تونسي ضحية تجارة الأعضاء في تركيا
01:42 - 11 ديسمبر 2020باع مواطن تونسي كليته في العاصمة التركية أنقرة بعد أن تم استدراجه لذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ووقع الرجل ضحية شبكة تجارة في أعضاء البشر تنشط في تركيا ولديها عصابات في عدد من الدول.
وقامت محكمة محافظة زغوان شمال شرقي البلاد وفرقة الأبحاث والتفتيش بالحرس الوطني بتونس بإحالة ملف المواطن الذي باع إحدى كليتيه في تركيا إلى شخص كونغولي إلى الفرقة المختصة بمكافحة الاتجار بالبشر لمواصلة الأبحاث والتحريات الأمنية والقضائية، وأكد لنا وكيل الجمهورية بزغوان سامي بلهويدي أنه تم سماع المتضرر وحجز المبلغ المالي المتبقي الذي تسلمه بعد العملية الجراحية، بينما تعمل الفرقة المختصة في مكافحة الاتجار بالبشر على مواصلة التحقيقات بالتنسيق مع نظائرها خارج البلاد ومع الإنتربول للقبض على المتورطين من أعضاء الشبكة الإجرامية.
كما تعمل على التنسيق من أجل غلق كل الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشط من خلالها العصابة لاستقطاب ضعاف الحال وإغرائهم بالمال لبيع أعضائهم.
وتعتبر هذه القضية الأولى من نوعها التي يتعهد بها القضاء التونسي وتنشر لدى المحاكم وهي أول حالة اشتباه بالاتجار بالأعضاء في تونس، وكان منطلق القضية أن مواطنا أصيل منطقة ريفية في زغوان في العقد الثالث من العمر سافر إلى تركيا لمدة قصيرة ولدى عودته ظهرت عليه علامات الثراء المفاجئ وبالتحقيق معه أعترف أنه باع إحدى كليتيه مقابل 16 ألف دولار أميركي أي ما يعادل 48.600 دينار تونسي.
وأفادنا شهود من منطقة سمنجة بمعتمدية بئر مشارقة أين يقطن المتضرر أنه شخص فقير الحال متزوج ويعيش ظروفا مادية متدهورة واجتماعية هشة جدا؛ الأمر الذي سهل عملية استمالته من قبل العصابة وإغرائه بمبلغ مالي دفعه إلى بيع كليته بعد أن تمكن عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من الوصول إلى إحدى الصفحات التي تديرها شبكة إجرامية تستغل الأشخاص من خلال دفعهم إلى بيع أعضائهم مقابل مبالغ مالية.
وقامت الشبكة باستقطابه والتغرير به ثم وقع الاتصال به من قبل وسيط مغربي الجنسية مقيم بتركيا ووفروا له تذاكر السفر مع حجز غرفة فندقية في العاصمة التركية أنقرة ثم أجريت له فحوصات طبية في إحدى المصحات كما تم تزويجه صوريا من ابنة المتبرع لفائدته وهو كنغولي الجنسية وذلك لأن القانون في تركيا يشترط أن يكون التبرع بالأعضاء بين الأقارب فقط.
وكان الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني العقيد حسام الدين الجبابلي أكد في تصريحات صحفية أن فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بزغوان تمكنت من الكشف عن عصابة تنشط في الاتجار بالأعضاء تتكون من 6 أشخاص من جنسيات مختلفة مقيمين في تونس وهم 4 يحملون الجنسية الكونغولية والجنسية المغربية والجنسية الموريتانية، في حين تم ترك المواطن التونسي في حالة سراح إذ يعتبره القانون متضررا ولا يمكن إيقافه.
ويحجر القانون التونسي “أخذ الأعضاء بمقابل مالي" كما عزّز المشرع التونسي التشريعات التي تضمن الحرمة الجسدية للإنسان بالمصادقة على القانون المتعلق بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته سنة 2016.
ويعرف الاتجار بالبشر بأنه "استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره".
غير أن كل هذه النصوص القانونية التي تجرم الاتجار بالبشر لم تمكن السلطات التونسية من القضاء على الظاهرة بمختلف أشكالها،
فقد ارتفع عدد الضحايا بين سنتي 2018 و2019 وفق تقارير سنوية أصدرتها الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتم تسجيل 1313 حالة اتجار بالبشر خلال سنة 2019 مقابل 780 حالة سنة 2018.
وأوضحت رئيسة الهيئة روضة العبيدي أن الضحايا هم من النساء والأطفال والأجانب وأن أكثر من 83 بالمائة من قضايا الاتجار بالبشر تعلقت بالتشغيل القسري وبيع مولود خارج إطار الزواج فيما تمثلت جرائم أخرى في الاستغلال الجنسي وتشغيل الأطفال.
وقد دعت العبيدي في ندوة إقليمية في شهر ديسمبر الجاري إلى “تعزيز العمل الإقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر في جنوب البحر الأبيض المتوسط وإحداث منصة إقليمية للتكوين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر لفائدة المهنيين في القانون وضبط استراتيجية مشتركة من أجل مكافحة الشبكات الإجرامية المنظمة ووضع آليات عابرة للحدود".