نافالني.. مسيرة من "السم" والملاحقات وصوت يزعج "القيصر"
23:36 - 17 يناير 2021أصر المعارض الروسي البارز، أليكسي نافالني، مؤخرا، على العودة إلى بلاده، رغم احتمال اعتقاله من قبل السلطات التي سبق لها أن سجنته أكثر من مرة، على خلفية احتجاجات وأنشطة سياسية، وسط إدانات من العواصم الغربية.
وجرى اعتقال نافالني، الذي يبلغ 44 عاما، يوم الأحد، بمجرد وصوله إلى موسكو قادما من ألمانيا، حيث عولج من تسمم تعرض له في سيبيريا.
وأضحى نافالني أبرز وجوه المعارضة في روسيا، فتم منعه من الظهور في التلفزيون الرسمي، كما جرى حرمانه أيضا من منافسة الرئيس، فلاديمير بوتن في انتخابات 2018.
وتمسك نافالني بالعمل السياسي، رافضا الابتعاد عن نشاطه، رغم سجنه أكثر من مرة، وفي أغسطس الماضي، تعرض لهجوم بغاز الأعصاب "نوفيشوك" فكاد أن يلقى حتفه.
وفي مقطع فيديو، أعلن نافالني عن عودته، قائلا إنه بات يتمتع بصحة جيدة وبوسعه أن يعود حتى يكمل التعافي في بلاده.
ويتهم نافالني وكالة الأمن الفيدرالية في روسيا بالضلوع المباشر في عملية التسميم التي تعرض لها، في الصيف الأخير، وأوشكت أن تقتله.
وإزاء هذه العودة الشائكة، يبرز نافالني مجددا في الواجهة، فمن يكون هذا المعارض الذي يتمسك بمعارضة فلاديمير بوتن، وأضحى وجها بارزا وسط الشباب، خلال العقد الأخير بينما يتابعه اليوم 2.4 مليون شخص على منصة تويتر؟
اكتسب نافالني، وهو محام في الأصل، شعبية واسعة، بفضل مقاطع فيديو دأب على نشرها في منصات التواصل الاجتماعي من أجل ما يعتبره "كشفا" للفساد وسط نخبة روسيا.
ولم يخل الخطاب السياسي الذي وظفه نافالني من الجرأة، فانهال بأوصاف أقرب إلى "الشتائم"، مثل "اللصوص"، وتحول إلى ما يشبه صوت التحدي أمام سلطات تمسك جيدا بزمام الأمور.
وفي العام 2011، لم يقتصر دور نافالني على إبداء المواقف فقط، بل حشد لمظاهرات من عشرات الآلاف، للاحتجاج على ما قيل إنها تجاوزات "فاضحة" شابت الانتخابات البرلمانية في البلاد.
وبعد عامين من ذلك، زاد طموح الرجل المعارض، فترشح للانتخابات البلدية في قلب العاصمة موسكو، وحل في المرتبة الثانية بعد حليف الرئيس بوتن، سيرغي سوبيانين.
وفي 2017، اتهم رئيس الوزراء، وقتئذ، ديميتري ميدفيدف، بالفساد، فكانت اتهاماته شرارة لاحتجاجات اجتاحت الشارع في روسيا، لكنها قوبلت بما وصفتها جمعيات حقوقية بـ"القمع".
ملاحقات ومواجهات
وفي العام نفسه، غادر نافالني إلى إسبانيا من أجل إجراء عملية جراحية، بعدما كاد أن يصاب بالعمى في إحدى عينيه، من جراء هجمات تعرض لها في شوارع موسكو.
وفي خضم هذا النشاط السياسي المعارض، لم يسلم نافالني الذي يتابعه أكثر من أربعة ملايين على موقع "يوتيوب"، من عدة قضايا أمام المحاكم الروسية، بينما يقول أنصاره إنه يدفع ثمن المواقف التي يجهرُ بها. وفي 2013، تم الحكم على نافالني بخمس سنوات موقوفة التنفيذ في قضية اختلاس، مما أدى من حرمانه إلى الحق في الترشح للانتخابات.
وفي 2014، أدين نافالني بحكم سجن موقوف أيضا، بينما أدين شقيقه أوليغ، في قضية يصفها نشطاء حقوقيون روس بـ"احتجاز الرهائن"، أي الضغط على الرجل المعارض من خلال أخيه.
وفيما ينظر بعض الروس إلى نافالني بمثابة معارض وناشط قوي رغم القيود والمخاطر، يصفه آخرون بـ"دمية الغرب" والشخص المتورط في قضايا إجرامية.
لكن هذا المعارض الروسي لا يشكل معارضة مؤسساتية منظمة، بحسب متابعين، حتى وإن كان وجها ناقدا للسلطة من خلال منصات التواصل.
وفي سبتمبر 2020، أصدرت المحكمة العليا في روسيا قرارا يقضي بحل حزب "روسيا المستقبل" الذي أسسه نافالني، فيما كانت وزارة العدل بالبلاد، قد رفضت تسجيله قبل ذلك، بسبب وجود حزب آخر مسجل بالاسم نفسه.
ويلامُ نافالني أيضا على مواقفه الحقوقية التي توصف بـ"الملتبسة" وغير المبدئية، عندما يتعلق الأمر بملفات من قبيل الهجرة والانتماء القومي لروسيا.
أما الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، فيحرص على عدم إيلاء اهتمام كبير لنافالني في العلن، عندما يسأل عنه من قبل الصحافة، إذا غالبا ما يشير إليه بعبارة "الشخص الذي تحدثتم عنه.
ويرى متابعون، أن نافالني تحول بالفعل إلى صوت مزعج للسلطات الروسية، لكن هامش ما يمكن أن يحققه يظل محدودا أيضا، في ظل النفوذ الكبير للرئيس بوتن.
أما تضامن الدول الغربية فيظل محدود الأثر، بحسب كثيرين، لأن روسيا ترفض ما تعتبره تدخلا في شؤونها الداخلية، حتى أن تقارير صحفية في فرنسا تحدثت عن تعرض الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، لرد فعل مهين للغاية، عندما حاول أن يثير مسألة حقوق الإنسان في روسيا، خلال لقاء مع بوتن.