عمال التوصيل في المغرب.. "حاجة ملحة" لا تخلو من المخاطر
17:17 - 04 ديسمبر 2020ما إن حط وباء كورنا رحاله في المغرب بداية شهر مارس الماضي، فارضا على البلاد اللجوء إلى الحجر الشامل الصحي كوسيلة للحد من انتشاره، حتى برزت الكثير من المظاهر الجديدة ومنها تنامي أعداد عمال التوصيل المنزلي.
إلا أنه وبعد نهاية فترة الحجر الصحي وصولا إلى الأيام الجارية، تحولت التوصيلات المنزلية من خانة الكماليات إلى "حاجة ملحة" بالنسبة للكثيرين.
سعيد، الذي يعمل موظفا حكوميا، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "واحد ممن باتوا يعتمدون على عمال التوصيلات كثيرا منذ بداية انتشار كورونا"، مضيفا أن "هذه الخدمة كانت منتشرة في المشرق العربي، ولم يكن المغاربة يعرفون مزاياها إلى أن جاءت ظروف الحجر الصحي".
هاتف ذكي لتقديم الطلبات عبر أحد التطبيقات الرقمية، ودولاران للشخص الذي سيوصل الخدمة إلى البيت، هما كل ما يحتاجه الزبون للإقبال على خدمة عمال التوصيلات المنزلية.
إلا أن الظرف الحالي فتح الباب على مصراعيه أمام مبادرات أخرى، فقد تأسست شركات متخصصة في تقديم خدمات التوصيلات المنزلية خلال الأشهر الماضية، منها ما يعمل بشكل حر، ومنها ما يعمل عبر التعاقد مع مختلف المحلات.
مريم مديرة شركة صغيرة تأسست بعد انتشار كورونا في المغرب للعمل في مجال التوصيلات السريعة، تركز عملها على مدينة الرباط ومحيطها، بدأت نشاطها بالتفكير في آلية تطوعية للحد من الازدحام عند نقاط البيع لتتفاجأ بتنامي الطلب على الخدمة هي والشباب الذين كانوا معها في البداية، وهو ما دفعها إلى "التفكير في تأسيس شركة لهذا الغرض، سرعان ما تمكنت من إبرام عقود بواسطتها مع عدد من بائعي منتجات مختلفة"، حسبما تقول لموقع "سكاي نيوز عربية".
ووجد عدد لا بأس به من الشباب العاطل في هذه الخدمات فرصة عمل، ورغم أن "شركات التوصيلات لا تزال تعمل في غياب إطار قانوني أو دعم عمومي ما، فإنها على الأقل ترسم الطريق للكثيرين"، حسبما تضيف مريم في إشارة منها إلى "بعض الشباب الذين يختارون العمل بمفردهم، وعبر استعمال حساباتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي، برغم مخاطر ذلك على العامل والزبون أحيانا".
ويركز على هذه النقطة عادل، الشاب الذي يقطن أحد أحياء مدينة سلا المجاورة للرباط، حيث بدأ العمل قبل 3 أشهر مع إحدى شركات التوصيلات حديثة العهد قبل أن ينتقل إلى العمل لحسابه الخاص.
ويؤكد عادل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذا العمل يوفر فرصة لا بأس بها لمكافحة الفراغ والبطالة"، لكن العمل الفردي في التوصيلات "يضعنا أمام مخاطر كثيرة، كأن نتعرض لتلاعبات البعض، فنضطر لدفع ثمن البضاعة وتضيع علينا أجرة التوصيل، فيما الشركات تتولى عنا هذه المتاعب"، ومشيرا إلى أن "بعض الأشخاص قد يدّعون أنهم عمال توصيلات لممارسة النصب والاحتيال على الزبائن. هذا نادر الحدوث لكنه يجعل عملنا صعبا".
وترى الباحثة في مجال حقوق الإنسان المهتمة بقوانين الشغل لمياء مساعد، أنه "ينبغي على الدولة التدخل لسد الفراغ فيما يخص النصوص القانونية التي تتطرق لهذا الموضوع، سواء من الناحية الحقوقية، كالتعويضات الاجتماعية لهذه الفئة والتصريح بها لدى صندوق الضمان الاجتماعي، إذ يعد ذلك حقا من الحقوق الأساسية وكذلك هو حق للدولة في تحصيل مداخيل ضريبية".
وتابعت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذه النشاطات تعطي دفعة للتجارة الإلكترونية، نظرا للدور الأساسي الذي أصبحت تلعبه في الاقتصاد، سواء الوطني أو العالمي".
ويقول علي الشعباني أستاذ علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن "هذا العمل تضامني بالأساس يفيد العاملين فيه ويفيد المواطنين على حد سواء"، مشيرا إلى "أهمية التوصيلات المنزلية في فترات الحجر الصحي، لكونها تساعد على تفادي عقوبات خرقه"، ومؤكدا على أن الأمر "يتعلق بثقافة جديدة وسلوك استهلاكي في المجتمع ينبغي دعمه وتطويره".
وبينما يتزايد الإقبال على خدمات عمال التوصيلات المنزلية، باعتبار ذلك من منافذ تنفيس ضغوط الحياة المعاصرة، تتزايد الحاجة إلى تأطير وتنظيم تلك الخدمات، وملاءمة ظروفها العامة مع القوانين وشروط السلامة، في ظل ما ينذر به مستقبل البشرية من ظروف مثيلة قد تحتاج من الجميع الاستباق أكثر، عسى أن تكون خدمات من هذا النوع صمام أمان صحي ذات يوم.