ولفت إلى أن هذه الخطوات ستترافق مع اتصالات بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وتحديدا مع دول خليجية وإسرائيل.
نووي إيران وصواريخها.. هل ينجح بايدن في التوصل لاتفاق شامل؟
22:03 - 25 يناير 2021لم يمض أسبوع على تولي الرئيس الأميركي، جو بايدن، الحكم في واشنطن، لكنه شرع مع طاقم إدارته في العمل على صعيد ملفات السياسة الخارجية، ولا سيما البرنامج النووي الإيراني، الذي يبدو أنه مفتوح على سيناريوهات عديدة.
وفي اليوم التالي لدخول بايدن البيت الأبيض، قالت متحدثة باسمه إنه سيتحدث مع عدد من قادة العالم وحلفاء الولايات المتحدة بشأن الملف النووي الإيراني.
وبالفعل، أجرى بايدن اتصالا مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأحد، واتفق الرجلان على التعاون في ملف إيران.
وفرنسا واحدة من الدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران، الذي أبرم عام 2015، وانسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب عام 2018.
ملامح سياسة بايدن
وبدأت ملامح سياسة بايدن تتبلور شيئا فشيئا خلال المرحلة الانتقالية، حيث تحدث مسؤول حكومي في العاصمة الأميركية واشنطن، الاثنين، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن إدارة الرئيس جو بايدن ستطلق مبادرة عبر وسطاء أوروبيين لفتح حوار مباشر مع طهران.
وقال مرشح بايدن لشغل منصب وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إن أي اتفاق مع إيران يجب أن يتضمن الصواريخ الباليستية وأنشطتها المزعزعة للاستقرار.
وقال خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي من أجل تثبيت تعيينه في المنصب إنه لا يجب السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي، متعهدا بالعودة إلى الاتفاق في حال التزمت بإيران بالبنود الجديدة.
واعتبر قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران دخلت "مرحلة الفرصة"، بعد أن أصبح جو بايدن رئيسا، وذلك إثر أشهر من التوتر.
رسائل إيران المتباينة
وفي المقابل، استمرت إيران في إطلاق الرسائل المتباينة، فقد صرح وزير الخارجية، جواد ظريف، بأن ملف الصواريخ ونشاط إيران في المنطقة لم ولن تكون جزءا من أي اتفاق نووي.
وفي وقت لاحق، قال مسؤول دبلوماسي إيراني كبير إن بلاده غير متهمة حاليا بإجراء محادثات مع الولايات المتحدة.
لكن نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، قال إن بلاده في "الأيام الأخيرة من العقوبات.. أرى أيامًا سعيدة في الأسابيع والأشهر المقبلة للبلاد".
وتظهر هذه التصريحات تصلبا في جانب ومرونة كبيرة من جانب آخر إزاء الولايات المتحدة.
لماذا انسحب ترامب؟
وكان ترامب انسحب في مايو 2018، من الاتفاق النووي الذي وصفه مرارا بـ"الكارثي"، وعدد الأسباب التي دفعته إلى ذلك: الاتفاق لم يحقق السلام أبدا في المنطقة ولم يبعد إيران عن السلاح النووي، ولم يتصد لبرنامج الصواريخ الباليستية وتدخلاتها في المنطقة، كما أن الاتفاق أتاح لإيران الحصول على موارد مالية ضخمة وظفتها في دعم الميليشيات والإرهاب.
وأعاد ترامب العقوبات التي كانت مفروضة على إيران قبل الاتفاق النووي، ويظل يعلن بشكل دوري عن عقوبات اقتصادية وضعت ضغطا هائل على نظام طهران حتى الأيام الأخيرة من ولايته، تحت ما عرف بـ"حملة الضغط الأقسى".
وكان بايدن نائبا للرئيس الأميركي، باراك أوباما، عندما تم التوصل إلى الاتفاق، في صيف عام 2015، وعرف الاتفاق حينها رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" واختصارا بـ"الاتفاق النووي"، وينص على رفع العقوبات وتخفيفها مقابل فرض قيود على البرنامج النووي.
الأمور تغيرت كثيرا
وأعرب بايدن عن رغبته أثناء الحملة الانتخابية بالعودة إلى الاتفاق النووي، لكن الأمور ليست كما كانت في 2015، مع بروز أمور خطيرة تشكل تهديدا لدول المنطقة والغرب على حد سواء، ولا سيما الصواريخ الباليستية.
ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، حدثت كثير من التطورات في إيران، إذ خرقت كثيرا من الشروط التي فرضها الاتفاق.
وكان أحدث هذه الخروق قرار طهران، مطلع يناير الجاري، باستئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المئة في منشأة تحت الأرض.
