيشجع للجلوس معا مرة أخرى"، مضيفا أن هناك مهلة 4 شهور لحل الأزمة قبل فيضان يوليو المقبل.
وبدأت دولة الكونغو الديمقراطية منذ توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي، الشهر الجاري، في جولات لدول مصر وإثيوبيا والسودان لبحث استكمال مفاوضات سد النهضة بعد توقفها في يناير الماضي.
إثيوبيا ترفض مبدأ الوساطة
أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي قال إن هذه الخطوة جيدة للغاية ومن الممكن أن تدفع المفاوضات إلى الأمام، لكن ذلك في حالة قبول إثيوبيا لهذا المقترح السوداني.
وشدد على أن الأزمة هي أديس أبابا ترفض أي وساطة دولية من أي نوع ولا ترغب في دور للخبراء الأجانب في المفاوضات.
ويذكر شراقي في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن السودان تراجع عن مقترحه السابق بإعطاء دور أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي على حساب الخبراء الأجانب بعد رفض المفاوض المصري الذي لا يمانع من إعطاء دور أكبر جميع الخبراء المراقبين في المفاوضات والبالغ عددهم 11 مراقبا منهم خبراء الاتحاد الإفريقي.
وتوقع أستاذ الموارد المائية رفض إثيوبيا لمبدأ الوساطة، موضحا أن الدليل على ذلك هو أن مع بداية رعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات قبل عام من الآن، اشترطت عدم تحدث المراقبين أو إبداء الرأي إلا إذا طلب الدول الثلاث ذلك، وأن تكون المفاوضات على مستوى وزراء الري دون وزراء الخارجية، وهذه الاشتراطات كانت من أسباب فشل جولة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
الوسيط هو القاضي
وأرجع شراقي المقترح السوداني بالوساطة الرباعية من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وأميركا والأمم المتحدة بسبب الخلافات الشديدة على الحدود والمواجهة الشبه عسكرية مع إثيوبيا، ما دفع ذلك السودان إلى إعلانه أعلى مقترحات لديه دون حرج.
وأشار إلى أن الانتقال من دور المراقب والمتفرج إلى دور وسيط هو تحول كبير، إذ يعتبر الوسيط هو القاضي الذي يسمع من كل الأطراف ويقول رأيه الذي يكون بمثابة قرار.
واعتبر أستاذ الموارد المائية أن ترحيب مصر بالاقتراح السوداني هو أمر طبيعي، إذ أنها ترحب بأي نوع من المفاوضات قد تؤدي إلى اتفاق بين الدول الثلاث، موضحا أن مصر عرضت مقترحات شبيهة في وقت سابق وإثيوبيا رفضت، حيث إنها لا ترغب في دخول خبراء أجانب في المفاوضات، وموقف إثيوبي ثابت منذ سنوات.
وحول إمكانية نجاح الاتحاد الإفريقي في رئاسته الجديدة، قال شراقي إن الاتحاد الإفريقي مؤسسة ليست بالقوة التي تحل أزمة كبرى مثل سد النهضة أو قومية تيغراي أو أزمة الحدود بين السودان وإثيوبيا.
وتوقع أن تكون الخُطوة المقبلة هي اللجوء لمجلس الأمن وهو أيضا طريق ليس بالسهولة التي يتصورها البعض لكنها ضرورة خلال هذه الفترة وقبل بدء إثيوبيا في الملء الثاني، خاصة وأن مصر اتخذت كافة المسارات للتفاوض مع إثيوبيا، حسب ما ذكر.
تخزين 18.5 مليار متر مكعب
واعتبر أستاذ الموارد المائية أن اتجاه إثيوبيا نحو التخزين الثاني لسد النهضة هو فرض لسياسة فرض الأمر الواقع وبقوة وبتعنت شديد، خاصة وأن الكمية تبلغ 18.5 مليار متر مكعب.
وجدد وزير الري المصري في بيان رسمي، التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعى للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، ويراعي مصالح الدول الثلاث.
تفاؤل
إلى ذلك، توقع وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق حسين العطفي أن تشهد الفترة المقبلة تطورا في ملف سد النهضة، خاصة بعد المفترح السوداني الخاص بالوساطة الدولية الرباعية، وأيضا التوافق المصري السوداني في هذه المرحلة الهامة في مفاوضات سد النهضة.
وأشار في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن التحركات الأخيرة من جانب السودان ومصر وأيضا الكونغو الديمقراطية تمهد للجلوس مجددا على طاولة المفاوضات لكن بطريقة جديدة ووساطة دولية.
وأضاف أن يتوقع أن تقبل إثيوبيا المقترح السوداني الذي أيدته مصر في ظل العديد من المتغيرات الإقليمية والدولية، معبرا عن تفائله حول إمكانية التوصل لاتفاق قانوني ملزم قبل الملء الثاني لسد النهضة.