هل تضم تركيا شمالي قبرص؟ هذه أبرز السيناريوهات
19:57 - 25 نوفمبر 2020يرى مراقبون أن تركيا قد تقدم على ضم جمهورية شمال قبرص غير المعترف بها دوليا، بحلول 2023، العام الذي ستحتفل فيه بمئوية إنشاء الدولة التركية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك.
ويمكن أن تكون الخطوة ضمن سيناريو الرغبة التوسعية التي يبديها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهو أمر يثير مخاوف لدى الحكومة القبرصية.
وقال وزير الخارجية القبرصي، نيكوس كريستودوليدس، في 17 نوفمبر الجاري، إن أردوغان قد يضم شمال الجزيرة في غضون عامين.
وأشار الوزير القبرصي، إلى أن هناك خطرا حقيقيا بضم شمال الجزيرة الذي يسيطر عليه القبارصة الأتراك، ما لم يتم العثور على حل لتوحيد الجزيرة المقسمة بحلول عام 2023.
حديث كريستودوليدس، جاء بعد يومين فقط، من زيارة قام بها أردوغان لشمال الجزيرة وشملت منتجع فاروشا السياحي، وهي الزيارة التي وصفها الرئيس القبرصي بـ"الاستفزازية".
ودعا أردوغان أثناء الزيارة إلى حل الدولتين لتسوية مشكلة قبرص، مما يتعارض مع المبادرات التي ترعاها الأمم المتحدة على أساس نموذج فيدرالي.
بدوره، انتقد جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، تصريحات أردوغان في فاروشا، قائلا: "من الضروري أن تساهم تركيا في خلق بيئة مواتية للمفاوضات".
وقال: "إن رسالة الاتحاد الأوروبي واضحة للغاية: لا يوجد بديل لتسوية شاملة لمشكلة قبرص إلا على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وفي 1974، غزت تركيا، قبرص، ردا على انقلاب عسكري لم يدم طويلا من قبل القبارصة اليونانيين بهدف توحيد البلاد مع اليونان.
وظلت الجزيرة منذ ذلك الحين مقسمة بين جنوب يسيطر عليه القبارصة اليونانيون، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، وشمال قبرصي تركي تعترف به تركيا فقط.
احتمال وارد
ويقول الباحث السياسي القبرصي، إيوانيس يوانو، إن سيناريو ضم شمال قبرص إلى تركيا في 2023 لا يمكن استبعاده.
وأضاف أن حديث وزير الخارجية يأتي في سياق الجهود التي يبذلها الجانب القبرصي اليوناني من أجل استئناف جديد للمحادثات بعد فشل محادثات عام 2017.
ويضيف يوانو، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الناحية النظرية، يمكن لتركيا ضم شمال قبرص. ومن منظور القانون الدولي، لن يقبل هذا الأمر سوى عدد محدود من الدول، لكن ما نحتاج إلى فهمه هو أن سياسة إعادة النظر في السياسات التي تتبناها تركيا خلال السنوات الأخيرة، هي محاولة إضافة المزيد من الأراضي إلى تركيا، كما في سوريا".
ويتفق معه الدكتور عارف عبيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بون ديو في أثينا، الذي قال في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن تصريح الوزير أمر طبيعي ويدل على شعور الحكومة القبرصية بالحرج والقلق، وأن تركيا مصرة على شطر الجزيرة إلى نصفين، ولكن لن يكون هناك دولة للقبارصة الأتراك بل سيصبح الإقليم جزء من تركيا، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لقبرص، لأنه في حالة الضم سيصبح هناك حدود برية مع تركيا وهو أمر يضر بالأمن القبرصي".
فرض الأمر الواقع
ويقول يوانو: "أعلنت شمال قبرص، التي احتلتها تركيا بحكم الأمر الواقع منذ عام 1974، من جانب واحد، استقلالها عام 1983 من خلال إنشاء ما يسمى جمهورية شمال قبرص التركية، وهي خطوة رفضتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، باستثناء تركيا".
ويشير إلى أن تركيا تتمركز عسكريا في قبرص منذ عام 1974. والمجتمع القبرصي التركي يشهد أيضًا قدرًا هائلاً من الضغوط السياسية والاقتصادية والدينية من قبل أنقرة.
والسبيل الوحيد للحل، بحسب الباحث السياسي، هو الحل الذي يخدم جميع المواطنين القبارصة (القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك والأرمن والموارنة واللاتينيون)، وهذا سينهي الوضع الراهن غير المقبول للاحتلال العسكري التركي.
خطة الضم
يوضح الدكتور عارف عبيد، أن "تركيا الآن قادرة على ضم شمال قبرص ضمن حدودها، وهناك مسؤولية تقع على عاتق الحكومة القبرصية في هذا الأمر لأنها رفضت خطة كوفي عنان في 2004، وكذلك خطة كرانس مونتانا في 2017، وكانت هذه أقرب نقطة بين الطرفين للوصول إلى حل، وهو خطأ استراتيجي وقعت فيه الحكومة القبرصية ليس فقط برفض الاتفاق بل وعدم تقديم أي خطة بديلة من أجل الوصول إلى تسوية مرضية".
وتابع: "أعتقد أن الضم يمكن أن يتم من خلال تطبيق خطة ضم تركيا للواء الإسكندرون السوري، من خلال إعلان دولة، وهذه الدولة لن تكون قابلة للحياة، وبالتالي يعلن برلمانها الشكلي الانضمام إلى تركيا، وبهذه الطريقة سيتحول الإقليم إلى التبعية التركية".
ردود الفعل الدولية
هوشيار أوسوزي، المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي للشؤون الخارجية، قال في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية": "أعتقد أن الحكومة التركية الحالية، سترغب في ضم شمال قبرص لو كان بإمكانها، وهي تدفع بقوة نحو تقسيم قبرص إلى دولتين".
وأردف: "ولكن قبرص دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ولو أرادت تركيا فعل ذلك، فعليها أن تدخل في صراع مباشر مع دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ولو أقدمت تركيا على فعل ذلك فيسكون قرارا صعبا للغاية، وسيكون له تبعات".
لكن الدكتور عارف عبيد، له موقف مغاير، فهو يرى أن "قبرص لا تستطيع فعل الكثير، في حال أقدمت أنقرة على عملية الضم، لأنها لم تفعل ما يطلب منها للوصول إلى حلول حقيقية، وأوروبا حاولت وضغطت على الطرفين للوصول إلى الدولة الاتحادية، لكن موقف الدولة القبرصية المتشدد جعل الموقف الأوروبي يصل إلى حالة اللامبالاة، وربما يسعى إلى الوصول لحل سلمي حتى لو كان على حساب تقسيم جزيرة قبرص".
بينما يقول يوانو إن الاتحاد الأوروبي يتبع نهجا قويا تجاه إيجاد حل شامل لمشكلة قبرص من خلال اعتماد نموذج (اتحاد ثنائي الطائفتين) وضمان تنفيذ تشريعات الاتحاد الأوروبي على كامل أراضي قبرص.