الغرافيتي في مصر.. حكاوي الجدران التي بدأها الفراعنة
17:29 - 10 ديسمبر 2020الغرافيتي في مصر ليس وليد هذه اللحظة ولا ابن زمننا هذا، فمنذ آلاف السنين، والمصريون يرسمون على الجدران لتوثيق تفاصيل حياتهم بصورة تجمع بين الجمالية والمعاني في الوقت عينه.
قبل 4 آلاف عام، استخدم المصريون القدماء اللغة الهيروغليفية، لتمثيل الأفكار وتخليد الأعمال على الجدران، وتطورت مع مرور الزمن ليأخذ في وقتنا الراهن اسم "فن الغرافيتي".
واليوم، يبدع الشبان المصريون في رسم اللوحات الفنية على جدران الشوارع، بغية إزالة القبح منها وجعلها أكثر بهجة.
من أميركا إلى مصر
كانت بداية فن الغرافيتي الحديث في شوارع أميركا، حيث انطلق الرسامون إلى الأزقة والطرقات لتوثيق قصص الناس، خاصة المهمشين منهم على صورة لوحات ضخمة، اتخذت من الجدران مكانا لها، وذلك على نغمات موسيقى (الهيب هوب) و(الراب).
وكان الأميركيون يستلهمون رسوماتهم من موسيقى "الهيب هوب"، فكانت تربطهم بها علاقة روحية ونفسية، ومثلت الوحي الأول لفن الغرافيتى.
وانتقل الفن من جدران المدن الأميركية إلى جدران شارع محمد محمود في منطقة وسط البلد بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث بداية فن الغرافيتي في مصر.
روح عربية
وأضفى العرب على فن الغرافيتي روحا جديدة، حيث ابتكر فنان فرنسي من أصل تونسي، فن "الكاليغرافيتى"، وهو خليط من الخط العربي وفن الغرافيتي، لاستخدام الحروف العربية.
هذا المزيج انتشر بصورة واسعة في الشوارع العربية، ومن أشهر الرسومات التي استخدمت "الكاليغرافيتي" رسم عملاق على أكثر من 50 بناية في شارع منشية ناصر بالقاهرة.
وكتب فيها: "إن أراد أحد أن يبصر نور الشمس فإن عليه أن يمسح عينيه"، لتزيين تلك المنطقة الشعبية وإيصال فنهم للعالم".
وفي الإسكندرية، اجتمع مجموعة من الشباب على حب الغرافيتي، كهواية يمارسونها بهدف إزاحة القبح عن الجدران وإبراز جمال وتناسق الألوان، وتذكيرا بأن حب الفن والجمال يجري في دماء المصريين منذ الأزل.
وتتضمن أعمال شباب الإسكندرية، رسما لشخصيات شهيرة، كالداعية الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، وأخرى فنية، مثل: أم كلثوم وإسماعيل ياسين وسيد درويش، وأيضا شخصيات تاريخية كالإسكندر الأكبر وكليوباترا وأبو الهول، فضلاً عن العبارات التي يكون بعضها بالإنجليزية.
ويقول محمد فضة أحد شباب فن الغرافيتي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الشارع بيتي فقد سعيت إلى تنمية موهبتي بالممارسة والاعتماد عليها فقط".
وبدأت قصة فضة مع الرسم على الجدران بقلم الرصاص، فالقلم الخطاط، فالفرشاة والألوان المائية، وكان سطح منزله أول جدار "صامت" يحوله إلى لوحة تحكي قصة.
ولم يكن الأمر سهلا على الشاب المصري، فقد ادخر من مصروفه اليومي ثمن عبوات بخاخ الألوان الهوائية.
وتابع فضة (21 عاما)، الذي أنهى تعليمه الصناعي، أنه يعمل بأحد المحال التجارية بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا وحتى الساعة الواحدة من صباح اليوم التالي، لكنه لا يذهب إلى منزله دوما، بل يأخذ أحيانا معداته ويجوب الشوارع باحثا عن جدار فارغ، للرسم عليه.
محاربة القبح بالجرافيتي
ويرى فضة أن الإعلانات التي تتضمنها الأسوار والجدران، تعد من قبيل الإضرار بالمظهر العام للمدينة وبأعين المارة على حد سواء، وبالتالي فهو يحاربها من خلال رسوماته.
وائل أشرف (21 عاما) ويدرس بكلية التجارة، قال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه يرسم غرافيتي منذ 7 أعوام، وتعلم وائل هذا الفن من خلال لعبة على الإنترنت، والتي جعلته يبحث عن هذا النوع من الفن في مواقع "يوتيوب"، ليواظب بعدها على كتابة شعار "تحيا مصر".
وتعرف وائل أشرف على محمد فضة من خلال نشاطهم المشترك في تشجيع نادي الاتحاد السكندري.
أما عمر صالح، الشهير بـ "فيغو غرافيتي"، بدأ في امتهان رسم الغرافيتي بالشوارع وعلى الملابس منذ عام 2008.
وتعتبر منطقة استاد الجامعة أشهر الأماكن لرسوماته بالرسم الثلاثي الأبعاد، حيث قام بالرسم فيها ضمن مسابقة في عام 2013، وحصل خلالها على المركز الأول مناصفة مع زميل له، وشارك في المسابقة 8 فنانين، أما الجائزة فكانت علبة ألوان ألفا.
ويبلغ فيغو من العمر( 24 عاما) ويدرس في قسم المساحة بكلية الآداب، ورسم في مناطق عدة منها الشاطبي في الإسكندرية، واستاد جامعة الإسكندرية، وامتدت رسومه إلى القاهرة، ودهب، فضلاً عن المقاهي والسيارات، التي يرسم على جدرانها بطلب من أصحابها، الذين يتحملون تكلفة الألوان.
وينمّي فيغو موهبته عن طريق الرسم المتواصل، ويعلن عن نفسه من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".