يهود المغرب يتأهبون لتوديع "الترانزيت" مع إسرائيل
23:17 - 13 ديسمبر 2020يتابع جاكوب الأخبار هذه الأيام بشغف كبير، حيث ينتظر بفارغ الصبر مع كثير من يهود المغرب تدشين أول خط جوي مباشر مع إسرائيل، حيث يمكنهم زيارة أفراد عائلاتهم هناك دون الحاجة إلى الترانزيت المرهق في المطارات المختلفة.
ويستعد الكثير من يهود المغرب للسفر عندما يتم الإعلان عن مواعيد السفر المباشر ذهابا وإيابا مع إسرائيل، الأمر الذي سيسهل كثيرا من تبادل الزيارات بين البلدين وتنشيط السياحة.
وكان بيان للديوان الملكي المغربي قد أعلن الخميس، اعتزام المغرب تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب، وكذلك استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال. كما أكد البيان اعتزام المغرب تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي.
رحلات جوية مباشرة
وسط أحد أسواق الدارالبيضاء، أكبر مدن المغرب، التقت سكاي نيوز عربية، يهود مغاربة ينحدرون من أسر تعايشت منذ مئات السنين مع المغاربة المسلمين، والذين عبروا عن سعادتهم بقرار استئناف العلاقات الثنائية.
ويقول جاكوب: "العلاقة بين اليهود في المغرب وإخوانهم في إسرائيل لم تنقطع أبدا، الأصعب كان يتمثل فقط في تبادل الزيارات بسبب عدم وجود خط جوي مباشر بين البلدين".
ويضيف الرجل الستيني: "ننتظر بصبر كبير إطلاق الخط الجوي بين المغرب وإسرائيل، فقد طال انتظار هذه اللحظة التاريخية، وأتمنى أن أكون من بين ركاب أول طائرة متوجهة نحو إسرائيل لزيارة عائلتي هناك، التي لم أراها منذ وقت طويل".
ويقاطع موشي الذي كان ينصت بتمعن لحديث جاكوب قائلا: " هناك أفراد من عائلتي في إسرائيل يتمنون منذ سنوات زيارة المغرب للاحتفال بـ"الهيلولة" (موسم ديني خاص باليهود المغاربة) وسط إخوانهم المغاربة، غير أن غياب رحلات مباشرة نحو المغرب كان يشكل عائقا أمامهم".
ويتابع موشي الحديث "لا يمكن للكلمات أن تصف الفرحة التي سادت بين اليهود في المغرب عند سماع الخبر، ونحن اليوم ننتظر ترجمة القرار على أرض الواقع عبر تبادل الزيارات وعبر تعاون اقتصادي قوي بين البلدين، فقد كان لليهود سابقا دور كبير في تحريك عجلة الاقتصاد المغربي".
تطوير العلاقات الاقتصادية
واعتبر الأمين العام لفدرالية اليهود المغاربة في فرنسا، سيمون سكيرة، أن عودة العلاقات بين الرباط وتل أبيب، إلى جانب كونه حدث تاريخي، يعد أيضا انطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين، ومن شأنه تعزيز علاقات التعاون بينهما في مختلف المجالات.
ويتحدث سيمون لـسكاي نيوز عربية، عن معاناة اليهود المغاربة عند السفر إلى المغرب قائلا: "كنت أدعو وفودا لتبادل الزيارات بين المغرب وإسرائيل، إلا أنه كان يلزمنا المرور عبر مطارات إيطاليا أو ألمانيا أو فرنسا قبل الوصول إلى المغرب، وكان يتطلب تغيير الطائرة الانتظار لساعات طويلة في المطار، قد تصل إلى 7 ساعات".
ويستطرد سيمون الذي غادر المغرب نحو إسرائيل في سن 15 عاما: " طوال 30 سنة، لم يستطع والدي زيارة المغرب سوى مرة واحدة فقط، وذلك بسبب ظروف الرحلة الشاقة التي قد تستغرق 12 ساعة بدل أربع ساعات ونصف في رحلة مباشرة إلى الرباط".
وعلى المستوى الاقتصادي، يضيف سيمون إلى أن "قرار إطلاق الخط الجوي، سيكون له انعكاس إيجابي على السياحة في المغرب، الذي كان يستقبل 50 ألف إسرائيلي في السنة، بينما يمكنه أن يستقبل اليوم ما يفوق عن 30 ألف زائر في الشهر الواحد فقط".
وعدد سيمون في حديثه، المجالات الاقتصادية والتجارية التي يمكن تطويرها بين البلدين، قائلا: "يمكن للمغرب تزويد إسرائيل بعدد من المنتجات السمكية والغذائية، والتي تلقى إقبالا كبيرا من طرف المغاربة اليهود في اسرائيل".
وحسب سيمون، فإن المغرب بإمكانه الاستفادة من تطور الصناعات الاسرائيلية في مجالات التكنولوجيات الحدثية والمنتجات الكيماوية والميكانيكية، وكذلك الأجهزة الالكترونية الموجهة إلى القطاع الزراعي.
تشجيع الاستثمار
وكان موقع "إسرائيل فالي"، قد نشر في وقت سابق تقريرا عن العلاقات التجارية بين المغرب وإسرائيل، أشار فيه إلى أن المغرب يصنف ضمن أهم 5 شركاء اقتصاديين لإسرائيل في القارة الافريقية.
ووفقا للموقع المختص في العلاقات التجارية الفرنسية الإسرائيلية، فإن القطاع الفلاحي والملاحة الجوية وصناعة الإلكترونيات والفضاء، إضافة إلى السياحة، نظرا لوجود جالية مغربية مهمة في إسرائيل تتجاوز 800 ألف شخص، ستشكل أهم مجالات التعاون الاقتصادي الأبرز بين البلدين.
الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي كميل ساري يقول في تصريح لسكاي نيوز عربية، أنه بوسع رجال الأعمال المغاربة من أصول يهودية المساهمة في إنعاش الاقتصاد المغربي عبر الاستثمار.
ويضيف الخبير الاقتصادي، أن المغرب يتوفر على جميع الظروف الملائمة والبنيات التحتية الكفيلة بجلب الاستثمار الخارجي وإنشاء شركات ومراكز صناعية، غير أن الفاعلين الاقتصاديين الاسرائيليين وفي ظل الجمود الذي كان يطبع العلاقات الثنائية بين البلدين، وغياب إطار منظم للعلاقات الاقتصادية بينهما، كانوا يتخوفون من الاستثمار في المغرب.
ويتابع: "الإعلان عن عودة العلاقة الثنائية بشكل رسمي ستساعد على جلب الاستثمارات وحمايتها".
وعن أوجه التعاون الاقتصادي بين الرباط وتل أبيب، يعتبر المتحدث أن المغرب يمكنه استغلال هذه العلاقات والاستفادة من تجربة إسرائيل الرائدة في مجال الأنظمة الإلكترونية الدقيقة والتي تعتمد عليها عدد من الدول، فيما يمكن لإسرائيل أن تستثمر في مجالات خطى المغرب فيها خطوات كبيرة، من قبيل صناعة الطيران والسيارات، ومجال الطاقات المتجددة.