مطالب بإنقاذ البرلمان التونسي.. والغنوشي يواجه "أزمة الثقة"
23:38 - 04 فبراير 2021يواجه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من جديد عريضة لسحب الثقة منه، تقدم بها عدد من النواب غير المنتمين للكتل البرلمانية، على خلفية ضعف أدائه في إدارة مجلس نواب الشعب الذي يشهد منذ تشكله توترا مستمرا بين النواب والكتل حتى بات مسرحا للاعتصامات والخصومات التي تطور بعضها إلى العنف اللفظي والمادي، في مشهد غير مألوف داخل الساحة السياسية في البلاد.
ويترسخ لدى أغلب التونسيين انطباع بأن البرلمان أصبح عبئا على الديمقراطية التونسية الناشئة وأن ما يحدث داخل أسواره هو السبب الرئيسي للازمة السياسية في البلاد، وهو ما تدعمه نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن أكثر من 90 بالمئة من التونسيين يقفون مع حل البرلمان بسبب سوء الإدارة والأزمات المتواصلة.
ويعمل عدد من النواب غير المنتمين للكتل على جمع الإمضاءات على عريضة ثانية لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي.
هذا ويشترط النظام الداخلي للمجلس تجميع 73 إمضاء على الأقل قبل عرضها على مكتب البرلمان وإحالتها على أنظار جلسة العامة أين تحتاج 109 صوتا لتحظى بالمرور والموافقة.
ويذكر أن عريضة سحب الثقة من الغنوشي التي ينشغل بها عدد من النواب هي الثانية من نوعها في أقل من سنة، حيث واجه في يوليو الماضي عريضة مماثلة لسحب الثقة تقدمت بها أربع كتل برلمانية وانتهت بحفاظه على مكانه بعد تحالف حركة النهضة مع حزب قلب تونس الذي يقبع رئيسه اليوم في السجن في مواجهة تهم تبييض أموال وتهرب ضريبي.
ويرى مراقبون أن موقف كتلة قلب تونس عنصر مهم لتحديد تبعات عريضة سحب الثقة من الغنوشي، بينما لا تتسم تصريحات نوابها ومواقفهم في علاقة بأداء راشد الغنوشي بالانسجام ما يرجح اليوم من جديد اصطفافهم إلى جانب الغنوشي وإنقاذه خاصة مع وجود رئيس الحزب نبيل القروي في السجن وتوظيف ملفّه من قبل حركة النهضة للمقايضة باتجاه تصويت كتلته في البرلمان.
وتفيد الأخبار القادمة من قصر باردو بأن 13 نائبا يقفون وراء مبادرة عريضة سحب الثقة.
وقال النائب منجي الرحوي في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية إن "سحب الثقة من الغنوشي بات اليوم ضرورة قصوى وأولوية مطلقة وإن سحب الثقة من الغنوشي يعود للواجهة اليوم لأنه بات يمثل رمزا للفساد داخل البرلمان فهو يعمل وفق قانون المغالبة لا وفق النظام الداخلي للبرلمان".
وأضاف الرحوي أن الغنوشي دفع برئيس الحكومة هشام المشيشي للمرور بقوة دون موافقة مؤسسة رئاسة الجمهورية في التعديل الحكومي الأخير ما خلق أزمة سياسية جديدة في البلاد.
وأكد على أنه حول البرلمان إلى منصة لخدمة أجندته وتجاوزاته في هذا السياق كثيرة في الدورتين البرلمانيتين الأولى والثانية ما يجعل سحب الثقة منه ضرورة قصوى لإنقاذ البرلمان بحسب النائب.
وأوضح الرحوي أنهم يعملون على ضمان كل أسباب مرور هذه العريضة وتوقيعها من أكثر عدد ممكن من النواب للإطاحة بالغنوشي وقد وجهوا في هذا الصدد الدعوة لكل الكتل البرلمانية باستثناء كتلي النهضة وائتلاف الكرامة من أجل تقديمها للبرلمان في أقرب الآجال.
في أولى ردود الفعل قالت رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي في فيديو مصور من مقر مجلس نواب الشعب إن عددا من الكتل البرلمانية أكدت لها استعدادها لإمضاء عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان.
وقالت النائبة عن كتلة الدستوري الحر سميرة السايح في تصريح للموقع إنهم في الدستوري الحر أول من بادر بعريضة سحب الثقة من الغنوشي لقناعة راسخة لديهم أنه خطر على الديمقراطية داخل المجلس ويسيء إدارته. وقالت إنهم في بداية عملهم على ذلك منذ يناير 2020 وجدو صعوبات في تبني النواب للفكرة غير أنه اليوم ترسخ لدى الأغلبية أن رئيس البرلمان يعمق الخلافات السياسية ويؤزم الوضع.
وأكدت النائبة أن كتلة الدستوري الحر تدعم مبادرة النواب غير المنتمين الذين جمعوا حتى الآن أكثر من 73 إمضاء ما يسمح بعرض سحب الثقة للتصويت غير أنهم ساعون من أجل توفير أغلبية 109 صوتا داعما للعريضة التي سيقع إيداعها لدى مكتب رئاسة البرلمان عند ضمان أكثر حظوظ لمرورها.
وأوضحت النائبة أن "الدستوري الحر يتفاعل مع مطالب الشارع التونسي في اعتصامه ومبادراته ويتبنى نفس مطالب الشباب المحتجين، ليكون التغيير من داخل البرلمان ونوفر على الشباب عناء النزول للشارع والتظاهر ومواجهة الاعتقالات".
من جهتها قالت النائب عن الكتلة الديمقراطية سامية عّبو في تصريحات إعلامية إنّ رئيس البرلمان راشد الغنوشي غير قادر على تسييره وأنه هو السبب وراء ما سمته بـ"الكوارث" التي تحدث بالبرلمان.
وأضافت أن الغنوشي تطاول على الدستور ويحاول الانقلاب عليه، وأنه أصبح يبحث عن إدارة الدولة والحكومة والبرلمان.
الفشل في إدارة البرلمان والانحياز وتعميق الأزمة السياسية، تهم توجه للغنوشي مند الدورة النيابية الأولى من المراقبين والنواب ومنظمات المجتمع المدني، ويبدو أنه لم يعدل أداءه خلال الدورة الثانية فظلت تلاحقه التهم ذاتها من داخل البرلمان وخارجه.