الحناء.. الزينة التي تجذب الموريتانيات أكثر
21:27 - 21 فبراير 2021تستعد عائشة لأهم مرحلة في حياة أي فتاة.. بعد يومين ستدخل القفص الذهبي وتصبح ربة أسرة.. ومن أهم الاستعدادات لهذا الحدث الفريد تزيين اليدين والقدمين بزخرفة الحناء.
وتعتبر الحناء من أقدم وسائل الزينة، حيث استخدمتها المرأة العربية منذ مئات السنين وتغزل الشعراء بالخضاب والوشي في أيدي الغواني فهذا النابغة الذبياني، وهو من أصحاب المعلقات، يصف المتجردة زوجة النعمان وقد سقط غطاء رأسها دون قصد فرفعت يدها المزينة بالخضاب لتتقي بها أنظار القوم، فيقول:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فتداركته واتَّقَتْنا باليد
بمخضب رخص كأن بنانه
عَنَمٌ يكاد من اللطافة يعقد..
ولا تزال الحناء مستخدمة في الزينة في عدد من البلدان العربية من بينها موريتانيا.. ففي البلد الذي يشكل البوابة الغربية للوطن العربي يتمسك السكان بكثير من العادات العربية ويضيفون عليها مسحة محلية خاصة.
فن متوارث
الحناء في موريتانيا من اختصاص نساء الصناع التقليديين المعروفين بـ"المعلمين". وتتفنن "الحناية" في رسم أشكال بديعة على أيدي وأقدام النساء بواسطة الحناء وتستخدم في ذلك أساليب مختلفة، لكنها ليست حكرا عليهن، بل إن غيرهن يمتهنها أحيانا، وإن كان لا يلقى نفس الإقبال.
"الحناء زيادة على جانبها التجميلي هي موروث ثقافي توارثته النساء في موريتانيا (أمًّا عن جدّة) منذ بداية التاريخ الموريتاني" تقول لموقع سكاي نيوز عربية أمينة ديون، رئيسة الجمعية الموريتانية لترقية الصناعة التقليدية والحرف، وتضيف: "الحناء كزينة تطورت مع تطور المرأة الموريتانية حتى أصبحت لها أشكال وتصاميم راقية".
ربع قرن من التجديد
قبل 25 عاما افتتحت سلطانة بنت الداه محلا للحناء في نواكشوط.. لم تكن الوحيدة لكنها كانت تفكر في التجديد.. وعن الدافع لذلك تقول بنت الداه متحدثة لموقع سكاي نيوز عربية: "في التسعينات قل الإقبال على التزين بالحناء من طرف الموريتانيات لأنها أصبحت تأخذ ساعات طويلة.. فقد كنا نعتمد في رسم زخرفة الحناء على (سكوتش)، وهو اللاصق الذي يستخدم لتثبيت الضمادات الطبية.. وذلك أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الحناء.. فقررت استحداث نوع من الحناء ياخذ وقتا أقل".
عام 2000، قامت بنت الداه في نواذيبو شمال موريتانيا بتجربة فكرتها الجديدة، كما توضح لموقع سكاي نيوز عربية.
"منذ بداية عملي (حنايه) فكرت في أسلوب يسهل عمل الحنايات ويقتصد وقتهن.. فاستخدمت الحقنة الطبيية لرسم أشكال الحناء وخطوطها.. ثم بعد أن وجدت ذلك متعبا عدلت عنه إلى استخدام الأكياس البلاستبكية الصغيرة المعروفة محليا بـ "زازو".. ورغم مالاقيته حينها من اعتراض فقد أصبح الأمر الآن منتشرا بشكل كبير".
بين القديم والجديد
يجمع المتابعون لمسار الحناء في موريتانيا أنها قد شهدت تطورا كبيرا عما كانت عليه في الماضي. فبحسب الحناية السلطانة فقد "كانت الأشكال في القديم إما أشكالا هندسية: دوائر أومربعات أو غيرها، وإما زهور وأعراش غير متقنة الطرح في الغالب.. أما الآن فقد تمكنت الحنايات من الإبداع وأصبحت "حنة موريتاني" أجمل أنواع الحناء في العالم".
ويتجلى الفرق أكثر في ارتفاع أسعار الخدمة حيث ارتفعت من حوالى 15 دولارا في تسعينات القرن العشرين إلى مائة دولار ومائتين أحيانا في الوقت الحالي.
ورغم أن " الحناء كزينة للمرأة الموريتانية هي كاملة متكاملة – تقول مباركة بنت أحمد، صاحبة صالون تجميل- فإن بعض النساء يطلبن أحيانا نقشا على اليدين بصباغة الرأس السوداء.. لكن ذلك لا يعطي سمة الحناء ولا زينتها".
وتضيف مباركة لموقع سكاي نيوز عربية: "هناك أشياء مكملة تعملها المرأة مع الحنة.. مثلا تطلب إحداهن أن يعمل لها (قرن) أي ضفيرة مجلاة بالخرز.. فمؤخرا أصبح اهتمام النساء أكثر بالحلي التقليدي مع الحناء.. مثلا سبحة تقليدية أو إسورة من الخرز.. ومن المسائل الجديدة أصبح البعض يضع مع الحناء طلاء أظافر بلونها لإعطائها رونقا وبهاء.. ومن الجديد كذلك استخدام المانيكير والبيديكير لتنظيف اليدين والقدمين لأن الجناء على نظافة تعطي ميزة خاصة"..