وتكمن خطورة الأمر في أن الوقت اللازم للوصول إلى الحد الأدنى البالغ 90 بالمئة لليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة ينخفض إلى النصف بمجرد تخصيب اليورانيوم إلى حوالى 20 بالمئة.
ودعت هذه الخطوة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا (مشاركون في الاتفاق النووي) إلى إصدار بيان شديد اللهجة، دعوا فيه طهران إلى التراجع عن القرار، الذي أكدوا أنه ينطوي على مخاطر كبيرة.
الهوة واسعة
ويقول الدكتور محمد عباس ناجي، الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية" إن التوفيق الآن بين الموقفين الأميركي والإيراني صعب
وتوقع ناجي ألا تقدم إيران على تنازلات في الملف الصاروخي حتى لو فشلت التفاهمات.
ورأى أنه قد تحاول الإيحاء بأنها تدعم بعض جهود التهدئة في الملفات الإقليمية، لكن مع ضبط أي تحركات في هذا الصدد، بما يتوافق مع مصالحها، بما يمثل أحد السيناريوهات.
وقال إن النظام الإيراني سيحاول "تحمل العقوبات كي لا يقدم تنازلات في الملف الصاروخي، ولاحظنا في الفترة الأخيرة قدرتها على الالتفاف على العقولات وتصدير النفط زادت بشكل ملحوظ".
ولفت الخبير في الشؤون الإيراني أن طهران ذاهبة نحو انتخابات رئاسية مقررة في 18 يونيو المقبل.
وهذا يعني أن التصعيد ضد الولايات المتحدة، بحسب ناجي، سيدعم جهود المحافظين للفوز بها.
وقال ناجي إن تصريحات الجنرال كينيث ماكينزي قد تعني وجود مباحثات غير رسمية تجري بين الطرفين في إطار ما يسمى المسار الثاني، وربما تشير إلى أن إدارة بايدن تتبنى سياسة العصا والجزرة وأنها توفر فرصة، لإيران للتفاهم لكنها فرصة لن تطول.
مساعدو بايدن يؤيدون ترامب
وبدوره، يقول الخبير في الشأن الإيراني، الدكتور نبيل العتوم إن طهران تدرك أن هناك عقبات كثيرة أمام عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
وأضاف العتوم في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية " أن هناك أصواتا داخل الإدارة الجديدة ترى أن عقوبات ترامب ليست سلبية، وربما تساعد على الضغط على إيران حتى تستطيع انتزاع تنازلات في ثلاث ملفات هي البرنامج الصاروخي الذي بات يشكل هاجسا كبيرا بشأن دول المنطقة والولايات المتحدة، وسياسة إيران المزعزعة للاستقرار عبر الميليشيات ووكلائها، وثغرات البرنامج النووي بما يضمن عدم عسكرته.
وأشار العتوم إلى أنه لا توجد إجابات سهلة في إيران بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة مستقبلا، لذلك هناك عدة سيناريوهات، ومنها العودة غير الكاملة إلى الاتفاق النووي، والسيناريو الثاني أن أميركا قد تنتظر إلى نتائج الانتخابات الإيرانية المقررة في مايو المقبل.
وتحدث عن قراءات متباينة داخل النظام الإيراني تتراوح بين التفاؤل والحذر، مع شبه إجماع على أن الكرة في ملعب بايدن، وأن ما يفعله الأخير سيحدد خطوات إيران، وضرب مثلا، فقد ترفع الولايات المتحدة بعضا من العقوبات، على أن ترد إيران بالمقابل بالعودة إلى بعض الالتزامات بالاتفاق النووي، تمهيدا إلى مفاوضات مباشرة.
استخدام الملفات الإقليمية
ورأى العتوم أن الإيرانيين قد لا يتفاوضون على البرنامج الصاروخي لأنهم يعدونه نوعا من الضمان من الدفاع عن البلاد، نظرا لعدم قدرتها على أسلحة حديثة.
ولفت إلى صحيفة محسوبة على الحرس الثوري، تحدثت عن احتمال أن تفاوض طهران مع بايدن على بعض الملفات الإقليمية وخاصة اليمن، بما يخفف الضغط عليها، لكنها قد لا تتفاوض على الملفات التي تشكل أوراق قوة بالنسبة لها مثل العراق وربما إعادة الانتشار في سوريا.
وشدد العتوم على أنه "لن يكتب النجاح للاتفاق مع إيران، إذا لم يتم إشراك الدول الإقليمية التي تعاني من الخطر الإيراني ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، ومعالجة الثغرات التي اعترت الاتفاق القديم، وخاصة البرنامج الصاروخي".
فبحسب الخبير في الشأن الإيراني، فإن العالم يشهد حالة نادرة بأن تقوم دولة معترف بها في الأمم المتحدة بتزويد ميليشيات مسلحة بترسانة أسلحة خطيرة مثل الصواريخ، مما يشكل تهديدا لدول المنطقة.